كوشنير محذّراً: لبنان عرضة للمخاطر في المنطقة

الأخبار
السبت 24 تشرين اول 2009
الخط
strong>لم يعد السؤال: أين الحكومة، وهل تُستأنف مشاورات التأليف بعد التصعيد الأخير، ومن يحصل على هذه الحقيبة أو تلك؟ بل ما هو الهدف الحقيقي للتأخير، ولماذا أعيد موضوع سلاح المقاومة إلى الواجهة لبنانياً و... إسرائيلياً؟
في بلد ثورة الأرز و“بتحب لبنان حب صناعتو”، و“الحكومة لن تكون إلّا 100% صناعة لبنانية”، صدرت 4 صحف أمس بعناوين تتحدث عن دعوات مصرية وسورية إلى الإسراع في تأليف الحكومة، واستغل الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة لمناسبة الذكرى الـ26 لتفجير مقرّ المارينز قرب مطار بيروت، ليأمل أن “تؤلّف قريباً حكومة في لبنان”، ويضيف “ننوي العمل مع حكومة لبنانية تعمل بنشاط من أجل دفع الاستقرار في المنطقة، ومن أجل ازدهار شعبها”.
وفي بلد السيادة المخترقة بالطائرات، وأجهزة التجسس والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وعلى وقع المناورة الأميركية ـــــ الإسرائيلية الضخمة، أعلنت السفارة الأميركية دعماً أميركيّاً للجيش لـ“زيادة قدرته على الدفاع عن حدود لبنان وسيادته”، يتمثل بـ: 8 زوارق مطاطية، 9 سيارات إسعاف، 60 مركبة همفي، وشاحنة لمكافحة الحرائق في القواعد العسكرية... وبحثت السفيرة ميشيل سيسون مع قائد قوات “اليونيفيل” في الناقورة، أوضاع الجنوب، ومهمّة القوات الدولية لجهة تنفيذ القرار 1701.
وإلى بلد الاستقلال، وصل وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير، محاولاً التعويض عن بتر جولته في المنطقة، بيوم ماراتوني التقى فيه رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، الرئيس المكلّف سعد الحريري، الوزير فوزي صلوخ، النائبين ميشال عون ووليد جنبلاط، ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، إضافةً إلى منح أوسمة، والاختتام بمؤتمر صحافي.
الضيف الفرنسي الذي كاد يمنح نفسه لقب “الزائر المكلّف تأليف الحكومة”، بدا كأنه في مهمة إعادة تحريك مشاورات التأليف، ناقلاً عن سليمان، ثقته “بأن الأمور ستتحرك في الأيام المقبلة”، وأمله بـ“تعيين الشخصيات وتوزيع الحقائب بطريقة ملائمة في الأيام المقبلة”، وعن بري الذي وجده “أكثر تفاؤلاً مما كنت أتوقع”، أن “الأمور ستتبلور في الأيام القليلة المقبلة”، ثم عن الحريري تأكيده أنه سيواصل “الجهود التي يبذلها والتي يجب دعمها”.
وبعبارات مختلفة، شدّد بعد كل لقاء على أن لبنان “بحاجة إلى حكومة”، محذّراً من أن الوضع في المنطقة “ليس جيداً، فمسيرة السلام بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين متوقّفة، والجهود الأميركية لم تكن كافية حتى الآن”، ودعا اللبنانيين إلى أن يكونوا واعين للتحدي: “أنتم عرضة للمخاطر في المنطقة، التي تؤثّر فيكم دائماً”.
ودخل في تفاصيل الملف الحكومي، دستورياً عبر القول إن التأليف “يجري عبر الرئيس سليمان، ومع السيد سعد الحريري”، وشكلاً “وفق صيغة 15-10-5”، وأن “تضم الممثلينَ الضروريّين والمقبولين من الأفرقاء والطوائف كافة”. وفي المفاوضات حيث على الجميع تحمل مسؤولياتهم “وخصوصاً من لم يفعل ذلك بعد”. وعن وقت ولادة الحكومة، قال إن محادثاته مع القادة اللبنانية تجعله متفائلاً “ولكن ليس مئة في المئة”. وبعدما تمنّى في عين التينة أن تعالج الأمور خلال الأيام المقبلة، عاد ليقول في السرايا “لا أعلم إن كانت مسألة أيام، أو ما زالت مسألة أسابيع”.
أما أسباب التأخير، فرأى أنها داخلية أكثر منها خارجية. وقال إن سوريا “احترمت بالفعل ما وعدت به بألا يكون لها أي تأثير في تأليف الحكومة، وألّا تضع أية شروط مسبّقة”، دون أن يعني ذلك في رأيه “أن سوريا، هذا البلد المجاور الكبير، لا تؤدّي أي دور”. ودعا إلى انتظار ثمار القمة السورية ـــــ السعودية، فـ“ليس هناك أبداً من نتائج فورية”. وقال إن “على أصدقاء لبنان من هذا الطرف أو ذاك أن يضعوا ثقلهم للتأثير فيمن هم قادرون على التأثير عليه كي تُحترم الوعود التي تم التوصل إليها”.
الحريري عاتب جعجع على مواقفه المستفزّة لعون فتعهّد تخفيف اللهجة في مقابلة تلفزيونية قريبة
وعن وجود مبادرة فرنسية لتسهيل ولادة الحكومة، قال: “أمامكم مبادرة بحد ذاتها، وجود وزير الخارجية الفرنسية مبادرة بحد ذاتها”. وإذ شدّد على أن على اللبنانيين أنفسهم أن يؤلفوا حكومتهم، قال إنه يقدم النصح أحياناً “إذا طلب مني ذلك، وأتدخل دائماً كي يتفق اللبنانيون في ما بينهم”.
وعلم أن لقاء كوشنير والموسوي كان وديّاً للغاية وصريحاً، وبحثا خلاله أمرين: الحكومة والتهديدات الإسرائيلية، حيث أكد الموسوي تمسك حزب الله بخيار حكومة الوحدة. وسأله الوزير الفرنسي عن المساعدة التي يمكن أن يقدمها الحزب لتسهيل حوار الحريري ـــــ عون، فأجاب إن الحزب ينصح حلفاءه وأصدقاءه “ولكننا لا نضغط عليهم”، متحدثاً عن خصوصية لعون في المعادلة السياسية، ولا سيّما منذ عودته من فرنسا، وعن شعور الأخير بأنه مستهدف وهناك مخطط لتهميشه مع من يمثل “وهذا ما يجعله يشعر بالقلق، وكل المواقف التي صدرت وتصدر أخيراً تجعله يقلق أكثر من وجود مخطط فعلي لإبعاده عن الخريطة السياسية، فمنذ الانتخابات النيابية وحتى الآن، هناك نية حقيقية لدى البعض لإضعاف العماد عون، وهناك معارك انتخابية نظّمت تحت شعار إلغاء وجود في بعض المناطق وهذا ما لم يحدث”.
وفي الملف الثاني، تحدث الموسوي عن الخروق والتهديدات الإسرائيلية، مشيراً إلى منع كوشنير نفسه من زيارة غزة. فتحدث الوزير الفرنسي عن ضرورة ضبط النفس والتهدئة “في ظل الأجواء الملبدة في الشرق الأوسط”. وشكر الموسوي على ما وصفه بأداء حزب الله الإيجابي، والمتعاون مع “اليونيفيل”، متحدثاً عن أهمية استمرار التنسيق والحوار بين الحزب والقوات الدولية. وهنا أكد الموسوي أيضاً ضرورة “أنّ نتحاور من أجل تقريب وجهات النظر”، معطياً مثلاً على ذلك حادثة خربة سلم “فمع أننا اختلفنا في وجهات النظر “مع (السفير الفرنسي السابق) لكننا أوصلنا الرسائل المطلوبة بعضنا إلى بعض مباشرة”، فعقّب كوشنير ممازحاً “عينّا سفيراً جديداً يجيد العربية لكي يصبح التواصل أفضل وأفضل”.
وإلى تحرك كوشنير، أكدت معلومات لـ“الأخبار” اتفاق الحريري وعون على لقاء قريب حدّد موعده، لكن مصادر الطرفين لم تكشف عنه لأسباب أمنية. وقد أكدت مصادر الرئيس المكلف، أن الأخير عمّم على شخصيات “المستقبل”، عدم الرد أو التعليق أو توجيه أي انتقاد سلبي إلى عون، ردّاً على موقفه يوم الأربعاء، كاشفة أن الحريري أبدى استياءه من الطريقة التي أظهر بها رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع مواقفه الاخيرة، التي مثّلت استفزازاً لعون، وأنه عاتبه على ذلك فتعهّد جعجع أنه سيخفّف اللهجة، وسيطلق مواقف توضيحية خلال حلقة “بموضوعية” على قناة mtv.
في هذا الوقت، نفى سفير مصر أحمد البديوي، من منزل النائب بطرس حرب، “ما يطرح في هذه الآونة عن أن مصر تفضّل أسماءً أو أشخاصاً معينين للحكومة، فهذا كلام غير صحيح”، وقال إن بلاده تدعم جهود الحريري، وتأمل منه ومن “الاطراف اللبنانيين كافة، أن يستغلّوا الوضع الإقليمي الحالي لتأليف حكومة وحدة وطنية، لأن استمرار هذا الوضع ليس في مصلحة لبنان، ولا في استقرار المنطقة”.