نقاشات قديمة مع نصر اللّه لم تؤت ثمارها
فداء عيتاني
بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبداية التحوّلات في المنطقة من الانسحاب السوري من لبنان، وبداية الصراع على الوجهة الاستراتيجية للبلاد، مع محاولة ثورة الأرز أخذه باتجاه سير الرياح الأميركية العاتية حينذاك، ودخول حزب الله لاعباً في السياسة المحلية، اجتمع ذات يوم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبعض الشخصيات الوطنية.
ارتكز البحث حول أساليب العمل الممكنة والناجحة في مواجهة الرياح الأميركية العاتية على البلاد، وخلال لقاء مع إحدى الشخصيات، وبعد أكثر من جولة نقاش توافق الرجلان على أن العلاج الحقيقي لرحلة أهل السنّة نحو شعارات الماضي الانعزالي في البلاد، ومواجهة شعار «لبننة السُنّة» بالمعنى السلبي، هو عبر استعادة وهج أهل السنّة في القضايا العربية والداخلية، وأن ذلك لا يتم إلا عبر تكوين حزب سياسي، تتوافر فيه مواصفات العمل الحزبي في لبنان، وبما يتناسب مع دور هذه الفئة من اللبنانيين في المقاومة والسلطة، وعلى قاعدة غير مذهبية بمعنى استعادة الألق العروبي.
حينها، بدأت تنشط بعض الاتجاهات الموازية والمتقاطعة مع هذه الفكرة. وكان، ربما، أهمها اللقاء الوطني الذي ضم العديد من الشخصيات، من مختلف الاتجاهات والطوائف. وكان يُرسَم له مستقبل كبير قبل أن يتعثر ويتوقف أقطابه عن الاجتماع، كما يمكن إدراج تنشيط الحزب العربي في طرابلس في هذا السياق. وبعد حرب تموز تعدل الاتجاه، وبات حزب الله والمعارضون عموماً يشجعون من يريد تبوّؤ مكانة في الحياة السياسية.
كان كل حديث، أو عمل، لا ينطلق مما توصل إليه المتحاوران، نصر الله، والشخصية السياسية الوطنية، مبنياً على باطل، لأن الوجهة العامة كانت تقتضي «قيام تنظيم وطني حزبي قادر» على مواجهة الرياح الأميركية محلياً. وكل ما بني على باطل أوصل إلى باطل، ولم ينفع في تدارك ذلك خطابات تتحدث عن الضرورة، ولا لقاءات تسمح لعدم إغضاب المخلصين، أو الذين لم يتنكّروا للمقاومة في حرب تموز، أو استرضاء أحزاب وهيئات وحتى جمعيات، لم تكن أكثر من ألعوبة في أيدي السفارات المصرية والسعودية وغيرها.
في المقابل، وقف حزب الله أمام الواقع المتداعي للقيادات السنية المعارضة، التي تكاد لا يلتقي بعضها بعضاً، فكيف تجتمع حول مشروع سياسي يحتاج إلى تضافر جهودها؟ أضف إلى ذلك أن الحزب لم يكن يرغب، للحظة واحدة، في لعب دور فتح، فأما أن تقوم شخصيات بمبادرة، ويقدم لها الحزب ما تحتاج إليه من دعم معنوي ومادي، وإما أن الحزب يفضل البقاء خارج دائرة الاتهام الطائفية بالتدخل في شؤون الطوائف الأخرى.
في هذا السياق، فقد الاتصال بالقواعد، وبقيت القيادات السنية تتشظى إلى أجزاء، يرى كل جزء منها أنه القائد الأوحد، فغاب التنظيم، بالمعنى البسيط للعبارة، وضاع معه التنسيق بين الأطراف في المعارضة وداخل الحلقة الأصغر، وطغت الشخصانية على التحركات والتجمعات كلّها.
ربما حان الوقت للقليل من التفاؤل حين يبدأ كوادر الصف الثاني من المناطق بالبحث جدياً عما يمكن القيام به سياسياً بعد هزيمة الانتخابات النيابية، بدلاً من مواصلة المنهج التقليدي للمعارضة «المهادنة بوجه الطوائف، والتصعيد بوجه قيادييها»، ربما هناك من استعان باستذكار لقاءات الأمين العام لحزب الله حين شغل باله منذ أربعة أعوام همّ الدخول في الوطن، والقيام بالتغيير، فإمّا قيام حركة سياسية قادرة على المواجهة، وإما اعتماد سياسة مواربة طويلة النفس.
بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبداية التحوّلات في المنطقة من الانسحاب السوري من لبنان، وبداية الصراع على الوجهة الاستراتيجية للبلاد، مع محاولة ثورة الأرز أخذه باتجاه سير الرياح الأميركية العاتية حينذاك، ودخول حزب الله لاعباً في السياسة المحلية، اجتمع ذات يوم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وبعض الشخصيات الوطنية.
ارتكز البحث حول أساليب العمل الممكنة والناجحة في مواجهة الرياح الأميركية العاتية على البلاد، وخلال لقاء مع إحدى الشخصيات، وبعد أكثر من جولة نقاش توافق الرجلان على أن العلاج الحقيقي لرحلة أهل السنّة نحو شعارات الماضي الانعزالي في البلاد، ومواجهة شعار «لبننة السُنّة» بالمعنى السلبي، هو عبر استعادة وهج أهل السنّة في القضايا العربية والداخلية، وأن ذلك لا يتم إلا عبر تكوين حزب سياسي، تتوافر فيه مواصفات العمل الحزبي في لبنان، وبما يتناسب مع دور هذه الفئة من اللبنانيين في المقاومة والسلطة، وعلى قاعدة غير مذهبية بمعنى استعادة الألق العروبي.
حينها، بدأت تنشط بعض الاتجاهات الموازية والمتقاطعة مع هذه الفكرة. وكان، ربما، أهمها اللقاء الوطني الذي ضم العديد من الشخصيات، من مختلف الاتجاهات والطوائف. وكان يُرسَم له مستقبل كبير قبل أن يتعثر ويتوقف أقطابه عن الاجتماع، كما يمكن إدراج تنشيط الحزب العربي في طرابلس في هذا السياق. وبعد حرب تموز تعدل الاتجاه، وبات حزب الله والمعارضون عموماً يشجعون من يريد تبوّؤ مكانة في الحياة السياسية.
حزب اللّه لم يكن يرغب، للحظة واحدة، في لعب دور حركة فتح
ومع مرور الوقت، وخاصة قبل الانتخابات النيابية، بدا كل ذلك كأنه لم يؤت أي ثمار. فلا اجتمع الوطنيون في بوتقة منظمة أو مؤثرة، وعروبيو أهل السنة لم ينقصوا أو يزيدوا، بل زادت أعداد من يمنّون النفس بالوصول إلى مجلس النواب، من دون أن يتمكن هؤلاء من التواصل مع قواعدهم (القواعد السنية والوطنية المعارضة) ومن دون أن يعني إنشاء جبهة العمل الإسلامي (على سبيل المثال) كما غياب اللقاء الوطني، أي دلالة إضافية على المشهد الطائفي الطاغي.كان كل حديث، أو عمل، لا ينطلق مما توصل إليه المتحاوران، نصر الله، والشخصية السياسية الوطنية، مبنياً على باطل، لأن الوجهة العامة كانت تقتضي «قيام تنظيم وطني حزبي قادر» على مواجهة الرياح الأميركية محلياً. وكل ما بني على باطل أوصل إلى باطل، ولم ينفع في تدارك ذلك خطابات تتحدث عن الضرورة، ولا لقاءات تسمح لعدم إغضاب المخلصين، أو الذين لم يتنكّروا للمقاومة في حرب تموز، أو استرضاء أحزاب وهيئات وحتى جمعيات، لم تكن أكثر من ألعوبة في أيدي السفارات المصرية والسعودية وغيرها.
في المقابل، وقف حزب الله أمام الواقع المتداعي للقيادات السنية المعارضة، التي تكاد لا يلتقي بعضها بعضاً، فكيف تجتمع حول مشروع سياسي يحتاج إلى تضافر جهودها؟ أضف إلى ذلك أن الحزب لم يكن يرغب، للحظة واحدة، في لعب دور فتح، فأما أن تقوم شخصيات بمبادرة، ويقدم لها الحزب ما تحتاج إليه من دعم معنوي ومادي، وإما أن الحزب يفضل البقاء خارج دائرة الاتهام الطائفية بالتدخل في شؤون الطوائف الأخرى.
في هذا السياق، فقد الاتصال بالقواعد، وبقيت القيادات السنية تتشظى إلى أجزاء، يرى كل جزء منها أنه القائد الأوحد، فغاب التنظيم، بالمعنى البسيط للعبارة، وضاع معه التنسيق بين الأطراف في المعارضة وداخل الحلقة الأصغر، وطغت الشخصانية على التحركات والتجمعات كلّها.
ربما حان الوقت للقليل من التفاؤل حين يبدأ كوادر الصف الثاني من المناطق بالبحث جدياً عما يمكن القيام به سياسياً بعد هزيمة الانتخابات النيابية، بدلاً من مواصلة المنهج التقليدي للمعارضة «المهادنة بوجه الطوائف، والتصعيد بوجه قيادييها»، ربما هناك من استعان باستذكار لقاءات الأمين العام لحزب الله حين شغل باله منذ أربعة أعوام همّ الدخول في الوطن، والقيام بالتغيير، فإمّا قيام حركة سياسية قادرة على المواجهة، وإما اعتماد سياسة مواربة طويلة النفس.