أتى المؤتمر الصحافي لنقابة المعلمين بشأن حكايات الصرف من المدارس الخاصة بلا أسماء المدارس. النقابة جهّلت الفاعل بعد رضوخها لضغوط المرجعية الدينية في بكركي، حسبما تردد. مع العلم أنّ المرجعية نفسها التي تمنت على النقيب نعمه محفوض عدم ذكر الأسماء اتهمت، وعلى لسان الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، نقابته بأنّها تتحدث في العموميات لأهداف الدعاية الانتخابية فحسب، من دون أن تكون قادرة على ذكر حالات صرف محددة.
صحيح أنّ محفوض نفى أن تكون قد سجلت حالة صرف واحدة لأسباب مسلكية، كما قال عازار لـ«الأخبار». وهو شكّك في أن تكون الأسباب الاقتصادية هي وراء وضع أكثر من 200 معلم خارج صفوفهم، وأن تكون رواتب المعلمين تكفيهم حتى العاشر من كل شهر. ومع ذلك فقد اكتفى بذكر عدد من الحالات مع أسماء المناطق فقط.
لم يشارك المعلمون المصروفون في المؤتمر الصحافي لرواية تجاربهم الشخصية كما كان مقرراً. وحدهن معلمات مدرسة الصادق المجانية التابعة للجمعية العاملية، حضرن في نهاية اللقاء بهدف متابعة قضيتهن مع المستشار القانوني للنقابة لكونه يحضر كل إثنين. بدت المعلمات ساخطات على إدارة مؤسستهن وخصوصاً لجهة ما قاله مدير مكتب الجمعية محمد حمادة لـ«الأخبار» أنّ «المعلمين كانوا في جو إقفال المدرسة وسنستعين بهم في مدارس أخرى تابعة للجمعية». تقول غادة عيسى (24 سنة تعليم في المدرسة) إنّ الكلام «ليس صحيحاً لأنّ كتب الصرف وصلتنا دون سابق إنذار رسمي باستثناء الوشوشات التي كانت ترد إلينا بالتواتر عن مشروع بيع أو استثمار للمدرسة، علماً بأنّ آخر راتب دفع لنا كان في شباط الماضي ولم تدفع المدرسة لصندوق التعويضات منذ 2005 على الرغم من أنها كانت تقتطع 6% من راتبنا الذي لا يتجاوز مليوناً ونصف المليون ليرة». اليوم لا تستطيع عيسى التعليم في مدرسة أخرى لأنّها تحتاج إلى ضم خدماتها في صندوق التعويضات الذي يطالب الجمعية بأمواله. تلفت إلى أنّ التفتيش التربوي حضر إلى المدرسة ودقق في السجلات وقال المفتشون يومها إنّ هناك هدراً كبيراً. لكن كما تقول إحدى المعلمات «هودي الجماعة إلن إيد وإجر وين مكان». وتلفت معلمات أخريات إلى أنّ أصحاب الجمعية لن يدفعوا لهن تعويضاتهن الأساسية والإضافية قبل أن يبيعوا. المفارقة أنّ صاحب إجازة المدرسة المجانية هو نفسه صاحب إجازة المدرسة غير المجانية، فكيف يكون لديه أموال هنا وليس لديه أموال هناك. كذلك نفت المعلمات أن يكون صاحب المدرسة قد أبلغهن بأنّه سيستعان بهن في مدارس أخرى تابعة للجمعية.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أنّ جمعية دينية إسلامية بدأت هذا العام بصرف من مضى على خدمتهم سنوات كثيرة في الخدمة للإتيان بمعلمين جدد تجدد عقودهم كل سنتين أو ثلاث بغية التهرب من دفع الحقوق والتعويضات.
ومن الحالات التي ذكرها محفوض أنّه في تعلبايا، طلبت إدارة إحدى المدارس من معلمة بعد 24 سنة خدمة أن تستقيل لأنها تزوجت وستنجب بطبيعة الحال بعد وقت وستغيب 60 يوماً عن المدرسة. عندما رفضت في البداية، استدعيت شقيقتاها المعلمتان اللتان تدرّسان في المدرسة نفسها وهُددتا بالصرف. في النهاية تم صرف احداهن مع شقيقتها المتزوجة.
فجأة ومن دون سابق إنذار، وفي سنة واحدة، انهار الوضع الاقتصادي في مؤسسة تربوية في زغرتا، فصرفت الإدارة 32 معلماً. وعندما طلب المصروفون من الرئيسة (في إشارة إلى أن المؤسسة تتبع مرجعية دينية) أن تدفع ما عليها من تعويضات أساسية وإضافية، كان جوابها قدّموا استقالاتكم واذهبوا لصندوق التعويضات لأخذ التعويض. لم يقنع الجواب أحد المعلمين فردّ أنّه دون 25 سنة خدمة فعلية وأنّه لا يستطيع أن يأخذ تعويضاً من الصندوق وإن استقال. فقالت له إنّ النقيب لا يقول الحقيقة! علماً أنّه من يقول ذلك وليس النقيب.
إلى ذلك، احتجز مدير مدرسة في المنية راتب معلمة عن أشهر أيار وحزيران وتموز لمجرد أنها رفضت الاستقالة وطالبت بتعويض أساسي وإضافي.
وبعد 33 سنة، رفضت إحدى المعلمات أن تستقيل تحت الترهيب، فأرسل لها بالبريد 3 إنذارات في مدة لا تتجاوز الشهر، وعلى مدى 33 سنة لم يوجه لها أي إنذار بل شهادة تقدير معلقة في صدر بيتها.
مدير مدرسة الإعدادية الحديثة يلزم معلميه في نهاية العام الدراسي بتوقيع استقالاتهم وإبراء ذمته من كل المستحقات ومن ثم يتعاقد معهم للعام الجديد، مع أنّه لا يسدد الرواتب القانونية (الرواتب تتراوح بين 500 و600 ألف ليرة لبنانية) ويصرّح عنهم لصندوق التعويضات براتب أقل بقليل مما يقبضون (440 ألف ليرة) ولا يسدد المحسومات للصندوق.
مدير مدرسة بقاعية ساوم معلمة لها 37 سنة خدمة على 15 مليون ليرة تعويضاً لكي تستقيل.