أمس، حضر وزير المال، محمد الصفدي، الجلسة الثانية من جلسات درس سلسلة الرتب والرواتب في اللجنة النيابية الفرعية، إلا أنّه رفض الإدلاء بأي رأي أو شرح بحضور هيئة التنسيق النقابية. الصفدي لم يتحدث أيضاً في الجلسة مع ممثلي الأسلاك العسكرية والأمنية، فموقف وزارة المال عبّرت عنه مديرة الصرفيات عليا عباس حين نفت ما قالته لجنة العسكريين لجهة التمييز بين الأسلاك الإدارية والعسكرية. لكن اللجنة وضعت بين أيدي النواب والوزراء دراسة مفصلة بالأرقام تظهر فيها عدم المساواة بين حقوق العسكريين والأمنيين ومن يوازيهم في الرتبة من الموظفين الإداريين والفنيين. وتقول مصادر عسكرية لـ«الأخبار» إنّ الموظف الإداري بات يتقاضى راتباً أعلى من الموظف العسكري في الفئة الوظيفية نفسها. فالزيادة على راتب موظف الفئة الثانية تحديداً تصل بعد إعطائه غلاء المعيشة إلى 62%، أما الزيادة للأسلاك العسكرية في التصنيف نفسه فتتراوح بين 25 و30%.
وحده وزير الدولة مروان خير الدين من بين 12 وزيراً شاركوا في الجلسة ردّ على هيئة التنسيق بالقول «إنّ السلسلة مطلب حق، والدليل أننا أقررناها في مجلس الوزراء، لكن يجب مراعاة تأثيرها على الوضع الاقتصادي والنقدي العام وإمكانات الدولة المادية».
وكانت جلسة أمس قد خصصت للاستماع إلى هيئة التنسيق النقابية وممثلي الأسلاك الأمنية والعسكرية. وقد دعت اللجنة النيابية اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، الذي يمثل أصحاب المدارس الخاصة، للوقوف عند رأيهم بالسلسلة تماماً، كما دعت هيئات أصحاب الرساميل ومصرف لبنان إلى الجلسة الثالثة التي تعقد اليوم لبحث التأثير الاقتصادي للمشروع.
هذه الدعوة أثارت حفيظة هيئة التنسيق، إذ لا «مبرر لأخذ رأي الهيئات الاقتصادية بقضية تعني موظفي الدولة وصاحب عملهم هو الدولة، كما أنّ أصحاب المدارس الخاصة آخر من يستطيعون أن يتكلموا لكون معلميهم، دون سائر الموظفين، لم يقبضوا حتى الآن غلاء المعيشة».
مشهد تعاطي الحكومة مع السلسلة يتكرر، كما يقول قادة الهيئة الذين سلموا اللجنة الفرعية نسخة عن الاتفاق المكتوب بين هيئة التنسيق واللجنة الوزارية، وفيه أن سلسلة أفراد الهيئة التعليمية تبدأ بمليون ليرة لبنانية وليس هناك كلام عن تقسيط أو تجزئة للدرجات أو خفض للأرقام. من هنا، طالبت الهيئة بتعديل المواد بما ينسجم مع مذكرتها المطلبية التي باتت في حوزة جميع النواب والكتل النيابية. ورفضت تقسيط السلسلة وتجزئة الدرجات، إذ لا قيمة للسلسلة إذا قبضت بعد أربع أو ست سنوات، داعية إلى إنصاف المتعاقدين والمتقاعدين والأجراء. وأظهرت الهيئة كيف أنّ الحكومة خرجت عن الاتفاق مرتين: المرة الأولى في قرار مجلس الوزراء في 6 أيلول 2012 والمرة الثانية في 21 آذار الماضي، ولم يكن بالمناسبة لدى نواب اللجنة الفرعية نسخة عن قرار 6 أيلول، فتم تصويره وتوزيعه عليهم. وشددت الهيئة على إقرار السلسلة في أسرع وقت ممكن، مع الأخذ في الاعتبار ملاحظاتها الجوهرية.
اعتراض الهيئة على حضور ممثلي أصحاب المدارس الخاصة لم يمنع اللجنة الفرعية من استقبالهم، إذ سلموا النواب مذكرة بمطالبهم المتمثلة بتكليف لجنة من أهل الاختصاص، تربويين، ماليين واقتصاديين، لإعادة النظر بمشروع السلسلة، على أن يكون الاتحاد ممثلاً في هذه الاجتماعات. وناشد الاتحاد إضافة بند في موازنة الدولة يحقق توفير الموارد الناتجة من إقرار السلسلة للمعلمين في القطاع الخاص أسوة بالمعلمين في القطاع العام. ودعا إلى وقف ما سماه بدعة المفعول الرجعي لكونه يتعارض مع القانون 515 الذي ينظم كيفية وضع الموازنة المدرسية السنوية، (كل سنة بسنتها)، ضمن أصول معروفة وواضحة لا تلحظ ادخارات، كما لا يلحظ في أحد بنوده ذكر أي مفعول رجعي للقوانين.
ويعاكس المفعول الرجعي، بحسب الاتحاد، قرارات مجلس شورى الدولة الذي أصدر رأياً يرفض هذه البدعة لجميع النصوص الصادرة حتى اليوم لعدم قانونيته ومخالفته لصدقية التشريع.
وإذا لم يتحقق ذلك، طلب الاتحاد من الدولة التزام إيجاد سبل لدفع هذه المبالغ للمعلمين في المدارس الخاصة، لأن قرار المفعول الرجعي يرتبط بتأخر الدولة في إقرار الزيادات، علماً بأنّه لا يوجد أي بند في الموازنة المدرسية المقررة لمساهمة الدولة في دعم المدارس الخاصة للتعويض عن هذه الكلفة الإضافية والمفاجئة.
وأكد الاتحاد أهمية إدغام الدرجات الاستثنائية الصادرة اعتباراً من القانون 244/2000 وحتى تاريخه، في السلسلة إذا تم إقرارها، مطالباً بالموافقة على ربط مساهمة الدولة والقسط المدرسي في المدارس الخاصة المجانية بجميع الزيادات الناجمة عن القوانين والمراسيم التي تتعلق بغلاء المعيشة، وليس بالحد الأدنى للرواتب والأجور في القطاع العام كما هي الحال الآن، وأي تصحيح لرواتب المعلمين والإداريين يحتاج إلى قانون يحيله مجلس الوزراء مع آلية تنفيذه.