التوافق السياسي يفوز بمحامي الشمال: الداية نقيباً

عبد الكافي الصمد على الجبهة الأولى، كان الانطباع السائد في أوساط المحامين أن انتخابات النقابة هذه المرة لا تخاض تحت عنوان سياسي، مثلما حصل قبل سنتين عندما كان الانقسام السياسي في ذروته، واستطاع حينها فريق 8 آذار حصد فوز النقيب السابق أنطوان عيروت على مرشح فريق 14 آذار طوني تاجر، لأن معظم القوى السياسية والنقابية اصطفت خلف الداية في هذا الاستحقاق وأعلنت دعمها له.
في موازاة ذلك، فسرت أوساط عدة ومتعارضة داخل النقابة هذا التوافق بأنه يأتي في إطار تفاهم على تقاسم المواقع الإدارية والنقابية والاقتصادية في طرابلس (النقابات ومنها نقابة المحامين، غرفة التجارة والصناعة والزراعة، معرض رشيد كرامي الدولي، مرفأ طرابلس وغيرها)، في إطار محاصصة سياسية أرست الفاعليات السياسية الرئيسية في عاصمة الشمال تفاهماً مبدئياً حولها، وجعلتها بمثابة بروفة تسبق الانتخابات النيابية عام 2013، انطلاقاً من حرص هذه الفاعليات على الحفاظ على مواقعها (الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي)، أو سعيها لاسترداد ما خسرت منه (الرئيس عمر كرامي)، أو سعي آخرين للحفاظ على حضورهم ضمن التركيبة السياسية المقبلة، وأن لا تأتي على حسابهم (النواب سمير الجسر، محمد كبارة، أحمد كرامي ونواب الأقليات)، في ظل وجود أسماء سياسية رفضت رفع الراية البيضاء ولم تخف طموحاتها لاستعادة مواقعها (النائب السابق مصباح الأحدب والجماعة الإسلامية)، وبروز أسماء كثيرة لم تخف طموحاتها لمزاحمة هذه الفاعليات على التمثيل النيابي والسياسي لطرابلس (المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، نقيب المحامين السابق رشيد درباس، ورجال أعمال وعاملون في الشأن العام).
على هذا الأساس، جاءت انتخابات نقابة المحامين لترسي التفاهم بين هذه القوى، فكرسته برغم مواجهتها قوى رافضة له، وحرصت على منع تسرب أصوات أو تبادلها، معتبرة أن فشل هذا التوافق في نقابة المحامين، سيجعل أي تفاهم مقبل بينها عرضة للاهتزاز والسقوط نتيجة انعدام عنصر الثقة بينها.
هذه الأجواء دفعت القوى السياسية والنقابية الداعمة للداية إلى تأمين مشاركة أكبر عدد ممكن من المحامين، إلى درجة أن بعضهم استقدم من الخارج، معتبرين أن فوز الداية بفارق ضئيل سيعدّ خسارة لها ولو فاز على مرشحه، فكان توسيع الفارق هدفاً رئيسياً لها في موازاة تأمين نجاح مرشحها.
أما الجبهة الثانية التي دارت في نقابة المحامين فكانت لانتخاب عضو في مجلس النقابة، حيث كان جو التنافس أكبر وأسهم في ارتفاع نسبة المشاركة، بعدما برز انقسام سياسي حوله؛ إذ في مقابل تبنّي تيار المردة ماري تيريز القوال والدعم الذي تلقّته من مختلف القوى السياسية والنقابية، فإن تيار المستقبل وحده دعم المرشح المنافس سايد سعد المدعوم من حركة الاستقلال والقوات اللبنانية، ما دفع مصادر في مجلس النقابة إلى التوضيح لـ«الأخبار» أن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب أحمد فتفت ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية «أجروا اتصالات هاتفية مع عدد من المحامين لإقناعهم بالتصويت لسعد».
في ظل هذه الأجواء السياسية، جرت الانتخابات في أمّ النقابات الشمالية، بحصول الداية على 621 صوتاً، ليكون بذلك النقيب رقم 31 في تاريخ النقابة منذ إنشائها عام 1921، وحصول منافسه نواف المقدم على 420 صوتاً، بينما حصلت القوال على 610 أصوات وسعد على 360 صوتاً.

الانتخابات أرست تفاهم القوى السياسيّة رغم رفض قوى أخرى
القراءة الأولية للنتائج تشير إلى أن قوة نقابية مستقلة لا يستهان بها موجودة داخل النقابة دعمت المقدم، وأنها رغم عدم قدرتها على مواجهة «محدلة» التحالف السياسي والنقابي الواسع، كرست نفسها قوة مؤثرة أجبرت هذا التحالف على النزول بثقله لإثبات حضوره من جهة، وحفظ ماء وجهه من جهة ثانية.
بعد إعلان النتائج، أوضح المقدم لـ«الأخبار»: «لست نادماً على عدم زيارتي السياسيين طلباً لدعمهم، ولو تكرر الأمر وترشحت ثانية فلن أزور أحداً منهم»، لافتاً إلى أن «خطوتي كانت للتأكيد أن النقابة هي للمحامين، ورفضاً لتدخل السياسيين فيها، وإذا لم أنجح اليوم، فلا بد من أن يأتي يوم يترسخ فيه هذا التوجه».
أما الداية الذي خاض الانتخابات معوّلاً على علاقات نسجها طوال أكثر من 3 عقود ونصف في النقابة، وعلى دعم سياسي ونقابي، فقد أدرك أن ذلك يمثّل فرصة له للوصول إلى المنصب، فأكد لـ«الأخبار» أن «هذا الانتصار يشارك فيه كل من اقترع، وأن هذه النقابة هي نقابة توحّد ولا تفرق، وتعمل لمصلحة العدالة في لبنان، الذي سنعمل جميعاً لاستقراره»، معتبراً أن المحامين «أثبتوا أنهم أحرار، وتجلى ذلك في اقتراعهم».
وفي بيروت، ارجأت نقابة المحامين اجتماع الجمعية العامة حتى 21 الجاري، بسبب عدم اكتمال النصاب.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي