منذ دخول المعارضة المسلحة بلدة «تل حميس»، التي تبعد نحو40 كم جنوب القامشلي، لم يهدأ الجيش السوري، الذي يواصل قصف البلدة بالطائرات المروحية وبالمدفعية الثقيلة. وهذا ما تسبب بنزوح معظم أهالي البلدة، التي اقتحمتها «الكتائب» في شباط الفائت. في الأيام القليلة الماضية، غيّر الجيش السوري في تكتيكه؛ ليشنّ حملة برية على بعض معاقل المسلحين، معتمداً في ذلك على «جيش الدفاع الوطني»، الذي يتكون من عناصر تابعين للعشائر العربية الموالية للحكومة.
وقد أسهم الشيخ محمد الفارس، أحد شيوخ عشيرة «طي»، في إنشاء هذه المجموعات. وتفيد تسريبات علمت بها «الأخبار»، أنّه أُرسل عدد من هذه المجموعات إلى جبهات ريف حلب. وبدأت، أخيراً، حملة اعتقالات واسعة في ريف الحسكة، شملت كل من له صلة بالكتائب المسلحة، وخاصة في القرى الواصلة بين طريقي القامشلي _ تل حميس والقامشلي _ تل براك، كما أقامت حاجزاً كبيراً في مخفر «أبو قصايب» (15 كم شمالي تل حميس)، فيما نصبت حواجز أخرى في قريتي خراب عسكر وكولي القريبتين، لمنع تقدم المسلحين وشلّ حركتهم.
ويتحدر معظم عناصر «الجيش الوطني»، الذين يقدر عددهم بنحو1000 عنصر، من القرى الواقعة بين القامشلي وتل حميس، ذات الغالبية العربية. وهو ما سهل مهمتهم في حملة الاعتقالات والاغتيالات، التي شملت متعاونين مع المسلحين. وفي أول جولة مواجهات، شنّت «الكتائب» هجوماً على حاجز «جيش الدفاع» عند مفرق قريتي كولي وعبار، أدى إلى مقتل 5 عناصر «موالين»، وعنصرين من المهاجمين.
كذلك اقتحمت «كتيبة أحرار البادية» قرية شرموخ، واعتقلت 4 شبان من عشيرة بني سبعة العربية، وأعدمت اثنين منهم ميدانياً. وأفاد مصدر من القرية «الأخبار»، بأنّ غالبية أهالي شرموخ، البالغ عددهم نحو200 شخص، هم موالون للحكومة، موضحاً أن «الكتائب» تنظر اليهم كـ«عملاء للنظام» في المنطقة.
وتؤازر المعارضة المسلحة التي تسيطر على بلدة تل كوجر «اليعربية» قرب الحدود العراقية، كتائب تل حميس بالعتاد والمسلحين. وفرضت هذه الكتائب حصاراً على مخفر «أبو قصايب»، فيما تضاربت الأنباء حول سيطرتهم على المخفر، في ظل قصف الجيش المنطقة بالمدفعية.
وشهد ليل الأربعاء _ الخميس، أعنف قصف مدفعي وجوي منذ سقوط بلدة تل حميس، إذ سقطت نحو50 قذيفة على القرى المحيطة بمخفر «أبو قصايب»، خلال ساعات، أدت إلى مقتل 5 مدنيين في قرية شرموخ، وتدمير عشرات المنازل. واستهدف الجيش ظهر أمس، قرية «الحصيوية» القريبة من تل حميس بخمسة صواريخ، أدت إلى مقتل10 أشخاص بينهم مسلحون، إضافة إلى جرح نحو 12 آخرين. فيما أصيب نحو20 مسلحاً موالياً، وصلوا إلى المستشفى الوطني في القامشلي.
ويؤكد مصدر محلي لـ«الأخبار»، أنّ «معظم القرى العربية المحيطة بـ أبو قصايب هي موالية للنظام»، مشيراً إلى أنّ المجندين في «الجيش الوطني يثقون بقوة النظام، الذي يدفع لهم رواتب، ويزودهم بالأسلحة». وبحسب المصدر، فان القرى المحيطة بـ«أبو قصايب» تشهد موجة نزوح كبيرة، من جراء القصف العنيف، بعد دخول الكتائب اليها. في وقت تُراقب فيه وحدات الحماية الكردية (YPG) المشهد بحذر، حيث لا يبعد حاجز الأكراد في قرية «حاركي» أكثر من كيلومتر واحد عن «شرموخ». وأشار المصدر إلى أنّ مقاتلي (YPG)، الذين يسيطرون على معظم مساحة المنطقة، دخلوا في حالة استنفار.
وفي مدينة الحسكة، شهدت منطقة الدوار الأخير في حيّ النشوة الغربية، وكذلك حيّ الكلاسة، اشتباكات عنيفة. تزامن ذلك مع اغتيال مجموعة مسلحة مجهولة، عميد كلية التربية في مدينة الحسكة أمام مبنى الكلية في حيّ النشوة. وفي بلدة تل براك، قصفت الطائرات المروحية نقاطاً عديدة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.