عبد الكافي الصمد

الجمعة 22 نيسان 2011

شارك المقال

طرابلس قلقة وحزب التحرير لا يتـراجع

لم تفلح كلّ المحاولات التي جرت طوال الأيام والساعات الماضية في إقناع «حزب التحرير ـــــ ولاية لبنان» بالتخلي عن التظاهرة التي ينوي القيام بها بعد صلاة الجمعة اليوم في طرابلس تحت عنوان «تظاهرة النصرة لثورة الشام من طرابلس الشام»؛ إذ بدا الحزب مصرّاً على تنظيمها، رافضاً كل الضغوط والتبريرات التي قدمت له، ما جعل عاصمة الشمال تعيش أجواء قلق وترقب، لم تخفف منها الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية، منعاً لحصول إشكالات أو صدامات بين مؤيدين ومعارضين لهذه التظاهرة.

هذه الأجواء السلبية انعكست شللاً على أسواق طرابلس التي غاب عنها زبائنها قبل أيام من عيد الفصح، في موازاة تدابير أمنية مشددة شرعت الأجهزة الأمنية في اتخاذها، على أن تتصاعد تدريجاً ابتداءً من فجر اليوم عند مداخل طرابلس وفي ساحاتها وشوارعها والنقاط الرئيسية فيها.
في هذا الإطار، كشفت مصادر أمنية مطلعة لـ«الأخبار» أن القوى الأمنية «لن تتخذ نقاط تمركز لها عند مداخل الجامع المنصوري، حيث ستنطلق التظاهرة منه نحو ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، حسب ما هو معلن، بل ستتمركز عند مستديرة ساحة النجمة على بعد نحو 100 متر من الجامع، وأنها ستعمل على تطبيق القانون وقرار مجلس الأمن الفرعي في الشمال الذي اتخذه أمس، القاضي بمنع التظاهر».
لكن المصادر الأمنية عبرت عن مخاوفها من «احتمال انفلات الأمور وخروجها عن السيطرة إذا دخل مندسون في التظاهرة، أو إذا حصلت استفزازات بين منظميها ومناوئيها، ما سيجعل التعامل مع التظاهرة، حينها يتخذ أشكالاً مختلفة تبعاً للظروف»، وذلك بعدما تبلّغت جهات أمنية تحذيرات من أحزاب وقوى موالية لدمشق في طرابلس، من أن «أي شعارات أو هتافات استفزاز ستطلق باتجاه سوريا ورئيسها، ستقابل بردّ فعل سلبي منا»، رغم أن هذه القوى أكدت التزامها بقرار مجلس الأمن الفرعي القاضي بإلغاء تظاهرتها التي كانت مقرّرة اليوم أيضاً في المكان والتوقيت ذاتهما.
هذه «الرسائل» وصلت إلى حزب التحرير تباعاً، وجعلت مسؤول المكتب الإعلامي في الحزب أحمد القصص يوضح لـ«الأخبار» أن «شعاراتنا مضبوطة، لكن لا أحد يحق له أن يملي علينا ماذا نرفع من شعارات أو ما نردّد من هتافات، هذا كلام غير مقبول ومعيب»، متسائلاً: «أين يعيش هؤلاء، وأين الذين كانوا يقولون في السابق إنه لا فرق بين حكم مبارك وحكم القذافي، لماذا خرسوا الآن؟». وأشار إلى أن «هناك أنظمة قمعية في العالم العربي تتهاوى، لكن هذا النظام الهشّ في لبنان يريد أن يقمع الناس»، لافتاً إلى أنهم «يحتاجون إلى ضربة على الرأس كي يعوا ما يقولون وما يفعلون!».
وكان القصص قد عقد أمس مؤتمراً صحافياً في مقر الحزب في محلة أبي سمراء بطرابلس، نفى فيه «أي علاقة بالبيان المزعوم الموقع تزويراً منه مع مجموعة من الأحزاب اللبنانية، والذي يتبنى التظاهرة»؛ لأن «دعوة الحزب إلى التظاهرة جاءت بقرار مستقل دونما تنسيق مع أي من التيارات السياسية في لبنان»، متهماً محاولات منع تظاهرة الحزب بأنّها «أتت بإيعاز من النظام السوري لبعض الأجهزة الرسمية والتيارات السياسية الموالية له في لبنان، وأن لا وجه قانونياً لما قُدِّم من مبررات لمحاولة المنع».
القصص الذي سأل السلطة اللبنانية في مؤتمره الصحافي «كيف تتركون لبعض العسكريين التحكم بأمور الناس ومصالحهم وكراماتهم، وما معنى وجود السلطة السياسية إن أوكلت أمور الناس إلى بعض المغامرين من العسكريين؟»، عاد وأوضح لـ«الأخبار» أن مسؤولين أمنيين طلبوا منا إلغاء التظاهرة فرفضنا، وهم يحاولون ليّ ذراعنا من خلال إيقاف عناصر لنا (أُوقف 16 عنصراً من الحزب)، وكأنهم يقولون لنا ألغوا التظاهرة فنطلق سراحهم».
الاقتراح الذي عرض على حزب التحرير بأن يقتصر تحركه على الاعتصام داخل الجامع المنصوري وعدم الخروج إلى الشارع رفضه القصص؛ لأنه «إضعاف لتحركنا»، موضحاً: «نحن لا نعارض قرار مجلس الأمن الفرعي الذي لم يوافق على التظاهرات، والاكتفاء بالتجمع في قاعة مقفلة أو ساحة محددة، لذا سنجتمع في ساحة محددة هي ساحة النور بعد أن نخرج من الجامع، ونسير في خط محدد لا يزيد طوله على 500 متر».
وطمأن القصص إلى أنه «لا خوف من حصول أعمال شغب من جانبنا، فعناصرنا منضبطون، أما القلق من دخول مندسين وافتعالهم مشكلات، فهذا مسؤولية القوى الأمنية»، لافتاً إلى أنه «في عزّ الانقسام السياسي بين فريقي 8 و14 آذار كانت تحصل تظاهرات مليونية على حد قولهم، وكانوا يقطعون طرقات لبنان من أقصاها إلى أقصاها، ولم يحدث أي إشكالات، فلماذا الخوف اليوم من تظاهرتنا؟».
تشبُّث حزب التحرير بتنظيم التظاهرة لم يدفعه إلى القلق من احتمال سحب الترخيص السياسي منه، بعد بروز دعوات في هذا المجال؛ إذ رد القصص قائلاً: «لا فرق عندنا إذا سحبوا الترخيص أو لا، فقد كنا نعمل قبل الحصول على الترخيص وسنستمر إذا سُحب؛ نحن نضاليون، وسحب الترخيص لن يجعلنا ننسحب من الشارع».
في غضون ذلك، صدرت مواقف من تظاهرة حزب التحرير؛ إذ أوضح تيار المستقبل في بيان له أن «جهات إعلامية وسياسية تعمل على زجّ اسم التيار في بعض الدعوات للتظاهر تحت مسمى التضامن مع الشعب السوري، وهو أمر لا علاقة له به، لا من قريب ولا من بعيد». في المقابل، سأل الداعية السلفي عمر بكري في بيان له: «كيف تكون مناصرة المسلمين في لبنان لمسلمي مصر وليبيا والبحرين وغيرها حلالاً، ومناصرة المسلمين وحزب التحرير للشعب السوري حراماً؟!».

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي