المصرفيون يبغون الربح من «عقول الشباب»
الطريق الى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية يمر بالمشاريع المتوسطة والصغيرة. خلاصة سيروّج لها اتحاد المصارف العربية لثلاثة أيام عبر مؤتمر افتتحه أمس في فندق الموفمبيك في بيروت. هذا في الشكل، أما في المضمون، فلا حديث جديا عن مراجعة البنية الاقتصادية، بل مجرد تهكم على القطاع العام، وتمجيد لمنطق «التنافس».
معظم المؤسسات في العالم العربي (وفي لبنان أيضا) هي مؤسسات متوسطة وصغيرة. وبحسب دراسة «مؤسسة التمويل الدولية» تراوح نسبة مساهمة هذه المؤسسات، من مجمل الناتج المحلي، ما بين 33% في السعودية، 50% في الأردن، و80% في مصر، وصولا الى 99% في لبنان! وبحسب الدراسة نفسها، فان هذه المؤسسات تؤمن نحو 82% من فرص العمل، الا أن الدراسة تقدر الفجوة التمويلية لهذه المؤسسات في الشرق الأوسط بما بين 110 مليارات و140 مليار دولار. في ظل عدم الاستقرار في لبنان والمنطقة، اضافة الى ضعف البيئة الداعمة للأعمال بسبب البيروقراطية وتعدد الأكلاف التشغيلية في غياب البنى التحتية الفعالة، والصعوبة في الوصول الى التمويل، بحسب نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، فان المطلوب دعم القطاع المصرفي العربي لهذه المؤسسات، عبر اعادة النظر في السياسات التسليفية، والسعي إلى ايجاد حلول للمشاكل التي تحد من التمويل، وإلى ايجاد أدوات تمويلية مبتكرة تساعدها على التوسع والتطور.
لكن كيف لهذه المؤسسات أن «تتنافس» في ظل سياسات اليد المرفوعة والباب المفتوح أمام المؤسسات الكبيرة، التي «تبلع السوق»، ولا تترك مجالا لأحد لأن ينافسها؟ وهل «ضآلة فرص العمل والبطالة التي تدفع جيلا كاملا الى الهجرة أو الى الثورة»، بحسب توصيف جوزف طربيه، رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية، تعود الى ضعف دعم هذه المؤسسات، أم أننا بحاجة الى تغيير في بنية الاقتصاد؟ وهل دعم المؤسسات الصغيرة يحتاج الى دولة قوية ام الى ضرب القطاع العام؟ ولا سيما ان طربيه دعا في كلمته الى «تفادي المزيد من الضغط على مؤسسات القطاع العام، التي لم تعد قادرة على توفير فرص العمل المطلوبة»، فهل البنية الاقتصادية الريعية تسمح بتفادي هذا الضغط، طالما ان الوظائف النظامية والمستقرة والدائمة باتت تنحصر تقريبا في القطاع العام؟
توفيق دبوسي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، يشرح لـ«الأخبار» أن «العالم انفتح بعضه على بعض، ودخلنا الى عصر العولمة»، وعلى الشركات المتوسطة والصغيرة ان «تدرس وضعها جيدا» لمنافسة الشركات الكبيرة. يرفض دبوسي أن يكون للسوق المفتوحة أي تأثير سلبي على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في رأيه «أن على هذه المؤسسات أن تبحث عن المكان والقطاع الذي تستطيع المنافسة منه»، وعندما سألته «الأخبار» عن هذا القطاع، رأى أن هناك الكثير من المجالات، ومع الالحاح في السؤال لم يجد جوابا سوى القول: «أكبر دور نؤديه هو في عقول الشباب، عبر دعم القدرات البشرية والفكرية والتخصصية واستثمارها». هذا فقط هو المجال الذي استطاع دبوسي تقديمه بشأن طريقة منافسة المؤسسة الصغيرة والمتوسطة للمؤسسات الكبيرة التي تتحكم في مفاصل الاقتصاد، استغلال «عقول الشباب». يرى دبوسي ان القطاع الخاص وهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «تعوّض عن الضعف الموجود في القطاع العام». وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية لديه وجهة نظر مختلفة بشأن القطاع العام، إذ يجد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مكملة للاقتصاد، ولا تحل محل القطاع العام، الا أنه كما أن دبوسي يرفض الحديث عن اعادة النظر في بنية الاقتصاد، ففتوح يرى أن «المشكلة تكمن في المفهوم وثقافة الناس»، ويقول إن المشكلة في ادارة المخاطر في المصارف التي تتجنب تمويل بعض المؤسسات.
«هناك انفصال تام بين الشركات الكبيرة والشركات المتوسطة والصغيرة، لا شيء يربطهم». يقول رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل، الذي يرى أن أزمة الشركات المتوسطة والصغيرة تكمن في أن مديونيتها مرتفعة، وتمويلها مكلف في ظل انحدار الأسواق، الا أنه يرى أن هذه الشركات هي «المحرك الأكبر لأي سوق اقتصادي»، ويجب أن تبنى هذه المؤسسات بطريقة «تسهّل بيعها»، عبر اعتماد الحوكمة، «فهذا كل ما يبحث عنه المستثمر». يشرح زمكحل أن هذه المؤسسات يجب أن تجذب التمويل، وألا تعتمد على تمويل المصارف فقط. «وبس تجي الشركة تشتريهن، يكون في رأسمال 10 – 20%، ويكون تمويلهن برأس المال مش الديون».
الشركات المتوسطة والصغيرة لا تستطيع المنافسة في الصناعة أو التجارة العامة كما أي مؤسسة تقليدية، بل في تقديم خدمات وسلع «متميزة»، يشملها «الذوق والاختراع والتميّز والريادة». هذه الخدمات «المميزة» لا تشمل ايا من القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية مثلا، فالأمثلة الوحيدة التي قدمت خلال المؤتمر تركزت على عالم التكنولوجيا وتجربة كل من Google و yahoo وفايسبوك وتويتر. هكذا ينظر المصرفيون الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، اي في المجالات التي تجري فيها المراهنة على عقول الشباب، تمهيدا للسيطرة عليها واستغلالها لجني الارباح. لا هم اسمه «فرص العمل».
معظم المؤسسات في العالم العربي (وفي لبنان أيضا) هي مؤسسات متوسطة وصغيرة. وبحسب دراسة «مؤسسة التمويل الدولية» تراوح نسبة مساهمة هذه المؤسسات، من مجمل الناتج المحلي، ما بين 33% في السعودية، 50% في الأردن، و80% في مصر، وصولا الى 99% في لبنان! وبحسب الدراسة نفسها، فان هذه المؤسسات تؤمن نحو 82% من فرص العمل، الا أن الدراسة تقدر الفجوة التمويلية لهذه المؤسسات في الشرق الأوسط بما بين 110 مليارات و140 مليار دولار. في ظل عدم الاستقرار في لبنان والمنطقة، اضافة الى ضعف البيئة الداعمة للأعمال بسبب البيروقراطية وتعدد الأكلاف التشغيلية في غياب البنى التحتية الفعالة، والصعوبة في الوصول الى التمويل، بحسب نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، فان المطلوب دعم القطاع المصرفي العربي لهذه المؤسسات، عبر اعادة النظر في السياسات التسليفية، والسعي إلى ايجاد حلول للمشاكل التي تحد من التمويل، وإلى ايجاد أدوات تمويلية مبتكرة تساعدها على التوسع والتطور.
لكن كيف لهذه المؤسسات أن «تتنافس» في ظل سياسات اليد المرفوعة والباب المفتوح أمام المؤسسات الكبيرة، التي «تبلع السوق»، ولا تترك مجالا لأحد لأن ينافسها؟ وهل «ضآلة فرص العمل والبطالة التي تدفع جيلا كاملا الى الهجرة أو الى الثورة»، بحسب توصيف جوزف طربيه، رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية، تعود الى ضعف دعم هذه المؤسسات، أم أننا بحاجة الى تغيير في بنية الاقتصاد؟ وهل دعم المؤسسات الصغيرة يحتاج الى دولة قوية ام الى ضرب القطاع العام؟ ولا سيما ان طربيه دعا في كلمته الى «تفادي المزيد من الضغط على مؤسسات القطاع العام، التي لم تعد قادرة على توفير فرص العمل المطلوبة»، فهل البنية الاقتصادية الريعية تسمح بتفادي هذا الضغط، طالما ان الوظائف النظامية والمستقرة والدائمة باتت تنحصر تقريبا في القطاع العام؟
توفيق دبوسي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، يشرح لـ«الأخبار» أن «العالم انفتح بعضه على بعض، ودخلنا الى عصر العولمة»، وعلى الشركات المتوسطة والصغيرة ان «تدرس وضعها جيدا» لمنافسة الشركات الكبيرة. يرفض دبوسي أن يكون للسوق المفتوحة أي تأثير سلبي على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في رأيه «أن على هذه المؤسسات أن تبحث عن المكان والقطاع الذي تستطيع المنافسة منه»، وعندما سألته «الأخبار» عن هذا القطاع، رأى أن هناك الكثير من المجالات، ومع الالحاح في السؤال لم يجد جوابا سوى القول: «أكبر دور نؤديه هو في عقول الشباب، عبر دعم القدرات البشرية والفكرية والتخصصية واستثمارها». هذا فقط هو المجال الذي استطاع دبوسي تقديمه بشأن طريقة منافسة المؤسسة الصغيرة والمتوسطة للمؤسسات الكبيرة التي تتحكم في مفاصل الاقتصاد، استغلال «عقول الشباب». يرى دبوسي ان القطاع الخاص وهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «تعوّض عن الضعف الموجود في القطاع العام». وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية لديه وجهة نظر مختلفة بشأن القطاع العام، إذ يجد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مكملة للاقتصاد، ولا تحل محل القطاع العام، الا أنه كما أن دبوسي يرفض الحديث عن اعادة النظر في بنية الاقتصاد، ففتوح يرى أن «المشكلة تكمن في المفهوم وثقافة الناس»، ويقول إن المشكلة في ادارة المخاطر في المصارف التي تتجنب تمويل بعض المؤسسات.
«هناك انفصال تام بين الشركات الكبيرة والشركات المتوسطة والصغيرة، لا شيء يربطهم». يقول رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل، الذي يرى أن أزمة الشركات المتوسطة والصغيرة تكمن في أن مديونيتها مرتفعة، وتمويلها مكلف في ظل انحدار الأسواق، الا أنه يرى أن هذه الشركات هي «المحرك الأكبر لأي سوق اقتصادي»، ويجب أن تبنى هذه المؤسسات بطريقة «تسهّل بيعها»، عبر اعتماد الحوكمة، «فهذا كل ما يبحث عنه المستثمر». يشرح زمكحل أن هذه المؤسسات يجب أن تجذب التمويل، وألا تعتمد على تمويل المصارف فقط. «وبس تجي الشركة تشتريهن، يكون في رأسمال 10 – 20%، ويكون تمويلهن برأس المال مش الديون».
الشركات المتوسطة والصغيرة لا تستطيع المنافسة في الصناعة أو التجارة العامة كما أي مؤسسة تقليدية، بل في تقديم خدمات وسلع «متميزة»، يشملها «الذوق والاختراع والتميّز والريادة». هذه الخدمات «المميزة» لا تشمل ايا من القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية مثلا، فالأمثلة الوحيدة التي قدمت خلال المؤتمر تركزت على عالم التكنولوجيا وتجربة كل من Google و yahoo وفايسبوك وتويتر. هكذا ينظر المصرفيون الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، اي في المجالات التي تجري فيها المراهنة على عقول الشباب، تمهيدا للسيطرة عليها واستغلالها لجني الارباح. لا هم اسمه «فرص العمل».