صنعاء | في ظلّ تسارع عملية التفاوض بين صنعاء والرياض، أرسلت حكومة عدن، على مدى الأسبوعَين الماضيَين، إيضاحات عبر سفاراتها في الخارج، تضمّنت موقفها من الحوار مع حركة «أنصار الله»، وأكّدت رفضها المطلق لأي سلام خارج «المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، رغم أن التفاهمات الأخيرة بين السعودية و«أنصار الله» تجاوزت تلك المرجعيات المتمثّلة في «المبادرة الخليجية» وآلياتها التنفيذية، و«اتفاق السلم والشراكة»، والقرار 2216 الذي وضع اليمن تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.وتأتي معارضة حكومة عدن غير المعلنة لتفاهمات الرياض، امتداداً لرفضها مخرجات جولة صنعاء التي جرت في نيسان الماضي، ودفعتها إلى محاولة التماس الدعم من أطراف إقليمية ودولية من خارج عباءة السعودية، لتتدهور علاقة «المجلس الرئاسي» بالأخيرة مذّاك، وصولاً إلى فرض المملكة على رئيس المجلس، رشاد العليمي، وعدد من أعضائه البقاء في الأراضي السعودية، قبل مطالبتهم أواخر آب بالعودة قسراً إلى الداخل اليمني، توازياً مع الدفع برئيس الفريق السياسي والعسكري السعودي وأعضائه، إلى العودة إلى عدن وتأدية دور الوصي على قرارات «الرئاسي» السياسية والعسكرية.
ورغم اقتراب حكومة عدن من الإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة في الأشهر الماضية، إلا أنها فشلت في التمرد على السعودية التي لا تزال تمتلك نفوذاً كبيراً في أوساطها. ومع ذلك، فهي سعت، من أجل فرض نفسها على الرياض، إلى محاولة احتواء الصراع مع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي، والذي كان أحد أهم خصومها المحليين. وكثمنٍ لذلك، وافقت حكومة معين عبد الملك، الشهر الفائت، على صفقة بيع 70% من شركة «اتصالات عدن» لشركة إماراتية - إسرائيلية، مقابل تراجع «الانتقالي» عن مطالبه المناهضة لرئيس الحكومة، وهذا ما أثار ردة فعل سعودية غاضبة، خاصة أنّ «برنامج إعادة الإعمار» السعودي الذي يشرف عليه سفير الرياض لدى اليمن، محمد آل جابر، كان قد استحوذ على مهمات حكومة عدن الخاصة بالموافقة على طلبات الاستثمار الأجنبية وإبرام العقود، وفق اتفاق سابق بين البرنامج وتلك الحكومة مطلع عام 2020.
التقارب بين صنعاء والرياض أثار مخاوف «الرئاسي» على مستقبله السياسي


بالتوازي مع ذلك، صعّدت حكومة عدن اتهاماتها لـ«التحالف» بقيادة السعودية، عبر مسؤولين تابعين لها، بالضلوع في إضعافها والتخلي عن دعمها سياسياً واقتصادياً، فضلاً عن وضع شروط مجحفة يستحيل تنفيذها على السحب من الودائع المالية التي كان آخرها إعلان السعودية تقديم 1.2 مليار دولار كمساعدة مالية لتلك الحكومة في تموز الفائت، بعدما تخلّى «برنامج إعادة الإعمار» عن تزويد محطات كهرباء عدن بالوقود العام الجاري. ويُضاف إلى هذه الإجراءات تعزيز الرياض وجودها العسكري في عدن عبر ميليشيات «درع الوطن» الموالية لها، بالتزامن مع تلويحها بإعادة الرئيس المعزول، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة كرئيس منتخب، وهو تهديد غير مباشر بعزل «المجلس الرئاسي» الذي فوّضه هادي في الثاني من نيسان 2022.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ«الأخبار»، إن مطالبة السعودية بحوار يمني - يمني غير قائم على المرجعيات، أثارت انزعاج «الرئاسي» الذي يخشى على مستقبله السياسي، وشكّلت دافعاً له لإعادة ضبط تحالفاته مع دول أخرى تجمعه بها مصالح مشتركة. وبدأت الأزمة بين عدن والرياض تتصاعد بصورة واضحة أخيراً ، بعدما عزلت السعودية تلك الحكومة عن المشاركة في المفاوضات الأخيرة التي جرت مع «أنصار الله» في العاصمة السعودية، أو التي تجري بين الطرفين في سلطنة عمان، وهو ما عرّض «الرئاسي» لحملة انتقادات واسعة من الموالين له، الذين عدّوا أن ما يحدث من تهميش له يدلّ على عدميته، فيما عبّر العليمي، في كلمة ألقاها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن مخاوفه من تزايد الاعتراف الدولي بـ«الحوثيين».
في غضون ذلك، وصلت قوات أميركية جديدة، مساء أول من أمس، إلى محافظة شبوة جنوب شرق البلاد. وقالت مصادر محلية لـ«الأخبار»، إن عشرات الجنود الأميركيين وصلوا إلى معسكر مرّة الكائن في منطقة المواقع النفطية في محافظة شبوة، والذي تتمركز فيه القوات الإماراتية منذ عدة أعوام، وتحرسه تشكيلات تُعرف باسم «دفاع شبوة».