طوال الثمانية والعشرين شهراً الماضية، وقفنا مع سوريا ووحدتها وأمنها الوطني ودورها القومي وخطها المقاوم، ووقفنا مع الجيش العربي السوري، ووقفنا معك؛ شيء ما... ربما تحدّيك للغزو الأميركي في العام 2003، ربما تحديك للغزو الإسرائيلي في العام 2006، ربما إيمانك بالمقاومة واصرارك على دعمها، ربما مشروعك لتحديث القوات المسلّحة السورية.. وربما استهدافك ــــ شخصا ورمزا ــــ من لدن أعداء سوريا، حتى أولئك الذين يقبلون منهم باستمرار النظام، يرفضونك؛ إذاً فقد خبروك، وعلموا أنك الدينامو المقاوم في التركيبة الحاكمة في الجمهورية!
وبالنسبة لي، وللكثيرين، ستكون لحظة إعلان فوزك بالانتخابات الرئاسية في العام 2014، لحظة انتصار لحركة التحرر العربية في مواجهة عدوان استهدف قلبها السوري. لكنه عدوان ما كان ليحقق فعاليته الدامية، لولا ارتكازه إلى معطيات داخلية ثلاثة، هي (1) إدارة أمنية لا عقلانية للسياسة الداخلية، تمنع السجال والنقد والمبادرة، وتُخضع المبادرين إلى القمع والاعتقال والتهميش، (2) وإدارة سلطوية للاقتصاد، تجمّد القطاع العام وتخضعه ــــ مع قسم كبير من موارد الدولة ــــ لمصلحة الخصخصة وتوسّع القطاعات غير المنتجة، وتكوّن فئات مستفيدة من تزاوج النفوذ بالبزنس، (3) وفساد ــــ من كل الأحجام والأشكال ــــ هو وليد طبيعي لما سبق.
تشكلت، جراء تفاعل هذه المعطيات، كتل اجتماعية جماهيرية، قاد الإفقار بعضها إلى وعي ديني طائفي فوضوي، ولاحقاً تخريبي واجرامي، وقاد اليأس بعضها إلى القبول بالغزاة، وقادت المحنة بعضها إلى النزوح أو الجمود. لكن بعضها الأخير، نهض، من زنزانته وقهره وفقره، يقاوم دفاعاً عن الوطن.
وكنّا نتطلّع، ولا نزال، إلى الوجه الإيجابي من الحرب؛ أن تكون مرحلة الأخطار والآلام، فرصة تاريخية لإنجاز التغيير الشامل، نحو الحريات والمشاركة السياسية، وتصفية الفئات الكمبرادورية، ووقف التداخل الفظ بين التجارة والإمارة، وتطهير الدولة من شبكات الفساد.
ولعله آن الأوان؛ فحين تلوح بشائر النصر ـــ بدماء أبناء الكادحين في الجيش العربي السوري ـــ سيكون علينا ألا نسمح للمعطيات الثلاثة التي سهّلت للعدوان، أن تستعيد سطوتها.
70 في المئة من السوريين معك يا سيادة الرئيس، لا مع النظام، ومعك الجيش والمقاومة والقوى اليسارية والقومية التقدمية والمثقفون الوطنيون، وقد تجمعت لديك من عناصر القوة المحلية والإقليمية والدولية، ما يمكنك من تحقيق التغيير، ليس التغيير الذي يريده الليبراليون من اصلاحات سياسية ودستورية الخ، وإنما التغيير التقدمي الضروري لسوريا المقاومة وشعبها المكافح، والذي يبدأ من تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلي كافة التيارات والقوى الاجتماعية الوطنية، وتكون مهماتها (أ) الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية للحرب التي تخوضها سوريا ضد الغزو الإرهابي، وتحشيد كل الإمكانات من أجل حلول فورية وعميقة للمشكلات المعيشية، (ب) إعداد وتنفيذ خطة مركزية لإعادة الإعمار وفق أولويتين، أولوية الاعتماد على الذات والأولوية الاجتماعية والإنتاجية، (ج) استعادة سيطرة الدولة على العملية الاقتصادية والمالية، تطوير وتوسيع القطاع العام، تحفيز القطاع الخاص في الصناعة، ودعم الانتاج الفلاحي، (د) تطهير أجهزة الدولة من بؤر الفساد، ومطاردة الفاسدين والمضاربين الخ كخونة في زمن الحرب.
المقاومة في الجولان، خيارك الاستراتيجي الذي يقلّدك موقع القيادة من حركة التحرر الوطني العربية، سيظل، يا سيادة الرئيس، حلماً ما لم ينهض على قاعدتيّ التنمية والديموقراطية الاجتماعية.
التنمية ليست استثمارات أجنبية (أو محلية) في المجالات المالية والعقارية والخدمية والجامعية الخ ؛ بل التنمية عملية مضادة لمعظم ما وقع في الاقتصاد السوري، خلال العقد الأخير، من ميول الاندماج في السوق المعولَم، والتي ارتبطت بالنائب الاقتصادي السابق، عبدالله الدردري. ليس الدردري، في النهاية، صاحب القرار، وإنما هو عنوان لتيار عريض في النظام؛ هل كنتَ ترى أن ذلك هو الطريق؟ وهل هناك شرعية للبعث إلا أنه اشتراكي؟ وهل كنتَ ترى في الانفتاح المدمّر على تركيا، مأمناً... يأتي من اجتماع العدوين التاريخيين، الأطماع العثمانية والإخوان المسلمين؟ وهل من الممكن، بعد كل ما حصل، أن تستمر عناوين ما قبل 2011؟
بمثل رجولتك في التصدي الجسور المديد، لمن اجتمع عليك من أعداء جبارين، تبرز أمامك مهمة النقد الذاتي والقطع مع حقبة البزنس والانفتاح، وإلغاء كل ما ارتبط بتلك الحقبة، بلا تأخير. وبمثل صلابتك في تحدي الامبريالية والصهيونية والرجعية، يلوح أمامك التحدي الأخطر لضرب شبكة الاندماج بين السلطة والبزنس، ووضع حد نهائي، وللمرة الأخيرة، لكل من يدور حولك، وفي ظلك من هؤلاء.
قلها يا سيادة الرئيس:
سوريا لجنود وضباط الجيش العربي السوري،
سوريا للكادحين والمنتجين،
سوريا للمناضلين والمقاومين.
8 تعليق
التعليقات
-
مقال في الصميمالمقال يشير الى عمق في التحليل ووطنية حقيقية تستشعر هم المواطن العادي.. سوريا بحاجة لكل من يحبها و يحرص على بقائها في وجه هذه المؤامرة غير المسبوقة و التي تورط فيها بعض أبنائها للأسف.
-
ماللناس بقروش وفق قوانينماللناس بقروش وفق قوانين ومخططات تنظيم تخدم مصالحهم دمروا غوطة دمشق واحالوها كتلاً بيتونية لهم ولشركائهم في الخليج وغيره... سرقوا الآثار التي نكشوها بمعدات مستوردة خصيصاً لهم ... لم يبقوا مما وجدوه إلا ما لا يباع لسهولة افتضاح أمرة كونه من الطين وليس الذهب الذي صهروه بغباء ملفت... من أين لرامي مخلوف نقداً 48 مليار دولار نقلها بالطائرة الى بلروسيا و 126 مليار دولارنقداً للقائد واربعة مليارات جنيه استرليني نقداً للسيدة الإنكليزية (السورية الأولى) أسماء الأخرس... والمولات والعقارات التي اشترتها في لندن ليست من أموال أبيها الذي لم يكن يملك أكثر من بيت بسيط... بربك أبو النواهض لمن البنوك الخاصة في سوريا.. إنهم المالكون للحصة الكبرى منها؟؟؟؟؟ لمن شركات المال والعقار والإستثمار... والأبنية الضخمة والمساحات الشاسعة التي أصبحت بوراً غير مزروعة بعد أن استملكوها من الفلاحين وأصحابها الأصليين بقروش...؟؟؟؟؟ الإتصالات و سيرياتل و أم تي إن ومئات الشركات القابضة (الشام وسوريا وابراج دمشق و و و ) التي قبضت أرواح السوريين وشردتهم من قراهم وبيوتهم ليصبحوا من سكان الحدائق العامة في عام 2008 وما تلاه هل ستعود ممتلكاتها للشعب السوري؟ أم أن هذه الشركات ستبقى تحول مدخولها الأسبوعي من الليرة إلى الدولار وترسله على بلروسيا وغيرها وهو ما يحدث الآن؟ الدولار المدعوم للتجار ( هؤلاء التجار المعدودون على الأصابع... وحدهم يستوردون الغذاء والدواء والقماش وكل شيء ويبيعونه للشعب في زمن الحرب) هل يجرؤ أحد على استيراد السكر والرز والشاي والمته والزيت والسمن والعلف والطحين والموز والبطاطا والذرة والقمح الذي كنا نفخر بنوعية وكمية الإنتاج منه... وغيرهم....
-
دود الخل منه وفيه........!!!!!!!؟؟؟؟؟يمكن لهذا المقال أن يحصل وبجدارة على أسوأ مقال عالج القضية السورية منذ نشأتها.....!!!!؟؟؟؟؟ والكاتب المحترم أما أنه يعيش في عالم وكوكب آخر ....أو أنه يعاملنا كقراء على أننا صم بكم لا يفهمون....!!!؟؟؟ الكاتب المحترم أي إصلا ح تطلب من رمز الفساد....الذي أوصل بلاده إلى أسوأ مصير من جميع النواحي....ولعلمك سورية مصنفة من أكثر الدول فسادآ في العالم وهذا اللقب مستحوذة عليه منذ سنين طويلة بجدارة لا ينافسها فيه أحد سوى الصومال وإفغانستان ومشتقاتهما ....!!!؟؟؟ الرئيس الذي تطلب منه الأصلاح يعتبر البلاد والعباد ملكآ وخدمآ له ولا يقبل أي توجيه أو إستشارة من أي أحد....!!!؟؟؟ هذا الرئيس الذي تتوجه إليه بمقالك لو أنه سمع نصائح غيرك ،وقرأ التاريخ بشكل جيد.... لما وصلت الأمور لما وصلت إليه ....ولأصبح قائد وطني بأمتياز ...ولكنه رفض كل النصائح وأثبت أنه لا شبيه له بين الحكام العقلاء....والمجانيين أيضآ....!!!؟؟؟لقد أستحوذ على صفات لم يستطع دكتاتور في العالم قديمآ وحديثآ أن يجمعها....!!!!؟؟؟ هنيئآ له ولأسرته بهذا التاريخ الذي سوف يكتب عنه طويلآ...!!!؟؟؟ عاشت سورية حرة أبية
-
عيش لينبت الحشيشيا زلمة قديشك مغشوش فيه! يعني برأيك الإدارة الأمنية والإقتصادية للبلد كانت تنفذ عكس أوامر سيادتو؟ طيب إذا هيك كان الواقع لماذا لم يُحاسبوا أو على الأقل يُستبدلوا؟ ولماذا البدلاء لمن استبدل منهم استمروا في نفس السياسات؟ كما جرت العادة فإن عدم تنفيذ الوعود سيكون بحجج تتراوح بين عدم وجود كفاءات لتغطية كره أصحاب القرار في النظام للأوادم وبين أخطاء فردية هي في حقيقتها منهجية ومقصودة. إحداث أي من التغييرات التي ذكرت لن يحدث طالما قيادات النظام تعتبر أي إصلاح بأنه تنازل منها وبأنه لايمكن القيام به من دون حوار، واعتبارات النظام هذه لن تتغير إلا بتغير نظرة صاحب العصمة الصغرى لسوريا على أنها ليست سوى دولة عبور أو باقتناع رجل روسيا القوي بعدم حاجة بلاده لاستغلال ما يحدث في سوريا لإثبات أنها قوة عظمى. عدا ذلك أستاذ ناهض إذا متوقع يصير أي شيء مما ذكرت في مقالك فما عليك إلا التقصي عن خلفيات وأسباب اختيار محافظ حمص الجديد (...)
-
كلمة لو تفتح عمل الشيطان!!!أسمعت لو ناديت حيا. ولكن لا حياة لمن تنادي. لو لم يعاند النظام .. لو كان عند الرئيس ذرة من الذكاء ...لو انه أنصت لصوت العقل ... لو انه نظر حوله وما كان يحدث في دول الجوار .. لو انه تعامل مع المتظاهرين بمحاولة تلبية بعض من مطالبهم..بدلا من تقتيلهم.. لو انه تصرف بشيء من الحكمة لا بالعصبية القبلية ... لما تدمرت بلدنا ولما هاجر ونزح مليون مواطن سوري ولما نهشت بلاد النفط والملح جسد سوريا و لما تجرأت الصهيونية الإسرائيلية والصهيونية العربية واستباحت أرضنا وسماءنا وبحرنا. الى الآن وبعد كل الدمار الذي حل بنا لايزال الرئيس وطاقمه يتصرفون وكان سوريا مازالت مزرعة خاصة بهم. العقلية نفس العقلية والثقافة نفس الثقافية. ولا كأنك يا زيد ما غزيت. لا فائدة من مناشدته يا عزيزي فقد ناشدناه من قبل وتوسلنا وشكونا وسكنا في غربتنا ، دون فائدة،
-
والله هالناهض زلمي مبدئيوالله هالناهض زلمي مبدئي وجريء كمانا.
-
الظاهر كمان مش عم يرد علىالظاهر كمان مش عم يرد على إيميلاتك؟
-
جميل و ضروري وأرجو وأنا لاجميل و ضروري وأرجو وأنا لا أفهم اقتصاد أن يكون ما تقول شيء يمكن عمله في بلد خارج من مثل هذا الدمار... أو في أي بلد للصراحة في هذا العصر. ولنا أن نتمنى أن يكون ممكن عمليا.