لا يوجد ما يجعلنا ندهش من الأخبار المتتالية عن التنسيق السعودي ــ الإسرائيلي ضد إيران وسوريا؛ فلقد أصبح معروفاً أن الرياض كانت من بين الطهاة الرئيسيين للحرب الإسرائيلية على مصر عبدالناصر في حزيران الـ1967. ينبغي القول، للإنصاف، إن السعوديين أرادوها حرب تأديب وتحجيم لجمال عبدالناصر، لا حرب احتلال دائم. ولكن هذه هي إسرائيل التي تفيد، كالعادة، من السياق العام المتولّد عن الأهداف المشتركة مع الحلفاء، ثم تمضي، وحدها، حتى نهاية الشوط.
هناك الآن ثلاثة أهداف سعودية ــ إسرائيلية مشتركة هي: لجم إيران وإسقاط النظام السوري ومحاصرة حزب الله، لكن، لدى النجاح في تحقيق هذه الأهداف، سوف تذهب إسرائيل نحو تحقيق أهدافها الخاصة: تصفية القضية الفلسطينية في صيغة الكونفدرالية ــ الوطن البديل في الأردن، وابتلاع الجولان، وتجديد احتلال أجزاء من الجنوب اللبناني، وفرض شروطها في مجال استثمارات النفط والغاز في هذا البلد.
تكشف صحيفة «يدعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن الجهود الناجحة لوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، جون كيري وتشاك هاغل، لتكوين محور يضم إسرائيل وتركيا والسعودية والإمارات والأردن والسلطة الفلسطينية، في مواجهة إيران. وفي الاتجاه نفسه، يؤكد المستشار العسكري لخامنئي، اللواء يحيى رحيم صفوي، «وجود مخطط أميركي إسرائيلي تركي سعودي قَطري لإسقاط الأسد، قبل الانتخابات الإيرانية، في 14 حزيران المقبل». ولم يسمّ صفوي الإمارات بالاسم، كما أنه اكتفى بالقول إن الرياض تسعى «لاستدراج» الأردن إلى المشاركة في ذلك المخطط.
يمكن للمرء أن يستنتج أن انتخابات إيرانية تجرى بعد سقوط النظام السوري ومحاصرة حزب الله، سوف تؤدي إلى فوز القوى «الأكثر اعتدالا» في إيران، وتمهّد أمامها السبيل للتعاون مع الغرب، ومهادنة إسرائيل.
بالخلاصة، للأتراك وعرب الخليج وتركيا وإسرائيل، مصلحة مشتركة في قص الأجنحة الإيرانية وتركيع طهران، من خلال عملية حربية لإسقاط الأسد، وعزل حزب الله، وإشعال الحرب المذهبية لإغراق العراق، مجددا، في مستنقع الفوضى والتمزّق. وهو ما سيحقق هدفا أكبر هو منع روسيا من التحوّل قطباً عالميا، ومن ثم مهاجمتها، بالإرهاب، في عقر دارها.
الخطة المعادية تتكون من عمليتين، إحداهما قائمة ويجري تطويرها. وهي تدريب عصابات المسلحين، وتزويدها بالرجال والمال والأسلحة النوعية. وجرى توسيعها، مؤخرا، لتشمل الجبهة الأردنية، كما جرى العمل على تفجير الوضع الداخلي في العراق، وصولا إلى الانهيار الأمني في المحافظات المحاذية لسوريا، وتمكين الإرهابيين من التواصل عبر الحدود. وبينما يجري، منذ سنتين، تزويد العصابات بأسلحة مختلفة، فإن القرار بشأن السلاح النوعي، لم يُتّخَذ بعد، ربما بانتظار تكوين قوة موالية ومنضبطة، لتسلّمه. العملية الأخرى التي تنتظر ساعة الصفر، تتمثل في تدمير سلاح الجو والدفاعات الجوية في سوريا. ولن يذهب الحلف المعادي إلى مجلس الأمن، حيث يستحيل الحصول على قرار بفرض منطقة حظر جوي في البلد الحليف لموسكو، بل ستوكل المهمة إلى دولة إقليمية مارقة، إسرائيل.
الولايات المتحدة التي لا تزال غارقة في عقدة الحرب العراقية، لا تستطيع أن تتجاهل، أيضا، موازين القوى الجديدة على المستوى الدولي، مما أعاد الاعتبار للقوة الإقليمية الإسرائيلية التي تتميز بقدراتها العسكرية وتقاليدها في عدم الامتثال للشرعية الدولية، بالإضافة إلى حاجتها الذاتية إلى استعادة الردع والهيمنة، اللتين دمّرهما حزب الله في 2006.
هذا هو السرّ في التقارب السعودي الإسرائيلي الحاصل الآن على غير مستوى؛ فلقد فهمت الرياض ثلاثة أمور، أولها أن فاعلية الدوحة تتأتى، رئيسيا، من تحالفها الوثيق مع تل أبيب، وثانيها أن اسقاط النظام السوري بالإرهاب وحده، لم يعد ممكنا من دون تدخل عسكري خارجي، وثالثها أن الولايات المتحدة أوكلت مهمة الحرب على سوريا إلى إسرائيل.
بالنسبة للإسرائيليين، فإنها فرصة العمر التي تستأهل المغامرة؛ سوف يخوضون حربا تحقق أهدافهم الأمنية والاستراتيجية الخاصة، ولكنها تشكل، في الوقت نفسه، خدمة جليلة للولايات المتحدة وللمملكة العربية السعودية ودول الخليج. وهم سيقدمون فواتير هذه الخدمة للجميع، ويفرضون تصوّرهم الخاص حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية، عبر بيع غزة لقَطر لإنشاء إمارة إسلامية مسالمة، وضم أكثر من نصف الضفة الغربية، وتصدير مشروع الدولة الفلسطينية إلى الأردن، عبر الكونفدرالية.
يصطدم هذا المسار مع المصالح الوطنية الأساسية لفلسطين والأردن، مما يجعلنا نَصِف انخراط قيادات البلدين في الحملة على سوريا، بكلمة واحدة: الانتحار. هناك بشائر لتجديد وانطلاق الحركة الوطنية الأردنية لمقاومة المسار الانتحاري، ونحن ننتظر شيئا ما من التيارات الوطنية الفلسطينية، لكن سيصعب على حماس وجماهيرها الخروج من قمقم الطائفية.
4 تعليق
التعليقات
-
كلام سليمكلام سليم
-
مصير أل سعود واسرائيل واحدكان لأل سعود دور لنشوء الكيان الصهيوني، وقرأت باحد الكتب وثيقة من الملك سعود يذكر فيها انه لا مانع عنده باعطاءاليهود (سماهم المساكين) دولة في فلسطين. فتاريخ أل سعود مرتبط بالكيان الصهيوني ، لذلك يدعمون الصهاينة كما ذكرت في ١٩٦٧، او في ٢٠٠٦ او في ضرب قوى الممانعة وغيره، لان مصير ال سعود والصهاينة واحد او يبقوا سوية او يرحلوا سوية، وأوصلوا الامة العربية الى ادنى مراحل المقاومة وقمة التخاذل وما حدث للجامعة العربية حاليا وانحرافها لهو خير دليل
-
الخيار الاسرائيلي والخيار البلديعفوا ولكن ما هذا السؤال البايخ (عفوا عالكلمة)؟ ولكن منذ متى كان للسعودية والاردن، وبهدوء طبعا، غير الخيار الاسرائيلي؟ شو جديد الاخ بالمنطكة؟ منذ ان ركب ابن سعود والخديوي فاروق عام ١٩٤٥ في شختورة روزفلت والمنطقة توزع وتباع مثل الرز الفلت. فلسطين كانت البداية. وهم السابقون ونحن اللاحقون. الفاتحة. http://www.youtube.com/watch?v=47KCW9zWehw ولكن بدون عتاب ولا عتابا هل يا استاذي كنت تتوهم ان تلك العروش كانت مجانية؟ هل قرأت قصة فاوست باي نسخة من نسخها؟ في فاوست النتيجة نفسها لمن يبيع روحه للشيطان مقابل مجد دنيوي. ما هي تلك النتيجة؟ اسأل الملك فيصل ابن سعود وعنده الخبر اليقين. ودمتم ذخرا وحبرا لهذه الامة المصونة ولكن الضائعة. رد الله غربتها. قال الخيار الاسرائيلي قال! وهل كنت تريد من السعودية (والاردن) ان يفضلوا الخيار البلدي خاصة حين يقفون ليبيعوا انفسهم تحت شبابيك اوتيل صح النوم الاميركي؟ بلدي وازرق يا خيار. اصابيع البوبو يا خيار! http://www.youtube.com/watch?v=oCw2tdaxqbc
-
وهل في مكة حائط مبكى آخر؟وهل في مكة حائط مبكى آخر؟