جريمة مستيتا: السلاح «فلتان»


أقلّ ما يقال عنها أنّها جريمة تشبه الجرائم التي تظهر في الأفلام البوليسيّة. فقد اهتزت مستيتا - بلاط (قضاء جبيل) الساعة 11:45 من مساء الجمعة على وقع «مجزرة» راح ضحيتها ثلاثة شبان، وشخص آخر أطلق النار على نفسه بعد مقتل ابنه، فضلاً عن إصابة عدد آخر من المشتركين في هذا «العراك» الدموي الذي اندلع على خلفية «علاقة حب» و«شبهة تحرّش».
لا يكاد أهل قضاء جبيل عموماً، ومستيتا - بلاط خصوصاً، يصدّقون القصّة التي شغلت الدنيا وملأتها منذ وقوع الجريمة. فقد شُغل المواطنون بمتابعة تفاصيل الحادثة التي وصفوها بالمأسويّة والتي أتت نتيجة لأسباب يرونها «سخيفة». حالة من الذهول تسود مستيتا، يتحدّث بعض أبنائها عن سماعهم لإطلاق النار الكثيف مساء الجمعة. كذلك يشهد المكان على فظاعة ما حصل، في ظلّ تناثر الدماء في المكان وزجاج السيّارات من كلّ صوب. تبدو ساحة الجريمة كأنّها حقّاً ساحة حرب شهدت على مأساة حقيقيّة وكبيرة اختلط فيها الحابل بالنابل.
«بطلة» القصّة هي الشابّة باميلا ج. (مواليد 1992) من بلدة عرمون، كانت تسكن في بلدة عمشيت قبل أن تنتقل ووالدتها للسكن في مستيتا منذ نحو شهر ونصف. كانت تربط باميلا علاقة بالشابّ كارلوس غ. وقد افترقا منذ نحو عام. وقد عمدت باميلا إلى تغيير رقم هاتفها الخلويّ منذ مدّة. كانت باميلا مساء الجمعة تتناول طعام العشاء برفقة الشابّ آلان ق. (من بلدة عمشيت) الذي تربطها به علاقة جديدة، وقد اتّصل برقم هاتفها الخلويّ كارلوس غ. ليردّ على الاتّصال آلان. حصل حينها تلاسن بين الشابّين، علماً أنّهما على معرفة مسبقة، وعلى الأرجح أنّهما تواعدا إثر الاتّصال على اللقاء «في الساحة»، وتحديداً في الساحة المقاربة للمبنى الذي تسكنه باميلا في مستيتا. اتّصل كلّ من الشابّين بأشخاص من قبلهما، فحضر إلى المكان آلان برفقة باميلا ووالده ميشال وثلاثة شبان (سوريين) تحسّباً للمواجهة ولإيصال باميلا إلى منزلها. وبعد أن نزلت باميلا من السيّارة وتوجّهت إلى منزلها، همّ آلان ومن برفقته بالمغادرة، إلا أن كارلوس كان ينتظرهم برفقة مجموعة من الشباب على الطريق. ترجّل ميشال من السيّارة ليتكلّم مع كارلوس وحصل تلاسن بينهما تطوّر إلى تدافش وتضارب بالأيدي. نزل بعدها الشبان من السيّارة لمؤازرة ميشال، ومن جهة كارلوس، كانت مجموعة من الشباب تطوّق الساحة وحصل تبادل إطلاق نار عشوائيّ من قبل المشتركين. وقد أدّى إطلاق النار الكثيف إلى مقتل كلّ من ميشال ق.، إيلي أ.ي.، ورفعت ك. فيما أصيب كارلوس وجاد غ. بإصابات نُقلا على أثرها إلى العناية الفائقة في مستشفى سيّدة المعونات في جبيل، وهما رهن التوقيف، ونقلت جثّة إيلي أ.ي. إلى المستشفى عينه. وقد نقلت جثّة ميشال ورفعت إلى مستشفى ماريتيم في جبيل.
ولتزداد الأمور مأسويّة، بعد أن علم يوسف أ.ي. (وهو مريض) بمقتل ابنه إيلي، أقدم وهو في منزله على إطلاق النار على نفسه من مسدّسه الحربيّ، فأصيب إصابة ببطنه أدّت إلى مقتله على الفور.
فتحت الجريمة الباب على تكهّنات كثيرة، كذلك فإنّها جعلت أبناء قضاء جبيل يتساءلون عن استعمال الأسلحة الفرديّة والرشّاشة بنحو فاضح واستعراضيّ، متخوّفين من أن يصبح ما يعرف بالأمن الذاتي «موضة» تتفشّى بنحو أكبر وأكبر في جبيل كما في مناطق لبنانيّة أخرى.
كذلك إنّ العديد من المواطنين سألوا عمّن يحميهم من جرائم مماثلة، وما الذي يكفل عدم تكرارها. هم يقولون إنّ إشكالاً بين شابين سببه شابّة، خضّ قضاء جبيل وهزّ أمنه طوال نهاية الأسبوع، متوقّعين ألّا تنتهي ذيوله قريباً.
يتولّى قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبد الله التحقيق في الجريمة منذ مساء الجمعة، وقد حضر إلى سرايا جبيل شخصيّاً لمتابعة مجريات التحقيق عن كثب. وألقت دوريّة لشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخليّ في الشمال القبض على آلان ق.
بعد ظهر الأحد (كان فارّاً إلى منطقة عكّار). وإلى الآن، أُوقف سبعة من المشتبه فيهم، من بينهم باميلا وأحد الشبان المشاركين، وآخر هو خالد أ. المصاب في مستشفى ماريتيم، وهناك أربعة لبنانيين فارّين وقيد الملاحقة، هم: ر. ص.، ا. ص.، ش. أ.ي.، ا. أ. ي.، وقد سطّرت مذكّرات جلب بحقّهم لأخذ إفاداتهم؛ لأن التحقيق أثبت وجودهم في الحادثة.
الجريمة الكبيرة التي حصلت في مستيتا لم تنته فصولها بعد. التحقيق يتواصل لكشف مختلف خيوطها وتفاصيلها.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي