كُشف النقاب، أخيراً، عن أن الأردن رفض، مرتين، طلباً إسرائيلياً لعبور طائرات من أراضيه لضرب مواقع الأسلحة الكيماوية السورية. دواعي الطلب تتعلّق، عسكرياً، بإمكانية إحداث المفاجأة في ضرب مواقع قرب الحدود الأردنية، وسياسياً، بالحصول على غطاء عربي علني لعدوان يصعب القول إنه تقرّر من دون ضوء أخضر ضمني من أطراف التحالف الأميركي ــــ الخليجي ــــ التركي.
إسرائيل، وهي الشريك «النائم» في الحرب على سوريا، تستعدّ للصحو والقيام بدورها؛ أولاً، لأن جميع الأقنعة الثوروية لـ«الربيع العربي» سقطتْ، ووصل الصراع إلى مرحلة اللعب على المكشوف، وثانياً، لأن توجيه ضربات حاسمة للجيش السوري أصبح من ضرورات الحسم لمصلحة الجماعات المسلحة التي تحرز، أخيراً، بعض التقدم. وبما أن التدخل الأميركي والأطلسي المباشر ليس ممكناً، سواء بسبب العجز الذاتي أو بسبب صعوبة استصدار قرار من الشرعية الدولية، فإن حسابات الحرب لم تعد تحتمل تحييد القوة العسكرية الإسرائيلية عن أم المعارك لبناء الشرق الأوسط الجديد، وثالثاً، لأن إحجام الأردن عن التورّط، يستلزم التغطية الإسرائيلية للطرف الجنوبي من كمّاشة التدخّل العسكري الإقليمي المباشر في سوريا، والتي تمثّل تركيا طرفها الشمالي.
وفي هذا السياق، يمكننا أن نفهم سر عمليات المجموعات المسلحة التي تركّز على تدمير وإشغال مواقع عسكرية سورية في حوض الجولان المحتل، وصولاً إلى الإعلان، الاثنين الماضي، عن «سيطرة الجيش السوري الحر على الحدود السورية مع الأردن، خصوصاً في المنطقة الشمالية الشرقية بين مركزي الحدود الجمركيين بمدينتي درعا ونصيب» اللذين بقيا تحت السيطرة الرسمية.
منذ مطلع العام الجاري، قام «ثوّار» الاستخبارات الغربية والتركية والإسرائيلية، وتحت إشرافها، بعمليات منظّمة تستهدف مواقع عسكرية سورية من شبكات رادارية وقواعد صاروخية إلى آخره من قدرات لا يمكن استخدامها أصلاً في القتال الداخلي. ومن الواضح أن هذه العمليات حصلت وتحصل، في سياق الإعداد لنجاح عدوان خارجي (تركي ــــ إسرائيلي) سيعتمد، رئيسياً، على القصف الجويّ والإمداد اللوجستي والدعم المعلوماتي وسرايا القتال الخاصة. وعلى هذه الخلفية يتجه حلف الناتو لتزويد تركيا بشبكات صواريخ باتريوت (تمتلكها إسرائيل) لمواجهة الردّ الصاروخي السوري المحتمَل.
هل نعيش، إذاً، عشية تسوية في سوريا يحاول الروس والإيرانيون تسريع إنجازها، أم نحن بانتظار الهجمات الجوية لليبيا 2 يشنّها الأتراك لأغراضهم التوسعية، والإسرائيليون المعنيون بالمشاركة في إسقاط النظام السوري، وتقديم فواتيرهم، لاحقاً، إلى حكّام دمشق الجُدد ورعاتهم في السعودية وقَطر؟ أم لعلّنا في لحظة السباق الأخيرة بين التسوية والحرب الإقليمية المكشوفة، في وقت تتوازى فيه الاستعدادات وتتساوى الفرص؟
الإجابة عن هذا السؤال تتعلّق بمعطيات منها (1) حجم الأضرار التي لحقت حتى الآن بالبنى العسكرية السورية، وبخاصة في مجال الشبكات الرادارية والصاروخية وقدرات التحكّم والسيطرة، (2) وجود المستوى اللازم من إمكانيات الرد المؤثّر ــــ وإرادة الرد ــــ على المعتدين، (3) مشاركة حزب الله أو حياده لدى اندلاع المواجهة.
لا يمكننا التكهّن، بسبب غياب المعلومات الموثوقة بواقع المعطيات السابقة. ولكننا نجزم بأن الغموض والتردد أصبحا خطرين للغاية؛ إن إعلاناً سياسياً جاداً عن الاستعداد لمجابهة المعتدين الإقليميين، وبكلّ الطاقات وبأيّ ثمن، هو الذي يمكنه أن يشلّ قرار العدوان المحتمَل في الشمال والجنوب، ويستنهض الوطنية السورية، ويعضد المعنويات اللازمة للتحشيد الداخلي، ويعطي الإشارة للهجوم السوري المعاكس الذي آن أوانه.
هجوم معاكس شامل، لا بالصواريخ الكيماوية ــــ كما تهذي واشنطن ــــ ولكن بامتلاك الإرادة السياسية للنصر، هو «الورقة الأخيرة» الرابحة في أيدي دمشق؛ تخويل الصلاحيات لحكومة اتحاد وطني انتقالية لا تهدف إلى الانخراط في مشاريع ليبرالية ساذجة، كما يقترح هيثم منّاع وصحبه، ولكن هدفها، أولاً، تحشيد القوى ــــ وفي مقدمها المعارضة الوطنية ــــ وتنظيم الحرب الدفاعية العادلة وخوضها ضد المشروع المسلح للدكتاتورية الإخوانية والإرهاب السلفي الجهادي والتدخل الرجعي الخليجي والتهديدات التركية والإسرائيلية، وثانياً، إعادة بناء البلد وإقامة الدولة المدنية العلمانية الديموقراطية.
سوريا اليوم أمام منعطف وجودي، يتطلب الجرأة من النظام على اجتراح مقاربة جديدة تقرّ بأن إنقاذ الوطن ليس ممكناً من دون شراكةحقيقية ندية مع الوطنيين، حلفاء ومعارضين ومستقلين. وفي المقابل، يتطلب الجرأة من قوى المعارضة الوطنية على قطع الحبل السرّي مع قوى الإسلام السياسي كلياً، والانخراط في حكومة دفاع وبناء، ستلقى الدعم من آلاف المناضلين السوريين والعرب، مقاتلين وبُناة.
جوهر المعركة في العالم العربي كله حدّده، اليوم، ميدان التحرير 2؛ اتحاد الجميع ضد الدكتاتورية الظلامية الجديدة. لا مناص من هذه المعركة، وإنْ كان مؤسفاً أنها، في سوريا، ما عاد ممكناً أن تكون سلمية.
11 تعليق
التعليقات
-
بعد هذا الكلام لاحاجة للكلامسلمت يمينك ياسبد باسل فقد وفيت وكفيت ولم اجد مايقال بعد هذا الكلام المعبر والمستوفي
-
خبير إسرائيلي: تل أبيب ليست بحاجة لتصريح أردني لمهاجمة سورية بسبhttp://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\05qpt960.htm&arc=data\2012\12\12-05\05qpt960.htm
-
من لن يبلغ الفتح 3-اين كان المنطق في تسخيف وتعتيم مخيفين على ملايين الناس التي ابدت رأيها ديمقراطيا في الشارع وصناديق الإقتراع عشرات المرات في كل انحاء سوريا تقريبا,وتبرير وتضخيم سخيفين "لثورة" فشلت في حشد عشرة آلاف من "ثوارها المتظاهرين" ولو مرة واحدة في مظاهرة على مدار سنة كاملة وأكثر..,ولو في مناطق "محررة" او بوجود المراقبين ؟,علما انه على اساس "التسخيف والتعتيم والتبرير والتضخيم" الإعلامي بنيت فرية "النظام VS الشعب بقضه وقضيضه" وما ترتب عليها..! -اين هو الإسلام واين هي العروبة,والعصابات متعددة الجنسيات توغل في سوريا واهلها ودولتها وجيشها,قتلا وتذبيحا وتمثيلا وتفجيرا ونهبا وتدميرا..ممنهجا قد تعودت على فعل أمثاله في الجزائر وافغانستان وباكستان والعراق وليبيا...,مسلطة تمويلا وتسليحا وتدريبا وتسهيلا ومشاركة من ممالك الظلام والسلاجقة الجدد وسيدهم حلف الإستعمار والإستكبار..؟! # يمكن لمن اختار في الصراع الدائر حاليا,استراتيجية "ضربة على الحافر,وضربة على المسمار" رغم بيان كل شيء,هذا العربي المحايد الرافض بشبه إستحياء,وبـتبرير و"تفريق بين المكونات","اخطاء الثورة",ولكنه المتقزز ايما تقزز,والمطلق بالثلاثة,النظام المستبد (اصل كل بلاء على الأرض,والإنحباس الحراري في السماء!).., يمكن له ان يتعلل بما يشاء من مثاليات تسكن الكتب كما يسكن هو البرج,ويرفض حتى فكرة ان آلة الدعاية الأميركية قد أثرت فيه وكوت وعيه,فهو حر,أو هكذا يخيل له!
-
من لن يبلغ الفتح 2-وماذا عن كذبة 11 أيلول التي ضللت اغلبية دول وشعوب العالم وجعلتهم يبصمون بالعشرة على كل ما كان يقوله ويفعله سادي أحمق مثل بوش؟,وماذا عن فتنة عمياء وهراء "ديموقراطي دستوري" غطيا او شوشا بالحد الأدنى على مقاومة إحتلال وتدمير ونهب وتمزيق العراق لسنوات,وانقلابات صورت "ثورات ملونة" في اوروبا الشرقية,وعرض مسرحي هو بالحقيقة تسلم وتسليم ولكنه سمي "الربيع العربي" وكلنا تقريبا صفقنا له...؟! # اما في سوريا فكل شيء مما سبق استعمل بعد تحسينه ومضاعفته اضعافا.. غيب العقل,ونحر المنطق,ونزعت الرحمة,ودفنت العروبة,وشوه الإسلام..,وحكم المال,وسادت الفتنة,وطغت البلاهة,وتجملت العمالة,وزينت الجريمة..,وكل تلك الموبقات وغيرها مما لا يسعه المقال, صبت على سوريا صبا من نبع واحد إسمه الكذب,ورب الكذب في عصرنا هذا هو الشيطان الأكبر من كل الشياطين,في عصرنا هذا وفي عصور السابقين.. -ليس فقط مضلل للعقول وسبب لعقوبات لا تحصى ولا تعد..,"إجبار" اغلبية المتلقين في العالم,على استقاء المعلومات من مرصد يسكن في حضن المخابرات البريطانية,يعمل فيه إثنين,ومديره بائع شاورما (دون ذم ببائعي الشورما,بل من باب الإختصاص)..,بل هو مهين للعقل,وحجة لتجويع وافقار شعب بأكمله..
-
من لن يبلغ الفتح 1تفوقت آلة الإرهاب الإعلامية الدعائية الأميركية (وفروعها ومن تجند او انساق معها جرفا) على نفسها مرة اخرى,ضربت عددا من الأرقام القياسية في هجوم إرهابي واحد لم يسبق لها ان سجلتهم في كل الهجمات الإرهابية السابقة مجتمعة..,وصحيح ان ما فعلته في سوريا كان آخر حلقة وليست الأخيرة طبعا في سلسلة طويلة,ولكنها كانت `جوهرة` هذه السلسلة إذا كنا نقصد بالسلسلة: العقد,او الذروة في التشويق والعنف والإباحية..,إذا كنا نقصد بها: المسلسل الأميركي الطويل (فشر المكسيكي والتركي!) -"بالدين,بالديمقراطية,بالحقيقة,بحقوق الإنسان/الأقليات/الاكثرية/القوميات...الخ",الأمر بسيط وواضح لأنه تكرر كثيرا,ولكنه ليس واقعا كذلك!,الكذب واضح وفاضح ولكنه هو المسيطر السائد,المهم ان النتيجة دائما ما تكون شيطنة كاملة لعدو أميركا المستهدف (بفتح الدال),عند الأغلبية المستهدفة بالبروباغندا,التي غالبا ما يصيبها بالمقابل "قيل وقال" عن المعسكر المستهدف (بكسر الدال)! -كم نسبتهم من الرأي العام العالمي,كانت لديهم معرفة بما كان يجري في حرب كوسوفو نهاية التسعينيات من وجهة نظر النظام اليوغوسلافي ومن يؤيده,او من وجهة نظر حيادية مثلا؟ -من من الأطراف اللبنانية المعادية لأميركا,لم يرهب ويتراجع بعد اغتيال الحريري في ال2005 وكأنه اقترف ذنبا بمخاصمته سياسيا للمغدور,مساهما بعضهم بعد ذلك ومزايدا في بعض الأوقات على اضفاء نوع من القداسة على الراحل و"إنجازاته",او داخلا في تحالفات اخرجته من السلطة (عمليا)!, او متبرئا من العلاقة مع اشرف وانزه رئيس جمهورية عرفه لبنان,او قابلا التعامل مع أكبر مسخرة ومهزلة قضائية منذ المكارثية سميت تحقيقا ومحكمة دوليين..؟
-
للصراحة كلامك كلو صف حكي عمللصراحة كلامك كلو صف حكي عم تحكي بواقع مفروض عالارض من شهور نطرت منك معلومة جديدة بس ما استفدت من شي الله يجازيك عتعبك
-
لماذا الاردن؟لو قلنا ان الصهاينة يريدون ضرب العراق لفهمنا الحاجة للطيران فوق الاجواء الاردنية. لكن سوريا؟ هل اختفت الجولان عن الخريطة؟
-
حوامل الصراع"أولاً، تحشيد القوى ــــ وفي مقدمها المعارضة الوطنية ــــ وتنظيم الحرب الدفاعية العادلة وخوضها ضد المشروع المسلح للدكتاتورية الإخوانية والإرهاب السلفي الجهادي والتدخل الرجعي الخليجي والتهديدات التركية والإسرائيلية، وثانياً، إعادة بناء البلد وإقامة الدولة المدنية العلمانية الديموقراطية." الكلام في أولا هو هراء .. المعارضة الوطنية لم يعد لها دور على الأرض في الصراع .. قسمها المسلح منخرط بالكامل في المشروع الجهادي وقسمها السلمي عاجز و مهشم أمام حجم الدم الذي خلفته الحرب وسببه النظام والكلام في ثانيا هو تغاضي عن أن هذا الشعب هو قطيع طائفي .. الدولة العلمانية لم يعد لها مكان في ظل حكم المافيات .. الضمير الشعبي لن يتقبل العلمانية وهو بالأساس يكمل "الثورة" دفاعا عن الخلفاء و الصحابة و أزلامهم أخشى أننا نقترب أكثر فأكثر من الحرب الأهلية .. التي -كما أي حرب أهلية- يقودها الأمراء ووقودها العامة .. و نتيجتها الدم و الخراب
-
على قولة الأغنية: انتا فين وعلى قولة الأغنية: انتا فين و الحب فين يا سيّد ناهض، اللي عم تحكي عنّو بيقدر يعملو نظام قوي، مش نظام ‘‘الثوار‘‘ صارو على حدود الشام! للأسف سوريا حتسقط بإيد المحور الإخونجي...عسى ان يكون الشعب السوري واعي كالشعب المصري، و نرى ميادين تحرير في سوريا ترفض الحكم الإخونجي