فرسان «الستين»: مرشحون رغماً عن «الإجماع»
لم يحل «الإجماع اللفظي» على رفض قانون «الستين» دون تقديم بعض المرشحين ترشيحاتهم قبل الاتفاق على قانون انتخابي جديد أكثر انصافاً من سلفه. لم يسع هؤلاء انتظار جلاء نتائج الجلسات النيابية المكثفة للاتفاق حول آلية انتخابية جديدة، فخرجوا عن «الإجماع»، مقدمين ترشيحاتهم الى وزارة الداخلية في الأيام القليلة الماضية. والمفارقة أن الجزء الأكبر من مرشحي الستين هؤلاء ليسوا من تيار المستقبل ولا تابعين لمنتحلي صفة «المستقلين»، ولا يبغون رضى النائب وليد جنبلاط.
أول السياسيين الذين قرروا «ضرب الحديد وهو حامي» المرشح المفترض على لائحة التيار الوطني الحر في عكار النائب السابق مخايل الضاهر. غرّد الأخير خارج سرب العونيين، فقرر «التسلل» يوم الاثنين الماضي (8/4/2013) الى وزارة الداخلية «لتطبيق القانون». اذ سبق ترشحه بحديث تلفزيوني الأسبوع الماضي نصح فيه من تعنيهم كراسي النيابة بتقديم ترشيحاتهم، «فالمهلة منصوص عنها في القانون ولا يستطيع احد ان يلغيها الا قانون آخر والكلام عن الغاء الترشيحات لن يؤدي الى نتيجة». فقد نفد صبر الضاهر من الكلام عن قانون آخر. علما أن تنافساً جديا يجري منذ فترة في الكواليس العونية للحلول مكان الضاهر على اللائحة المفترضة، وأبرز المرشحين مسؤول التيار الوطني الحر السابق في عكار جيمي جبور والمرشح جوزيف مخايل الذي وضع ترشحه في تصرف النائب ميشال عون.
ثاني مستعجلي الترشح على أساس قانون الستين، حليف آخر لقوى 8 آذار، هو النائب نقولا فتوش (تقدم بطلب ترشحه في 6/4/2013). تنقّل فتوش في السنوات الماضية بين سوريا وقريطم والبلاط السعودي ليرسو أخيرا، بعد رفض كتلة زحلة تسميته وزيرا وصدّ قوى 14 آذار أبوابها في وجهه، في برّ التيار الوطني الحر. لكن صداقته مع حزب الله والنائب العوني السابق سليم عون لم تدفعه إلى مسايرة حلفائه الجدد في مقاطعتهم للستين، فتقدم بترشيحه من دون علمهم.
يمكن لمن لا يعرف تاريخ الضاهر وفتوش أن يفاجأ بترشحهما على أساس القانون الذي يسعى المسيحيون جاهدين الى القضاء عليه. الا أن من يذكر انتخابات 1992 التي جرت في ظل مقاطعة مسيحية، لا يدهش بترشحهما، اذ سبق لهما أن سارا يومها أيضا «عكس الإجماع».
كرمى لعيون الرئيس
حتى مساء أمس، كانت لائحة أسماء المرشحين للانتخابات النيابية على أساس قانون الستين قد لامست الـ54 مرشحا، من بينهم 24 مرشحاً مسيحياً من مختلف الأقضية. منهم المعلنون، كمسيحيي البوسطة الجنبلاطية أمثال النائبين ايلي عون ونعمة طعمه اللذين جاء ترشيحهما على لسان مفوض العدل في جبهة النضال الوطني نشأت حسنية. يضاف اليهما النائب هنري الحلو الذي أرسل لاحقاً أوراقه الى جبهة النضال لترشيحه الى جانبهم بعد أن ثبتت عودته الى بيت طاعة المختارة. والحلو بالمناسبة «يمارس حقه الديموقراطي اذ لا يرى في قانون الستين مشكلة. وربما يتم تحسينه». أما اذا تم تغيير القانون، «فسأترشح مجددا على أساس القانون الجديد»، يقول الحلو.
القسم الثاني من المرشحين ينتمي الى النوع الخجول. يؤيد التيار الوطني الحر سياسياً ويبقي أمر ترشحه سرا علّه ينجو بفعلته بأقل الأضرار الممكنة كالنائب السابق مخايل الضاهر. فالضاهر، وفي اتصال مع «الأخبار»، تلعثم بشأن ترشيحه الذي أراد بقاءه سرا، مع تأكيده أنه «مع القانون الموجود الى حين ايجاد البديل». عندها يصبح مع البديل. أما زميله في الترشح نقولا فتوش فغائب عن السمع.
في المقابل، قسم ثالث يجاهر بترشحه على أساس الستين وينسج له غزلا ما بعده غزل، كالنائب فؤاد السعد الذي تقدّم بترشيحه بشكل مستقل بمعزل عن النائب وليد جنبلاط. بنظر السعد «القانون الذي أعرفه أفضل من الذي لا أعرفه، لذلك تقدمت بترشيحي. الستين خدم لأكثر من ثلاثين سنة ولو كان عاطلا لما كان استمر كل هذه المدّة». أما الحديث عن قوانين أخرى كالنسبية والمختلط «فلن يمشوا» بحسب نائب عاليه المنفصل عن جبهة النضال الوطني، اذ سيرى السياسيون في ما بعد «صعوبة تطبيق أي قانون آخر غير الستين وصعوبة تقديمه للرأي العام للانتخاب على أساسه». وحين تقرأ أسماء المرشحين تفهم أسباب عجلة سعد، فقد تقدم مرشحان مارونيان من عاليه محسوبان على جنبلاط بترشحهما الى وزارة الداخلية للحلول محل سعد. الأول رئيس بلدية الكحالة السابق (الخاسر في الانتخابات البلدية الأخيرة) سهيل بجاني، والثاني رئيس جمعية السلام ومستشار النائب أكرم شهيب في وزارة المهجرين فادي أبي علام.
ومن عاليه الى بعبدا حيث مرشح آخر هو النائب السابق صلاح حنين. وضع الأخير نفسه في تصرّف الرئيس ميشال سليمان. وبالتالي لم يكن مفاجئاً تقدمه بالترشح على أساس القانون المدعوم من القصر الرئاسي. وتشير المصادر المقربة من القصر إلى أن الرئيس أوعز لبعض المرشحين المسيحيين الذين يصنّفون أنفسهم في خانة «المستقلين» أو ضمن «خط سليمان السياسي» من أجل التقدم بترشيحاتهم سريعا الى الداخلية. وكان له اتصال بجنبلاط أبلغه فيه بضرورة حث نوابه ومرشحيه على تعبئة طلبات ترشيحهم، بعد أن «سوّد وجهه مسيحيا وكنسيا» من أجل الدفاع عن هذا القانون.
في الكورة، نفّذ ابن شقيق النائب الراحل فريد حبيب، جو جرجي حبيب تهديداته، وترشح. وتشير الأوساط الكورانية الى أن حبيب لم يحسم بعد أمر ترشحه ضمن فريق معين ولا زال منفتحا على جميع القوى السياسية، خصوصا مع اتجاه حزب القوات لإبقاء النائب الحالي فادي كرم في الدورة المقبلة. وفي جزين مرشح يدعى انطوان يوسف كرم، لا يزال تائها في هويته.
يقول عنه أحد الناشطين السياسيين في جزين: «تارة يمشي مع النائب السابق سمير عازار وطورا يصبح ممثل حزب البعث في جزين، وفي الوقت المستقطع يدافع عن حقوق المسيحيين مطالبا بوقف معاناتهم وانصافهم».
هذا في ما خص الشق المسيحي والوجوه النيابية والسياسية المعروفة. في المقابل، لم يعد خافيا تقديم كل من النائب جنبلاط وعلاء الدين ترو وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور والنائب السابق أيمن شقير ترشيحاتهم. وأيضا لاقاهم النائب مروان حماده في منتصف الطريق بعد أن استأذن جنبلاط قبيل توجهه الى الداخلية للترشح. ومن جهة أخرى، تقدّم رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي بترشيحه أول من أمس عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية، رافعا صلواته للستين علّه ينجح بالتزكية. فيما تقدمت كارول نورا بابكيان، ابنة نائب الطاشناق الراحل خاتشيك بابكيان، بطلب ترشحها عن المقعد الأرمني في دائرة بيروت الأولى. الا أن كارول، بحسب المقربين من الطاشناق، أقرب الى قوى 14 آذار منها إلى الطاشناق.
في زحلة كما في بيروت، شبك المرشحان السنيان عن دائرة زحلة، خالد عراجي ابن عم عضو كتلة المستقبل النائب عاصم عراجي وطارق الميس ابن شقيق الشيخ خليل الميس، أيديهما وتوجها معا الى الصنائع. فربما يحالفهما الحظ أيضا! وفي عكار، تقدّم علاء الدين عبد الواحد بترشيحه، وهو شقيق الشيخ أحمد عبد الواحد الذي قُتِل العام الماضي على حاجز للجيش اللبناني في الكويخات العكارية.
يقف «فرسان الستين» اليوم في وجه الاجماع على رفض قانون الستين والسعي النيابي الحثيث لاستبداله بقانون آخر. لذلك يتحمل هؤلاء، ولو بصورة شكلية، مسؤولية خرق ذلك الاجماع والمساهمة في شرعنة الستين عبر اعتراض مسيرة دفنه كرمى لكرسي نيابي لم يكونوا ليكسبوه لولا أصوات طوائفهم التي يتمردون على «مصلحتها» اليوم.
«ستينيون» ولو كره الكارهون!
أول من نال «شرف» التربع على لائحة المرشحين بحسب قانون الستين هو المرشح الدرزي جهاد ذبيان في دائرة الشوف. أما ختام اللائحة قبل تعليق مهل الترشيح فكان من نصيب المرشح السني عن دائرة المنية الضنية داني الدهيبي. وفي ما بين هؤلاء 52 اسما موزعة على مختلف المناطق والطوائف. أما أبرز المرشحين غير المذكورين أعلاه، فهم تباعا بحسب تاريخ ترشيحاتهم: خالد حنقير (سني ـــ بيروت الثالثة)، مي الخنسا (شيعية ــــ بعبدا)، بشارة بطرس أبي يونس (ماروني ـــ جبيل)، أحمد عبد الرحمن عبيد (سني ــــ المنية الضنية)، علي بعجور (سني - بيروت الثالثة)، ناصر أبو اسبر (شيعي ــــ بيروت الثالثة)، نادين موسى (مارونية ــــ المتن الشمالي)، حبيب المدور (ماروني ــــ كسروان)، علاء الدين عبد الواحد (سني ــــ عكار)، عثمان علم الدين (سني ــــ المنية الضنية)، خليل شداد (شيعي ــــ قرى صيدا)، جوزيف الأسمر (ماروني ــــ بعبدا)، حمد ديب (شيعي ــــ زحلة)، علي أسعد (سني ــــ عكار)، أديب طعمه (ماروني ــــ المتن الشمالي)، فواز زكريا (سني ــــ عكار)، مارون القزي (ماروني ــــ الشوف)، سميح عبد الحي (سني ــــ عكار)، كميل مرعي (ماروني ــــ المتن الشمالي)، حسين ياسر المصري (سني ــــ عكار)، وسيم المرعبي (سني ــــ عكار)، وسام الأحمدية (درزية ــــ بعبدا)، زينة الكلّاب وجوزفين زغيب عن كسروان، أحمد شعبان (شيعي ــــ بنت جبيل)، دلال الرحباني (انجيلي ــــ بيروت الثالثة)، سهيل الفليطي (سني ــــ بعلبك الهرمل)، علي الجناني (سني ــــ البقاع الغربي راشيا)، يحيى عميص (شيعي ـــ النبطية)، سامر نعوم (ماروني ــــ زغرتا)، بولين عيراني (مارونية ــــ بعبدا).