الأخبار

الجمعة 4 حزيران 2010

شارك المقال

لماذا الهلع من احتمال المساءلة؟

h1> 10.6 مليارات دولار الاتفاق فوق القاعدة الاثني عشرية
إذا كان كل الإنفاق الحاصل بين عامي 2005 و2009 قانونياً ولا ينطوي على أي مخالفة دستورية، فلماذا إذاً كل هذه المماطلة في الاستجابة لأحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية اللذين يفرضان إنجاز حسابات المهمّة وقطع الحسابات المالية قبل إقرار قانون الموازنة؟ إن كانت الأمور شفّافة كما يدّعي من أمسك بالقرار في تلك المرحلة، فلماذا كل هذا «الهلع» من مجرد التلويح بالمساءلة (التي لن تحصل أصلا للأسباب المعهودة)؟
قم هو رقم... أمّا وجهة النظر فمسألة أخرى... فمنذ يومين طالب رئيس المجلس النيابي نبيه بري من القصر الجمهوري بتوضيح كيفية إنفاق نحو 11 مليار دولار في السنوات الأربع الماضية فوق ما تجيزه القاعدة الاثني عشرية. هذه المطالبة التي سبقه إليها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون وعدد من الوزراء في الحكومة الحالية، استدعت جملة ردود من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ووزيري المال في حكومتيه، جهاد أزعور ومحمد شطح وعدد من السياسيين والنواب من الفريق نفسه. وحاولت هذه الردود أن تشكك بصحّة الرقم، لكنها أصرّت أيضاً على أن كل إنفاق محقق في السنوات الماضية هو إنفاق قانوني. ورأت أن المطالبة بإنجاز حسابات المهمّة وقطع الحسابات المالية بين عامي 2005 و2009 هي مطالبة «سياسية» تستهدف مساءلة السنيورة وأزعور وشطح وفتح ملفاتهم السابقة!
هذه الردود استدعت أمس إصدار بيان من المكتب الإعلامي لرئيس المجلس النيابي، يوضح فيه مصدر الرقم وماهيته، إذ جاء في هذا البيان أن الإنفاق العام في سنة 2005 (وهي آخر سنة مغطّاة بقانون للموازنة) بلغ 10129 مليار ليرة (وهذا أيضاً ما أقرّ به المدير السابق للموازنة ومراقبة النفقات في وزارة المال الياس شربل بحسب البيان)، الأمر الذي يرسم حدود الإنفاق على القاعدة الاثني عشرية للسنوات التي تليها.
وأضاف البيان: «لا يمكن التذرع بزيادة الرواتب وزيادة النفقات لأن كل ما أقره المجلس النيابي في قوانين خاصّة لا تتجاوز كلفته 800 مليون دولار، ودُفع نحو ثلث هذا المبلغ فقط.
ويقول البيان إن مصدر الأرقام هو جدول منشور على الصفحة الإلكترونية لوزارة المال، إذ يتبين منه، ما يأتي:
ـــــ في عام 2006 بلغ الإنفاق 11451 ملياراً.
ـــــ في عام 2007 بلغ 12588 ملياراً.
ـــــ في عام 2008 بلغ 14956 ملياراً.
ـــــ في عام 2009 بلغ 17167 ملياراً.
وبالتالي فإن المجموع العام للإنفاق في هذه السنوات بلغ 56590 ملياراً، بينما يفترض أن يكون 40680 ملياراً فقط بحسب القاعدة الاثني عشرية، ما يعني أن الفارق بين ما تجيزه هذه القاعدة وما أُنفق فعلياً بلغ 15910 مليارات ليرة، أو ما يعادل 10.6 مليارات دولار.
وتابع البيان: «من هنا سؤال الرئيس بري عن هذا المبلغ وتفاصيله، وهو سؤال باسم كل اللبنانيين، وحق لهم أن يعرفوا أين صرفت أموالهم التي جُبيَت باسمهم. أفيدونا أفادكم الله. ولنا دائماً سؤال آخر: أين ذهبت المساعدات، وخصوصاً ما قدمته المملكة العربية السعودية؟».
وكان وزير المال الأسبق جهاد أزعور قد ردّ على الرئيس بري متسائلاً: «من أين جاء رقم 11 مليار دولار؟»، وقال: «إن الإنفاق الذي جرى منذ منتصف عام 2005 إلى منتصف 2008 شمل كهرباء لبنان وتعويضات تموز، فضلاً عن المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب». ورأى أن «هذا الإنفاق كان من ضمن القوانين»، داعياً إلى «مناقشة القضايا المالية بطريقة جدية». وجزم بأنه «لم يكن هناك أي مخالفة لقانون المحاسبة العامة في عملية إدارة الموازنة»، موضحاً أنه «كان قد أرسل إلى مجلس النواب 3 مشاريع موازنات عامة لم تقرّ في ذلك الحين. كذلك أرسل الوزير السابق محمد شطح أيضاً عام 2009 موازنة إلى المجلس النيابي ولم تقر». وإذ نفى أن تكون الأرقام المتداوَلة دقيقة، أعلن أن «عدداً من الاعتمادات كانت قد أقرت في موازنات سابقة تحت ما يسمى الاعتمادات المدورة، وتتراوح ما بين 3 مليارات و4 مليارات دولار، تضاف إليها أمور أساسية، مثل خدمة الدين والصرف على كهرباء لبنان.
من جهته، رأى وزير المال السابق محمد شطح أنّ «كل الطرق التي صُرفت بموجبها الأموال قانونيّة»، مشدداً «على وجوب ألاّ يترك انطباع بأن هناك أموالاً صرفت من خارج القانون».
ووصف شطح الرقم المتداول «بأنّه نوع من الدخان»، مشيراً إلى أن القوانين اللبنانية تتيح الإنفاق من خارج الموازنة، إذ إن القانون يجيز لمجلس الوزراء إعطاء سلفات خزينة لإنفاقها على أغراض معينة مثل مساعدات حرب تموز.
بري: أين ذهبت المساعدات وخصوصاً ما قدمته المملكة العربية السعودية؟
طبعاً، يتجاهل أزعور وشطح، ومعهما السنيورة، كل الأحكام الدستورية ونصوص قانون المحاسبة العمومية في ردودهم، فالمادة 86 من الدستور واضحة جداً، وتنص على أنه «إذا لم يبتّ مجلس النواب نهائياً مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعيّن لدرسه، فرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، يدعو المجلس فوراً إلى عقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة (...) على أنه في مدة العقد الاستثنائي المذكور تجبى الضرائب والتكاليف والرسوم والمكوس والعائدات الأخرى كما في السابق، وتؤخذ ميزانية السنة السابقة أساساً ويضاف إليها ما فتح بها من الاعتمادات الإضافية الدائمة ويحذف منها ما أسقط من الاعتمادات الدائمة وتأخذ الحكومة نفقات شهر كانون الثاني من السنة الجديدة على القاعدة الاثني عشرية».
إن هذه المادّة تعني أن القاعدة الاثني عشرية تنطبق على شهر واحد من السنة المعنية هو شهر كانون الثاني فقط، فيما الحكومة عمدت إلى الإنفاق على أساس هذه القاعدة منذ سنوات، بل إنها انفقت في بعض السنوات على أساس مشروع الموازنة غير المصدَّق عليه في المجلس النيابي، وهذه الممارسات من أهم المخالفات الدستورية الفاقعة.
كذلك تنص المادة الـ85 من الدستور على أنه «لا يجوز أن يفتح اعتماد استثنائي إلا بقانون خاص. أما إذا دعت ظروف طارئة لنفقات مستعجلة، فيتخذ رئيس الجمهورية مرسوماً، بناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء، بفتح اعتمادات استثنائية أو إضافية وبنقل اعتمادات في الموازنة، على أن لا تتجاوز هذه الاعتمادات حداً أقصى يحدد في قانون الموازنة. ويجب أن تعرض هذه التدابير على موافقة المجلس في أول عقد يلتئم فيه بعد ذلك». فيما المادة الـ87 تنص على أن «حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة».
(الاخبار)


3024 مليار ليرة

هي الزيادة المحققة على الرواتب والأجور في السنوات الأربع الماضية من أصل المبلغ الذي يتجاوز القاعدة الاثني عشرية، علماً بأن هذا المبلغ يتضمن نفقات ضم آلاف الأشخاص إلى قوى الأمن الداخلي والجيش، من دون أن تكون هناك اعتمادات مرصودة لذلك


الظروف الاستثنائية

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي