الأخطاء الطبية: 1000 شكوى... طبيب واحد عوقب فعلياً

أطلقت الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، دراسة من اعداد عطالله السليم، حاولت من خلالها تفسير الواقع المحيط بالأخطاء الطبية، في المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية.
بين عام 1996 و2013، سُجّل لدى نقابة الأطباء أكثر من ألف شكوى، تتعلق بالأخطاء الطبية. وتمت احالة 400 شكوى منها على المجلس التأديبي. في حين صدر حوالى 300 حكم تأديبي بالعقوبات التي نصّ عليها القانون. وهناك 50 حكماً من أصل الـ 300 الصادرة تمّ خلالها ايقاف أطباء عن العمل لفترات معينة تترواح بين الشهرين والستة أشهر، فيما أوقفت النقابة طبيباً واحداً عن مزاولة المهنة نهائياً وحدث هذا عام 2001.

وتتلقى نقابة الأطباء سنوياً بين 100 الى 150 حالة اشتباه في خطأ طبي ما، وهي نسبة ضئيلة بالنسبة الى عدد العمليات الجراحية والتدخلات السريعة والعلاجات التي تقدمها المستشفيات اللبنانية والتي تبلغ آلاف العمليات بالسنة الواحدة.
لا تحظى الاخطاء الطبية المرتكبة في لبنان بالاهتمام الاعلامي المطلوب، سواء كانت بسبب انعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطبيب الممارس أو الفئات المساعدة، أو بسبب ممارسة عملية أو طريقة حديثة وتجريبية في العلاج، أو نتيجة حالة طارئة تتطلب السرعة على حساب الدقة، أو نتيجة طبيعة العلاج المعقّد. يجرى عادة التكتم وعدم التبليغ عنها، إما لأن المرضى أنفسهم قد يجهلون أنهم وقعوا ضحية خطأ طبي أو بسبب شكوكهم في امكانية وصول القضية الى خواتيمها المرجوّة والتي تكمن في المساءلة والمحاسبة. يزيد من هذا التوجه صعوبة توثيق الاخطاء الطبية لأنّ المريض غالباً ما يكون في وضع صحيّ يجبره على الا يدقّق كثيراً في التفاصيل المحيطة به وبوضعه الصحي أو النفسي، إضافةً الى ثقته بالطبيب المعالج.
استندت الدراسة الى دراسة أخرى أجرتها الجامعة الاميركية في بيروت، تفيد بأن معظم الاخطاء تبقى غير معلنة اذ إن 81.7 % من طاقم المستشفيات المشمولة بالدراسة، يشعرون بأن التبليغ عن الاخطاء التي قد يرتكبونها ستؤثّر سلباً فيهم، ويخشى 82.3 % منهم من أن الاخطاء التي يرتكبونها تبقى محفوظة في سجلاتهم عوضاً عن استخدامها لمعاينة الخلل وتفاديه لاحقاً. أظهرت الدراسة أيضاً أن النقص في الطاقم البشري العامل وضغط العمل، يؤثر بشكل مباشر في سلامة المرضى. في هذا الاطار، أفاد 40 % من المستطلعين أنهم يعانون من النقص في العامل البشري المطلوب لانجاز الاعمال التمريضية، وأن 66.9 % يعانون من ساعات عمل طويلة، و72.7 % منهم أنجزوا مهماتهم بسرعة لانّهم واجهوا ضغطاً في العمل. عوامل أقّل أهمية تدخل في عداد الدراسة أيضاً بخاصةً لناحية سوء التواصل ونقل المعلومات بين الاقسام المختلفة، حيث عبّر 72.6 % من المستطلعين عن هذا الامر. وفي هذا السياق، فإنّ ما نسبته 38.9 % فقط يعبّر عما بداخله عندما يلاحظ أمراً قد يؤثر سلبياً في صحة المريض وحياته، و43.1 % منهم يخشون توجيه الاسئلة والاستفسارات اللازمة عندما يلاحظون أمراً غير اعتيادي.
عرضت الدراسة حالة وفاة داخل مستشفى رُفعت على اثرها شكوى لدى الطبيب المعالج، ورأت لجنة التحقيقات المهنية في نقابة الاطباء، في تقريرها حينها أن ما حدث لم يكن خطأً طبياً، بل نتيجة جلطة سولية. الا أن القضاء دحض هذا التقرير الصادر، كونه جاء منقوصاً، وحكم بأن اهمالاً مثبتاً على المدعّى عليه تسبب بوفاة الضحية وجنينها (نتيجة تجاهله للمضاعفات التي سبقت حصول الجلطة. من هنا يمكن لنا طرح اشكالية خاصة بشفافية التحقيقات التي تقوم بها نقابة الاطباء، وتقدم الدراسة توصيات واقتراحات عدة في هذا الصدد. فتصل الى خلاصة مفادها بأن العلّة ليست بالقوانين الموضوعة لرعاية وتنظيم مهنة الطب، بل بأنظمة وآليات المراقبة والتطبيق.
لكن الطبيب ليس وحده دائماً هو سبب الخطأ الطبي، فينبغي أن تتوافر في المستشفى أو المستوصف بحسب الدراسة، أفضل شروط السلامة العامة لناحية المعدات والاجهزة الطبية وحسن استعمالها وحسن إدارة الموارد البشرية وكفاءة الطاقم التمريضي ومراقبة النظم التكنولوجية وتوفير شروط النظافة العامة وتوفير الراحة النفسية للمرضى.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي