رسوم الجامعة اللبنانية ارتفعت... لم ترتفع
خرجت المجالس الطلابية في الجامعة اللبنانية مدعومة من منظماتها الحزبية لتعترض على قرار لم يصدر بعد. في حوزة المنظمات، كما يقول مسؤولوها، تسريبات عن توقيع وزير التربية حسان دياب يوم الخميس الماضي مشروع مرسوم لزيادة رسوم التسجيل تمهيداً لإقراره في مجلس الوزراء، وبالتالي فإنّ «الاعتصام أمس أمام مقر ليبان بوست في حرم المجمع الجامعي في الحدث ما هو إلّا تحرك استباقي لرفض أي خطوة مستقبلية في هذا الشأن».
وعشية التحرك، غصت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات على خبر مفاده أنّه جرى رفع رسوم التسجيل لمرحلة الإجازة الجامعية من 245 ألف ليرة لبنانية إلى 600 ألف ليرة، ما عكس تخوّفاً جدياً في صفوف الطلاب، ترافق مع استنفار قامت به المنظمات عبر دعوة مناصريها للاحتجاج على القرار «المفترض»، ملوحة بمزيد من التحركات على هذا الصعيد.
فهل هناك نية فعلية لزيادة رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما هي خلفية تحرك المنظمات في هذا التوقيت بالذات؟
رسمياً، أكد عميد كلية الإعلام والتوثيق ومستشار رئيس الجامعة د. جورج كلّاس، في بيان وزع أمس، «أنه ليس هناك أي إجراء إداري يتعلّق بتعديل أو زيادة رسوم التسجيل في الجامعة»، مؤكداً أنّ رسوم التسجيل للإجازة هي 245 ألف ليرة وللماستر والدكتوراه 947 ألفاً. وأشار كلاس إلى أنّ «الجامعة الوطنية لا تتقاضى أقساطاً بل رسوماً رمزية تدخل الخزينة العامة للدولة».
وفيما يتساءل منظمو التحرّك عن سبب «الزودة» ما دامت الحكومة هي المخوّلة صرف موازنة الجامعة، ينفي رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين، في حديث لأحد المواقع الالكترونية، أن تكون قد بُتت أي زيادة والأمر يحتاج إلى مرسوم تتّخذه الحكومة اللبنانية أو قانون يقرّ في مجلس النواب». ويقول إنّنا «لا نريد تحميل الطلاب أكثر من طاقتهم، علماً بأنّ المنتسبين إلى كلية الطب يدفعون سنوياً 400 دولار فقط وهذا إنجاز للجامعة»، سائلاً: «هل توجد دولة في العالم تفعل ذلك؟». لا يتردد الرئيس في التذكير بأنّ «رسوم الجامعة لا تزال على حالها، وهي أدنى من رسوم التسجيل في الثانويات الرسمية، وهذا أمر غير جائز»، لافتاً إلى وجود أزمة مالية في الجامعة. واتهم السيد حسين المنظمات الطلابية بأنّها «تسعى إلى الاتجار بالطلاب ومدّ النفوذ والتعبئة».
هذا الكلام يردّ عليه أمين سر المنظمات الشبابية ربيع مصطفى، في كلمة ألقاها خلال الاعتصام بالقول إننا « لسنا تجاراً لنتاجر بمصالح الطلاب»، لافتاً إلى أننا «طلبنا مراراً موعداً من رئاسة الجامعة للتباحث بالقرار ولم نحصل عليه حتى الآن». ودعت الطالبة هبة الحلبي، باسم المعتصمين، الأساتذة إلى الوقوف إلى جانب تحرك الطلاب تماماً «كما وقفنا إلى جانبهم وتحملنا الأبنية المهترئة، أهكذا يتم ردّ الجميل؟»، مؤكدة أن «التعليم المجاني حق لا يجب ان يُسلب».
الاعتصام حضره ممثلون عن حزب الله وحركة أمل والحزب العربي الديمقراطي والحزب القومي. أما قطاع الطلاب والشباب في الحزب الشيوعي اللبناني فأصدر بياناً لفت فيه إلى أننا «فوجئنا بمنع الأجهزة الأمنية لمسؤول القطاع أدهم السيد من الدخول إلى مجمّع الحدث بذريعة أنه ليس طالباً مسجلاً ضمن كليات المجمّع، علماً بأن العديد من الأشخاص وهم ليسوا طلاباً في المجمّع، دخلوا الجامعة على مرأى من الأجهزة الأمنية». وأدان القطاع الحادثة، مستنكراً «طريقة التعاطي معنا، إذ لن تمنعنا هذه التصرفات من استكمال نضالنا في الدفاع عن الجامعة الوطنية ومصالح الطلاب سابقاً». وأعلن القطاع أننا «كنّا من الداعين لهذا التحرّك الذي لن يتوقّف إلّا بإلغاء هذا القرار القاضي برفع الرسوم، وسنعمل إلى جانب كل القوى السياسية والطلابية حفاظاً على حق الفقراء في التعلّم وحفاظاً على جامعة الفقراء».
الطلاب افترشوا المدرجات رافعين لافتات رفضوا فيها تحميلهم وزر عجز المعنيين في الدفاع عن حق الجامعة في صرف موازنتها. في السياق، يقول عضو مجلس الطلاب في كلية العلوم الاجتماعية ــ الفرع الأول حيدر شميساني «من حقنا معرفة أين ستصرف المليارات التي ستجمعها الجامعة من عشرات آلاف الطلاب». هنا تنفي إحدى المعتصمات أن تكون حجة الزيادة هي تغطية الخدمات التي تقدمها الجامعة بالمقابل «لأنها كرمالها لورا».
وتضيف أخرى: «والله ما بقا معنا مصاري، ما على أساس إنو الجامعة اللبنانية هي جامعة الفقرا». وتتدخل سارة، إحدى المشاركات في الاعتصام فتقول «نحن خمس أخوة وابي ليس قادراً على دفع نفقات تعليمنا»، مشيرة إلى أنّها تضطر للعمل من أجل توفير رسوم التسجيل. يتقاطع كلام سارة مع شهادات العديد من الطلاب الذين أكدوا عدم قدرة أهاليهم على تحمل أعباء إضافية. ويبدو لافتاً ما قاله عبد، أحد طلاب كلية الهندسة، لجهة «أننا لم نلجأ إلى الجامعة اللبنانية إلا لأننا غير قادرين على الالتحاق بالجامعات الخاصة، والوفر المادي هو أول ما نصبو إليه!».
يذكر أنّ المعتصمين ربطوا تخوّفهم من تطبيق القرار بقرار آخر اتخذ هذا العام وقضى برفع تكلفة السكن الجامعي.
ليست جامعة الفقراء
هناك بين أهل الجامعة من يقارب مسألة رفع رسوم التسجيل انطلاقا من تجاهل تام لدور الدولة في تأمين التعليم المجاني، فثقافة «المجاني»، برأيهم، أثبتت فشلها في قيادة الجامعة. كأنهم بذلك يشهرون عداءً مضمرا للفقراء، اذ يقولون ان الزيادة التي يمكن أن تطرأ تكاد لا تذكر مقارنة باحتياجات الجامعة المالية والإدارية لجهة استحداث فروع وشعب واختصاصات جديدة، وما يترتب على ذلك من أعباء إضافية، فضلا عن التضخم الذي حصل في السنوات العشر الأخيرة. وتذكر هذه الأوساط أنّ كلفة الطالب في الجامعة تعد أعلى كلفة في كل الجامعات اللبنانية. وتنفي أن يكون طلاب الجامعة من الطبقات الفقيرة فـ«هذا الصرح يضم طلاباً من كل الفئات». وتلفت إلى أنّ المقاربة ليست اجتماعية هنا ولا ينبغي تسييس الموضوع.
وعشية التحرك، غصت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات على خبر مفاده أنّه جرى رفع رسوم التسجيل لمرحلة الإجازة الجامعية من 245 ألف ليرة لبنانية إلى 600 ألف ليرة، ما عكس تخوّفاً جدياً في صفوف الطلاب، ترافق مع استنفار قامت به المنظمات عبر دعوة مناصريها للاحتجاج على القرار «المفترض»، ملوحة بمزيد من التحركات على هذا الصعيد.
فهل هناك نية فعلية لزيادة رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما هي خلفية تحرك المنظمات في هذا التوقيت بالذات؟
رسمياً، أكد عميد كلية الإعلام والتوثيق ومستشار رئيس الجامعة د. جورج كلّاس، في بيان وزع أمس، «أنه ليس هناك أي إجراء إداري يتعلّق بتعديل أو زيادة رسوم التسجيل في الجامعة»، مؤكداً أنّ رسوم التسجيل للإجازة هي 245 ألف ليرة وللماستر والدكتوراه 947 ألفاً. وأشار كلاس إلى أنّ «الجامعة الوطنية لا تتقاضى أقساطاً بل رسوماً رمزية تدخل الخزينة العامة للدولة».
وفيما يتساءل منظمو التحرّك عن سبب «الزودة» ما دامت الحكومة هي المخوّلة صرف موازنة الجامعة، ينفي رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين، في حديث لأحد المواقع الالكترونية، أن تكون قد بُتت أي زيادة والأمر يحتاج إلى مرسوم تتّخذه الحكومة اللبنانية أو قانون يقرّ في مجلس النواب». ويقول إنّنا «لا نريد تحميل الطلاب أكثر من طاقتهم، علماً بأنّ المنتسبين إلى كلية الطب يدفعون سنوياً 400 دولار فقط وهذا إنجاز للجامعة»، سائلاً: «هل توجد دولة في العالم تفعل ذلك؟». لا يتردد الرئيس في التذكير بأنّ «رسوم الجامعة لا تزال على حالها، وهي أدنى من رسوم التسجيل في الثانويات الرسمية، وهذا أمر غير جائز»، لافتاً إلى وجود أزمة مالية في الجامعة. واتهم السيد حسين المنظمات الطلابية بأنّها «تسعى إلى الاتجار بالطلاب ومدّ النفوذ والتعبئة».
هذا الكلام يردّ عليه أمين سر المنظمات الشبابية ربيع مصطفى، في كلمة ألقاها خلال الاعتصام بالقول إننا « لسنا تجاراً لنتاجر بمصالح الطلاب»، لافتاً إلى أننا «طلبنا مراراً موعداً من رئاسة الجامعة للتباحث بالقرار ولم نحصل عليه حتى الآن». ودعت الطالبة هبة الحلبي، باسم المعتصمين، الأساتذة إلى الوقوف إلى جانب تحرك الطلاب تماماً «كما وقفنا إلى جانبهم وتحملنا الأبنية المهترئة، أهكذا يتم ردّ الجميل؟»، مؤكدة أن «التعليم المجاني حق لا يجب ان يُسلب».
الاعتصام حضره ممثلون عن حزب الله وحركة أمل والحزب العربي الديمقراطي والحزب القومي. أما قطاع الطلاب والشباب في الحزب الشيوعي اللبناني فأصدر بياناً لفت فيه إلى أننا «فوجئنا بمنع الأجهزة الأمنية لمسؤول القطاع أدهم السيد من الدخول إلى مجمّع الحدث بذريعة أنه ليس طالباً مسجلاً ضمن كليات المجمّع، علماً بأن العديد من الأشخاص وهم ليسوا طلاباً في المجمّع، دخلوا الجامعة على مرأى من الأجهزة الأمنية». وأدان القطاع الحادثة، مستنكراً «طريقة التعاطي معنا، إذ لن تمنعنا هذه التصرفات من استكمال نضالنا في الدفاع عن الجامعة الوطنية ومصالح الطلاب سابقاً». وأعلن القطاع أننا «كنّا من الداعين لهذا التحرّك الذي لن يتوقّف إلّا بإلغاء هذا القرار القاضي برفع الرسوم، وسنعمل إلى جانب كل القوى السياسية والطلابية حفاظاً على حق الفقراء في التعلّم وحفاظاً على جامعة الفقراء».
الطلاب افترشوا المدرجات رافعين لافتات رفضوا فيها تحميلهم وزر عجز المعنيين في الدفاع عن حق الجامعة في صرف موازنتها. في السياق، يقول عضو مجلس الطلاب في كلية العلوم الاجتماعية ــ الفرع الأول حيدر شميساني «من حقنا معرفة أين ستصرف المليارات التي ستجمعها الجامعة من عشرات آلاف الطلاب». هنا تنفي إحدى المعتصمات أن تكون حجة الزيادة هي تغطية الخدمات التي تقدمها الجامعة بالمقابل «لأنها كرمالها لورا».
وتضيف أخرى: «والله ما بقا معنا مصاري، ما على أساس إنو الجامعة اللبنانية هي جامعة الفقرا». وتتدخل سارة، إحدى المشاركات في الاعتصام فتقول «نحن خمس أخوة وابي ليس قادراً على دفع نفقات تعليمنا»، مشيرة إلى أنّها تضطر للعمل من أجل توفير رسوم التسجيل. يتقاطع كلام سارة مع شهادات العديد من الطلاب الذين أكدوا عدم قدرة أهاليهم على تحمل أعباء إضافية. ويبدو لافتاً ما قاله عبد، أحد طلاب كلية الهندسة، لجهة «أننا لم نلجأ إلى الجامعة اللبنانية إلا لأننا غير قادرين على الالتحاق بالجامعات الخاصة، والوفر المادي هو أول ما نصبو إليه!».
يذكر أنّ المعتصمين ربطوا تخوّفهم من تطبيق القرار بقرار آخر اتخذ هذا العام وقضى برفع تكلفة السكن الجامعي.
ليست جامعة الفقراء
هناك بين أهل الجامعة من يقارب مسألة رفع رسوم التسجيل انطلاقا من تجاهل تام لدور الدولة في تأمين التعليم المجاني، فثقافة «المجاني»، برأيهم، أثبتت فشلها في قيادة الجامعة. كأنهم بذلك يشهرون عداءً مضمرا للفقراء، اذ يقولون ان الزيادة التي يمكن أن تطرأ تكاد لا تذكر مقارنة باحتياجات الجامعة المالية والإدارية لجهة استحداث فروع وشعب واختصاصات جديدة، وما يترتب على ذلك من أعباء إضافية، فضلا عن التضخم الذي حصل في السنوات العشر الأخيرة. وتذكر هذه الأوساط أنّ كلفة الطالب في الجامعة تعد أعلى كلفة في كل الجامعات اللبنانية. وتنفي أن يكون طلاب الجامعة من الطبقات الفقيرة فـ«هذا الصرح يضم طلاباً من كل الفئات». وتلفت إلى أنّ المقاربة ليست اجتماعية هنا ولا ينبغي تسييس الموضوع.