صنعاء | رفعت قوات صنعاء جهوزيّتها العسكرية مع تفاقم الأحداث في قطاع غزة، عبر عرض عسكري هو الثاني من نوعه خلال أقلّ من شهر، نظّمته في نهاية الأسبوع، بالتوازي مع تهديدها بالتدخّل لمصلحة المقاومة الفلسطينية إذا ما امتدّ الصراع، وصولاً إلى تدخّل أميركي مباشر في مجرياته. ونظّمت قوات صنعاء العرض الضخم الذي جرى بحضور رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، تحت عنوان «طوفان الأقصى»، احتفاءً بالذكرى الـ60 لثورة «14 أكتوبر» في جنوب اليمن ضدّ الاستعمار البريطاني، وشاركت فيه وحدات مختلفة من القوات البرّية وطائرات مقاتلة ومروحية، تأكيداً منها على استعدادها للمشاركة العملية في مساندة الفلسطينيين بوجه الإسرائيليين. وأعلن وزير الدفاع في حكومة صنعاء، محمد ناصر العاطفي، خلال الفعالية، الجهوزيّة القتالية والمعنوية الكاملة للتنفيذ العملي لتوجيهات قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، بشأن المشاركة في معركة «طوفان الأقصى». في المقابل، عكست اللقاءات التي أجراها السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، مع قادة التشكيلات العسكرية الموالية لـ«التحالف»، مخاوف واشنطن من مشاركة صنعاء في أيّ مواجهات محتملة على مستوى الإقليم. ومِن بين مَن التقاهم فاجن، رئيس أركان القوات التابعة لحكومة عدن، الفريق صغير بن عزيز، الذي ظهر في مؤتمر نظّمته القيادة الأميركية الوسطى في الولايات المتحدة أواخر الأسبوع الماضي. وفي تعليقه على ذلك، اعتبر الأمين العام للمكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، فضل أبو طالب، في تغريدة على منصّة «X»، أن «أميركا أوكلت لرئيس أركان قوات حكومة التحالف السعودي - الإماراتي، صغير بن عزيز، التصعيد عسكرياً ضدّ الجيش اليمني، في حال قرّرت صنعاء التدخّل المباشر للدفاع عن غزة وفلسطين المحتلة والمشاركة في معركة طوفان الأقصى ضدّ العدو الأميركي والصهيوني». وأضاف أبو طالب أن «بن عزيز تلقّى هذه التوجيهات من القادة العسكريين الأميركيين خلال مشاركته في مؤتمر القوات البرّية الأميركية قبل يومَين، جنباً إلى جنب مع ضباط أركان إسرائيليين». وتابع أن «التصعيد العسكري من الطرف التابع للتحالف السعودي - الإماراتي في اليمن سيكون تحت عنوان الشرعية والدفاع عن مأرب وتعز والصحابة والسنّة وغير ذلك، بينما هو خدمة للإسرائيلي والأميركي».
في هذا الوقت، وبعدما اتّسمت المواقف الرسمية لعدد من المكونات اليمنية الموالية للإمارات، بالضبابية تجاه عملية «طوفان الأقصى»، جاء موقف رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، عيدورس الزبيدي، مطابقاً لموقف أبو ظبي المنحاز إلى العدو في هذه الحرب. إذ أيّد الزبيدي، خلال لقائه بالسفير الأميركي في مقرّ إقامته في الرياض، حلّ القضية الفلسطينية «وفقاً للاتفاق الإبراهيمي»، الموقَّع بين كلّ من الإمارات والبحرين وبين إسرائيل عام 2020، وهو الاتفاق الذي اعترفت فيه الدولتان بدولة الكيان من دون مقابل، و«شرعنتا» وجودها الاستعماري على أرض فلسطين، ونسفتا المبادرات العربية السابقة نفسها التي دعت إلى قيام دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 1967، وعاصمتها القدس. وعلى وقع تصاعد جرائم الاحتلال في قطاع غزة، دان الزبيدي استهداف المدنيين «من الأطراف كافة»، متّبعاً في ذلك النهج الإماراتي نفسه، من دون أن يفرّق بين مدني أعزل ومستوطن، ومتجاهلاً معاناة الشعب الفلسطيني وحقّه في الدفاع عن نفسه وتحرير أراضيه المحتلّة.
دعا عيدروس الزبيدي إلى حلّ القضية الفلسطينية «وفقاً للاتفاق الإبراهيمي»


على أن منطق الزبيدي ليس جديداً، إذ سبق له أن أعلن استعداده للتطبيع مع إسرائيل بشكل علني قبل عامين، وإقامة علاقات ديبلوماسية معها، وهو ما قوبل بموجة سخط شعبي في مختلف المحافظات اليمنية. وواصلت سلطات «الانتقالي» في مدينة عدن فرض قيود على التظاهر تضامناً مع غزة، مُوجّهةً تعليمات إلى خطباء مساجد المدينة وأئمّتها، بعدم إثارة عملية «طوفان الأقصى» بذريعة أن «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) موالية لإيران ولـ«حزب الله» ولها علاقات مع حركة «أنصار الله»، وهو ما أثار سخطاً كبيراً في أوساط المصلّين يوم الجمعة الماضي. وأفادت مصادر محلّية، «الأخبار»، بأن «حالة شغب حصلت في جامع الشافعي، أثناء صلاة الجمعة، جرّاء تهجّم خطيب الجامع على حماس، ما أدّى إلى تدخّل عشرات المصلّين الذين حاولوا ضربه، معبّرين عن غضبهم من الاتهامات الموجّهة إلى أبطال فلسطين، وأجبروا الخطيب على النزول عن المنبر وطردوه». وفي أعقاب الحادثة، أعلن مكتب الأوقاف والإرشاد في عدن اتّخاذ قرار بإيقاف الخطيب «بسبب إثارته للفتنة».