مقالات للكاتب

مهى زراقط

الإثنين 18 تشرين الثاني 2013

شارك المقال

«إنقاذ لبنان»: هيئة تسدّ الفراغ الدستوري

تنتهي في أيار المقبل ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في ظلّ غياب أيّ مؤشرات توحي بإمكان انتخاب رئيس جديد. وهذا يعني فراغاً دستورياً كاملاً: لا رئيس جمهورية، لا حكومة، ومجلس نيابي ممدّد له. يترافق ذلك مع انقسام سياسي حادّ، واحتقان طائفي ينفجر يومياً في مختلف المناطق.

كيف يتصرّف سياسيّو لبنان، من أصحاب القرار، مع هذا الواقع؟
الخطابات النارية التي تنطلق من هنا وهناك توحي بأنهم مستمرّون في العمل على قاعدة انتظار نتائج المواجهة الاقليمية. وفي المقابل، يعمل عرّابو «المبادرة الوطنية للإنقاذ» على خط آخر. عدم انتظار الخارج، وانتزاع المبادرة. لذلك، أعلنوا أول من أمس خطة عملهم للأشهر الستة المقبلة، التي ستنتهي بـ«تشكيل هيئة تأسيسية تسدّ الفراغ في الشرعية، وإصدار إعلان دستوري مؤقت يحكم المرحلة الانتقالية التي يجري خلالها العمل على إعادة تأسيس الدولة»، بحسب النائب السابق نجاح واكيم.
وأوضح الوزير السابق شربل نحاس أنه «من أجل أن تحظى هذه الهيئة بالشرعية الشعبية والقوة السياسية، ولكي تستند إلى خيارات واضحة، وحتى يرتكز تشكيلها على أساس الكفاءات، يجب أن تلحظ خطة العمل تقدّماً متوازياً على خطين: انتزاع المبادرة وكسر حواجز اليأس والتسليم»، غامزاً من قناة المشككين في أي عمل تغييري.
يأتي هذا الإعلان الطموح مفاجئاً، بعد صمت استمرّ قرابة أربعة أشهر، إذ بدا خلال الفترة الفاصلة بين المؤتمر التحضيري الأول الذي عقد في 15 حزيران الفائت، والمؤتمر الثاني الذي عقد أول من أمس، أن أمور «المبادرة الوطنية للإنقاذ» لا تسير على ما يرام. تردّدت أخبار عن انسحاب البعض، وعن عدم اهتمام البعض الآخر، ما عزّز موقف المشكّكين في قدرة هذه المجموعة على التغيير.
وكان لافتاً، خلال الأشهر الأربعة التي فصلت بين المؤتمرين، غياب أيّ نقاش للعناوين التي طرحتها المبادرة، سلباً أو إيجاباً. بقيت الخطوة في عهدة أصحابها تنتظر منهم دفعة إضافية، وبقي منتقدوها يتفرّجون عليها من دون خوض أي نقاش جدي معها.
أول من أمس، خطا المبادرون خطوتهم الثانية، أو هكذا قالوا. قدّموا خطة العمل مجدداً، أعادوا التذكير بأهدافهم: تشكيل هيئة تأسيسية، إعلان دستوري، صوغ ميثاق وطني جدي، وأبدوا استعدادهم لإطلاق ورش عمل تحت عنوان «أيام الخيارات الوطنية» التي يفترض أن تناقش خمسة محاور: الموقع والموقف الإقليميين والدوليين، التمثيل السياسي والرقابة الشعبية، الشرعية والعدالة والحقوق، العمل والدخل والضمانات الاجتماعية، الإدارة العامة.
لا جديد في كلّ ما قيل. لا نزال في الإطار النظري، إلا إذا صدّقنا أن ما تلاه أمين سرّ لجنة المبادرة نديم علاء الدين هو فعلاً مهمات منجزة تختصر بالآتي: «تواصل مع عشرات الجمعيات الناشطة وإبداء العديد منها رغبته في الانضمام، تشكيل جبهة طلابية وطنية في الجامعة اللبنانية أعلنت برنامجها في مؤتمر صحافي ونجاح المؤتمر التحضيري الأول في البقاع، في حين بقي موضوع الحركة النقابية من دون عمل لأنه يحتاج إلى مزيد من البحث. والإعداد جار لعقد مؤتمرات في الجنوب وجبل لبنان. أما في الشمال، فاستعيض عن المؤتمر بندوتين بسبب الوضع الأمني».
إذا كان هذا هو ما أمكن فعله خلال أربعة أشهر، كيف يمكن أن نصل بعد ستة أشهر إلى تأسيس هيئة تسدّ الفراغ في الشرعية؟
لم يطرح السؤال مباشرة على عرّابي المبادرة. لكن النقاش المفتوح الذي أداره عضو لجنة المتابعة سايد فرنجية واستمرّ ساعتين، سجّل العديد من الملاحظات. كان واضحاً أن ما يبحث عنه المستمعون هو آلية العمل. كيف ستتحقق هذه الخطة الطموحة خلال ستة أشهر، في بلد يشهد هذا الكمّ من المشاكل؟ كيف نستولي على السلطة أمام هذا الالتحاق الشعبي بالطوائف؟ منهم من سأل مباشرة، ومنهم من لم يخف تشاؤمه، في حين نصح آخرون بتغيير الأولويات، فتكرّرت الدعوة إلى ضرورة عدم فصل الحراك عن الوضع الاقليمي، «نحن لا نعيش في جزيرة معزولة»، «من لا يملك قراره الاقتصادي لا يملك قراره السياسي».
النقاش الذي حافظ حتى نهايته على حضور تجاوز 300 شخص لم يخل من اقتراحات مثل: أن تتضمن وثائق المبادرة ما يفيد بأن إسرائيل عدو، وأن يتعدّل أحد نصوص المبادئ الدستورية بحيث ينتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة. البيان الختامي الذي صدر أمس أعلن «التوافق على اعتماد الأوراق المقدمة، مضافة إليها التوصيات والاقتراحات البناءة التي قدّمها المشاركون، على أن تعاد صياغة المقررات النهائية خلال أسبوعين وطرحها على الرأي العام في سياق تنفيذي تعبوي شعبي يبلور موقفاً وإعلاناً وطنياً يدين النظام الطائفي الذي أسقط الدولة ويؤطّر القوى والجهود لتصوّر نظام جديد».

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي