فرعيّة الكورة: «طحشة» قواتيّة وتواضع قومي وتلكّؤ عوني
حتى اليوم، لا تسجَّل في الكورة حماسة لانتخاباتها الفرعية التي تجرى بعد أسبوعين. في القرى المختبئة بين بعض بساتين الزيتون خلف طرقات يمكن وصفها بالترابية، يتوزع مسنّون يبيعون قبالة منازلهم لوبياء وتيناً وبندورة. حين يتعلق الأمر بقضاياهم اليومية، يسكن هؤلاء: لا تفشّي التلوث البيئي بسرطاناته المتعددة يحثّهم على التظاهر، ولا تراجع شروط تصريف زيتونهم. أما مقاربة القضايا السياسية فأساسها «الظرف».
تسأل عن المال السياسي فيخبرون عن صرف قوى 14 آذار في صيف 2009 حوالى 14 مليون دولار في دائرتهم. 14 مليون دولار لينعم اللبنانيون بمشاهدة فريد مكاري ونقولا غصن وفريد حبيب في المجلس النيابي. والمال من أساس العدة الانتخابية منذ القديم في الكورة. يروي ضابط الاستخبارات الأميركية السابق في بيروت ويلبر كرين ايفلاند في كتابه «حبال من رمال»: «كنت أحمل المحفظة المملوءة بالمال وأذهب إلى (الرئيس كميل) شمعون في القصر الجمهوري وأخرج والمحفظة فارغة. وقد ضمنّا نجاح جميع مرشحينا. نجح شارل مالك في الكورة بهامش كبير. لقد صرفنا 150000 ليرة لبنانية لشراء المقعد الأرثوذكسي في الكورة». نجح مالك بأموال الأميركيين إذاً، وأصوات القوميين أيضاً. يومها دعم القوميون مالك في وجه الشيوعيين من جهة وإرضاءً لشمعون من جهة أخرى.
في المقابل، لم تتجاوز ميزانية قوى 8 آذار للمعركة السابقة مليون و300 ألف دولار (مقابل 14 مليوناً)، تقول إحدى الماكينات الانتخابية، مشيرة إلى «ضب» أحد المرشحين حوالى مليون منها. اليوم يرفع مرشح القوات فادي كرم صوراً عملاقة لنفسه، أصغرها عرضها متران وطولها متران، فيما يوزع المرشح القومي وليد عازار صوراً شمسية. ولعل صور المرشحين تعبّر، في هذا السياق، عن واقع الماكينتين الانتخابيتين: مقابل مبادرة ماكينة القوات إلى البدء بتسجيل السيارات الراغبة في العمل بنقل الناخبين يوم الاقتراع ودراسة القوائم الانتخابية لسد الثغر وحجز الطائرات التي تحطّ أولاها يوم السبت المقبل آتية من أوستراليا، لا تعرف ماكينة القومي بعد مَن مِن حلفائها معها ومن عليها ومن يلتزم الحياد. والأكيد، أيضاً، أن ماكينة القوات تنعم بوفر مالي، بينما يسجل مرشح القومي بطريقة تضحك تبرعات أصدقائه بمئات الدولارات لتمويل حملته، معتقداً أن تسابقهم على تقديم خدمات متواضعة له في هذه القرية أو تلك يمكن أن يؤثر على نتيجة الانتخاب.
أما الخدمات، فلا تكاد تسأل عنها، حتى يقفز أحد المسنين من الخلف إلى نصف الصالون تماماً، يخرج علبة سجائر من جيبه على طريقة فؤاد غصن ليسجل عليها الطلبات، مردّداً برأس شفتيه: تكرم عينك، تكرموا تكرموا. وغصن (والد النائب نقولا غصن) هو أول من استحضر الخدمات إلى العملية الانتخابية. وله، بحسب أحد الشبان، في كل منزل في الكورة وديعة خدماتية تتيح لنقولا غصن حصد آلاف الأصوات من دون أن يضطر إلى الكلام أو التحرك. لاحقاً، ورث النائب فريد مكاري غصن في الأداء الخدماتي. وكما دعم القوميون مالك انتخابياً، دعموا مكاري في بناء حيثيته، فما كان يقصدهم كوراني طلباً لخدمة حتى يحولوه إلى حليفهم المكاريّ، حتى بات ثلث القوميين مكاريّين.
ومالك الذي لا تكلّ القوات عن تذكير أهل الكورة بعظمة تجربته يمثل ملك القصص الطريفة في الكورة على الصعيد الخدماتي. يروى في بطرام، بلدة مالك، أن سعادته بلغ في محاولاته استغباء الناس حدّ وعدهم بأن ينتج الزيتون موسمين في الموسم الواحد، وأن يفتح معملاً لسيارات «فورد» في الكورة، وأن ينقل «النقطة الرابعة» إلى كوسبا. وكان يضع الهاتف على أذنه مدّعياً مهاتفة أيزنهاور ليُسمعه طبل الناس وتزميرهم احتفالاً بترشحه. انتهت ولاية مالك (الذي وعد بفتح عشرات المعامل في الكورة وبقي سراً يصعب على كثير من الكورانيين فهمه) برَدّية اخترعها أحد ظرفاء بشمزين تقول: مناخ الكورة صار مضر، من دخان معاملها. نقشت معها وجابت سر، شارل مالك نايبها.
مبدئياً، يواجه الحزب السوري القومي الاجتماعي والتيار الوطني الحر وتيار المردة ثنائية المستقبل والقوات اللبنانية. تنشط القوات بنفسها وفق المعلومات المتوافرة بشكل مباشر في بلدات نفوذ المستقبل استعداداً لمعركة 15 تموز. ورغم الاتهامات الكثيرة للقوات بارتكاب الفظائع خلال الحرب في تلك القرى، لا تجد اليوم من يرفع صوت ماضيها في وجهها أو يمنعها من الدخول. وتكثّف القوات عملها في القرى المارونية أيضاً لتقوية نفوذها القوي أصلاً، ومحاصرة التغيير الذي يمكن أن يطرأ على صناديقها الانتخابية جراء وقوف البطريركية المارونية على الحياد اليوم، خلافاً للمرة السابقة. وفي اعتقاد القوات أن الصناديق المارونية ــــ السنيّة قادرة على تعديل التوازنات التي تميل لمصلحة القومي في الصناديق الأرثوذكسية ــــ الشيعية.
وفي الأرقام، متوسط الأصوات التي حصدتها لائحة 14 آذار الثلاثية كان 14141 صوتاً، مقابل 12111 صوتاً للائحة المناوئة، ليكون الفارق بين اللائحتين 2030 صوتاً، أما الفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين فـ1461 صوتاً. وبالتالي، فكل ما يحتاج إليه مرشح القومي هو الفوز بعدد الأصوات نفسها التي حصدها المرة السابقة، وتغيير رأي نحو 700 فقط من ناخبي لائحة المستقبل والقوات، لانتخابه هو بدل كرم.
700 صوت يتخيّل بعض القوميين أن فوزهم بها سهل بعد الأخذ في الاعتبار أن:
أولاً، المرشح المناوئ لهم حزبيّ بامتياز، لا أحد من أهل الكورة يشعر بأن عليه واجباً أخلاقياً تجاهه على غرار فريد مكاري ونقولا غصن وفريد حبيب. ويشير أحد القوميين في هذا السياق إلى أن أساس زعامة عبد الله سعادة كان تأسيسه حالة كورانية مستقلة عن طرابلس رشيد كرامي وزغرتا سليمان فرنجية اللتين كان فؤاد غصن يتنقل بينهما، الأمر الذي يمكن تكراره اليوم لو توقف القوميون عن الندب والدفاع عن النفس وانتقلوا إلى المواجهة بذكاء، في ظل إثبات التجربة أن نفوذ سعادة العقائدي في تلك الأيام الغابرة كان قادراً على التصدي لنفوذ غصن الخدماتي.
ثانياً، مرشح القاعدة الكتائبية جان مفرج مستمر بترشحه، وهو يأخذ أصواته من مرشح 14 آذار أكثر بكثير مما يأخذ منهم.
ثالثاً، بعض المرشحين السابقين ممن يتمتعون بتأثير كبير في بلداتهم كغابي دريق مثلاً، ممن عملوا ضد التيار الوطني الحر في الانتخابات السابقة، يدعمون عازار اليوم.
رابعاً، توقف حنفية مكاري الخدماتية عن تنقيط المنح الجامعية والمساعدات الطبية والنكت الذكية منذ أعيد انتخابه أخيراً، مقابل «طحشة» وزير الدفاع فايز غصن خدماتياً.
خامساً، المزاج الماروني العام غير المتحزّب والذي أيّد بقوة 14 آذار في انتخابات الكورة السابقة انسجاماً مع توصيات بطريركيته ومخاوفها، سيلزم منزله اليوم أو يقترع انسجاماً مع توصيات بطريركيته العامة اليوم ومخاوفها، مع العلم بأن التواصل القائم بين القوميين والراعي هذه الأيام يكاد يكون شبه يوميّ.
معنويات القوميين المرتفعة يهزّها سلباً ما يمكن وصفه في بعض القرى باللامبالاة العونية التي يمكن في حال تفاقمها أن تباعد أكثر وأكثر بين العونيين والقوميين إلى درجة سيصعب فيها، بحسب أحد القوميين، جمعهما في أي استحقاق لاحق.
باختصار، إذاً، لا معركة بعد في الكورة: ثمة فريق يملك المال والإرث الخدماتي والخطاب السياسي الهجومي، يخوض الانتخابات بماكينة واحدة، يواجهه فريق كل مجموعة فيه فريق، يبخل بالمال، ولا يتقن استغلال اللحظة السياسية، ليري خصومه كيف تكون المعارك.
هكذا تفوزون
في دراسة أعدّتها يوم 6 حزيران 2012، لفتت «الدولية للمعلومات» انتباه قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر إلى أن التهرب من المعركة يعطي دفعاً للقوات ومناصريها، وهذا ما سيؤثر على انتخابات عام 2013، الأمر الذي يفرض على تحالف 8 آذار خوض الانتخابات بمرشح قوي. وأشارت الدراسة إلى أن خوض 8 آذار الانتخابات بمرشح حزبي سيصعّب الحصول على أصوات جديدة أكثر من التي حصدتها عام 2009. ولفتت إلى أن ترشيح شخصية مستقلة يمكن أن يجذب ناخبين مسيحيين ممّن صوتوا لمرشحي المستقبل ـــ القوات اللبنانية، وفوز هذه الشخصية هو خسارة للقوات اللبنانية. ورأت الدراسة أن تبديل الخيار السنّي ضمن الخيارات الحالية أمر صعب، لكن تبديل الخيار المسيحي ممكن، ولا سيما في البلدات الكبرى. ودعت الدراسة إلى اختيار مرشح من أنفه، لأن وزير الدفاع فايز غصن قادر بحكم موقعه الوظيفي الجديد على تحسين نتائج بلدته كوسبا، في موازاة تحسين الحزب القومي نتائج أميون التي سجّلت أدنى نسبة مشاركة في انتخابات 2009.
تسأل عن المال السياسي فيخبرون عن صرف قوى 14 آذار في صيف 2009 حوالى 14 مليون دولار في دائرتهم. 14 مليون دولار لينعم اللبنانيون بمشاهدة فريد مكاري ونقولا غصن وفريد حبيب في المجلس النيابي. والمال من أساس العدة الانتخابية منذ القديم في الكورة. يروي ضابط الاستخبارات الأميركية السابق في بيروت ويلبر كرين ايفلاند في كتابه «حبال من رمال»: «كنت أحمل المحفظة المملوءة بالمال وأذهب إلى (الرئيس كميل) شمعون في القصر الجمهوري وأخرج والمحفظة فارغة. وقد ضمنّا نجاح جميع مرشحينا. نجح شارل مالك في الكورة بهامش كبير. لقد صرفنا 150000 ليرة لبنانية لشراء المقعد الأرثوذكسي في الكورة». نجح مالك بأموال الأميركيين إذاً، وأصوات القوميين أيضاً. يومها دعم القوميون مالك في وجه الشيوعيين من جهة وإرضاءً لشمعون من جهة أخرى.
في المقابل، لم تتجاوز ميزانية قوى 8 آذار للمعركة السابقة مليون و300 ألف دولار (مقابل 14 مليوناً)، تقول إحدى الماكينات الانتخابية، مشيرة إلى «ضب» أحد المرشحين حوالى مليون منها. اليوم يرفع مرشح القوات فادي كرم صوراً عملاقة لنفسه، أصغرها عرضها متران وطولها متران، فيما يوزع المرشح القومي وليد عازار صوراً شمسية. ولعل صور المرشحين تعبّر، في هذا السياق، عن واقع الماكينتين الانتخابيتين: مقابل مبادرة ماكينة القوات إلى البدء بتسجيل السيارات الراغبة في العمل بنقل الناخبين يوم الاقتراع ودراسة القوائم الانتخابية لسد الثغر وحجز الطائرات التي تحطّ أولاها يوم السبت المقبل آتية من أوستراليا، لا تعرف ماكينة القومي بعد مَن مِن حلفائها معها ومن عليها ومن يلتزم الحياد. والأكيد، أيضاً، أن ماكينة القوات تنعم بوفر مالي، بينما يسجل مرشح القومي بطريقة تضحك تبرعات أصدقائه بمئات الدولارات لتمويل حملته، معتقداً أن تسابقهم على تقديم خدمات متواضعة له في هذه القرية أو تلك يمكن أن يؤثر على نتيجة الانتخاب.
أما الخدمات، فلا تكاد تسأل عنها، حتى يقفز أحد المسنين من الخلف إلى نصف الصالون تماماً، يخرج علبة سجائر من جيبه على طريقة فؤاد غصن ليسجل عليها الطلبات، مردّداً برأس شفتيه: تكرم عينك، تكرموا تكرموا. وغصن (والد النائب نقولا غصن) هو أول من استحضر الخدمات إلى العملية الانتخابية. وله، بحسب أحد الشبان، في كل منزل في الكورة وديعة خدماتية تتيح لنقولا غصن حصد آلاف الأصوات من دون أن يضطر إلى الكلام أو التحرك. لاحقاً، ورث النائب فريد مكاري غصن في الأداء الخدماتي. وكما دعم القوميون مالك انتخابياً، دعموا مكاري في بناء حيثيته، فما كان يقصدهم كوراني طلباً لخدمة حتى يحولوه إلى حليفهم المكاريّ، حتى بات ثلث القوميين مكاريّين.
ومالك الذي لا تكلّ القوات عن تذكير أهل الكورة بعظمة تجربته يمثل ملك القصص الطريفة في الكورة على الصعيد الخدماتي. يروى في بطرام، بلدة مالك، أن سعادته بلغ في محاولاته استغباء الناس حدّ وعدهم بأن ينتج الزيتون موسمين في الموسم الواحد، وأن يفتح معملاً لسيارات «فورد» في الكورة، وأن ينقل «النقطة الرابعة» إلى كوسبا. وكان يضع الهاتف على أذنه مدّعياً مهاتفة أيزنهاور ليُسمعه طبل الناس وتزميرهم احتفالاً بترشحه. انتهت ولاية مالك (الذي وعد بفتح عشرات المعامل في الكورة وبقي سراً يصعب على كثير من الكورانيين فهمه) برَدّية اخترعها أحد ظرفاء بشمزين تقول: مناخ الكورة صار مضر، من دخان معاملها. نقشت معها وجابت سر، شارل مالك نايبها.
مبدئياً، يواجه الحزب السوري القومي الاجتماعي والتيار الوطني الحر وتيار المردة ثنائية المستقبل والقوات اللبنانية. تنشط القوات بنفسها وفق المعلومات المتوافرة بشكل مباشر في بلدات نفوذ المستقبل استعداداً لمعركة 15 تموز. ورغم الاتهامات الكثيرة للقوات بارتكاب الفظائع خلال الحرب في تلك القرى، لا تجد اليوم من يرفع صوت ماضيها في وجهها أو يمنعها من الدخول. وتكثّف القوات عملها في القرى المارونية أيضاً لتقوية نفوذها القوي أصلاً، ومحاصرة التغيير الذي يمكن أن يطرأ على صناديقها الانتخابية جراء وقوف البطريركية المارونية على الحياد اليوم، خلافاً للمرة السابقة. وفي اعتقاد القوات أن الصناديق المارونية ــــ السنيّة قادرة على تعديل التوازنات التي تميل لمصلحة القومي في الصناديق الأرثوذكسية ــــ الشيعية.
وفي الأرقام، متوسط الأصوات التي حصدتها لائحة 14 آذار الثلاثية كان 14141 صوتاً، مقابل 12111 صوتاً للائحة المناوئة، ليكون الفارق بين اللائحتين 2030 صوتاً، أما الفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين فـ1461 صوتاً. وبالتالي، فكل ما يحتاج إليه مرشح القومي هو الفوز بعدد الأصوات نفسها التي حصدها المرة السابقة، وتغيير رأي نحو 700 فقط من ناخبي لائحة المستقبل والقوات، لانتخابه هو بدل كرم.
700 صوت يتخيّل بعض القوميين أن فوزهم بها سهل بعد الأخذ في الاعتبار أن:
أولاً، المرشح المناوئ لهم حزبيّ بامتياز، لا أحد من أهل الكورة يشعر بأن عليه واجباً أخلاقياً تجاهه على غرار فريد مكاري ونقولا غصن وفريد حبيب. ويشير أحد القوميين في هذا السياق إلى أن أساس زعامة عبد الله سعادة كان تأسيسه حالة كورانية مستقلة عن طرابلس رشيد كرامي وزغرتا سليمان فرنجية اللتين كان فؤاد غصن يتنقل بينهما، الأمر الذي يمكن تكراره اليوم لو توقف القوميون عن الندب والدفاع عن النفس وانتقلوا إلى المواجهة بذكاء، في ظل إثبات التجربة أن نفوذ سعادة العقائدي في تلك الأيام الغابرة كان قادراً على التصدي لنفوذ غصن الخدماتي.
ثانياً، مرشح القاعدة الكتائبية جان مفرج مستمر بترشحه، وهو يأخذ أصواته من مرشح 14 آذار أكثر بكثير مما يأخذ منهم.
ثالثاً، بعض المرشحين السابقين ممن يتمتعون بتأثير كبير في بلداتهم كغابي دريق مثلاً، ممن عملوا ضد التيار الوطني الحر في الانتخابات السابقة، يدعمون عازار اليوم.
رابعاً، توقف حنفية مكاري الخدماتية عن تنقيط المنح الجامعية والمساعدات الطبية والنكت الذكية منذ أعيد انتخابه أخيراً، مقابل «طحشة» وزير الدفاع فايز غصن خدماتياً.
خامساً، المزاج الماروني العام غير المتحزّب والذي أيّد بقوة 14 آذار في انتخابات الكورة السابقة انسجاماً مع توصيات بطريركيته ومخاوفها، سيلزم منزله اليوم أو يقترع انسجاماً مع توصيات بطريركيته العامة اليوم ومخاوفها، مع العلم بأن التواصل القائم بين القوميين والراعي هذه الأيام يكاد يكون شبه يوميّ.
معنويات القوميين المرتفعة يهزّها سلباً ما يمكن وصفه في بعض القرى باللامبالاة العونية التي يمكن في حال تفاقمها أن تباعد أكثر وأكثر بين العونيين والقوميين إلى درجة سيصعب فيها، بحسب أحد القوميين، جمعهما في أي استحقاق لاحق.
باختصار، إذاً، لا معركة بعد في الكورة: ثمة فريق يملك المال والإرث الخدماتي والخطاب السياسي الهجومي، يخوض الانتخابات بماكينة واحدة، يواجهه فريق كل مجموعة فيه فريق، يبخل بالمال، ولا يتقن استغلال اللحظة السياسية، ليري خصومه كيف تكون المعارك.
هكذا تفوزون
في دراسة أعدّتها يوم 6 حزيران 2012، لفتت «الدولية للمعلومات» انتباه قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر إلى أن التهرب من المعركة يعطي دفعاً للقوات ومناصريها، وهذا ما سيؤثر على انتخابات عام 2013، الأمر الذي يفرض على تحالف 8 آذار خوض الانتخابات بمرشح قوي. وأشارت الدراسة إلى أن خوض 8 آذار الانتخابات بمرشح حزبي سيصعّب الحصول على أصوات جديدة أكثر من التي حصدتها عام 2009. ولفتت إلى أن ترشيح شخصية مستقلة يمكن أن يجذب ناخبين مسيحيين ممّن صوتوا لمرشحي المستقبل ـــ القوات اللبنانية، وفوز هذه الشخصية هو خسارة للقوات اللبنانية. ورأت الدراسة أن تبديل الخيار السنّي ضمن الخيارات الحالية أمر صعب، لكن تبديل الخيار المسيحي ممكن، ولا سيما في البلدات الكبرى. ودعت الدراسة إلى اختيار مرشح من أنفه، لأن وزير الدفاع فايز غصن قادر بحكم موقعه الوظيفي الجديد على تحسين نتائج بلدته كوسبا، في موازاة تحسين الحزب القومي نتائج أميون التي سجّلت أدنى نسبة مشاركة في انتخابات 2009.