صنعاء | ما زالت ملابسات استهداف القوات البحرينية المرابطة على الحد الجنوبي للسعودية ومقتل ثلاثة من عناصرها وجرح 12 آخرين، غامضة، وتدور شكوك حول طبيعية الهجوم ودوافعه، ولا سيما أن البحرين قالت إن قواتها تعرضت لاستهداف بطائرة مسيرة، وهو ما نفته صنعاء، فيما الراوية الأخرى التي نقلها تحالف العدوان تُشير إلى أن ما حدث كان نتيجة إغارة بعض المحسوبين على صنعاء من دون تحديد إن كانوا مسلّحين قبليين أو عسكريين. توقيت العملية الذي جاء في أعقاب استئناف المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرياض التي أحرزت تقدماً في مسار السلام، حمل دلالات سياسية، وخاصة أن ثمة أطرافاً محلية وإقليمية ودولية، ولا سيما الإمارات وبريطانيا والفصائل المتحالفة معهما والتي انزعجت من التفاهمات التي ترى أنها تهدّد مصالحها في اليمن. وفي الوقت الذي جدّدت المنامة الأربعاء اتهامها لصنعاء بالضلوع في الهجوم، قال مصدر عسكري مطلع لـ «الأخبار»، إن «محاولات التحالف والبحرين إلصاق العملية بقوات صنعاء تخدم الأطراف الضالعة في الهجوم»، ونفى أن «تكون صنعاء قد استخدمت الطيران المسيّر في أي هجوم خلال الأيام الماضية»، مؤكداً أن عمليات صنعاء يُعلن عنها قبل تنفيذها أو بعد التنفيذ من دون تردد. ولفت المصدر إلى حالة الارتباك الواضحة في تصريحات دول التحالف جراء الحادثة، مشيراً إلى أن «حشد الإدانات للحادثة على نطاق دولي يؤكد أن الهدف من ورائها تعكير أجواء السلام الإيجابية التي جرت أخيراً مع السعودية، وتفجير الأوضاع عسكرياً». مصادر قبلية في محافظة صعدة، أكدت لـ «الأخبار » أن المناطق الحدودية الواقعة على تماس مع جيزان، تعيش حالة حرب مستمرة منذ الإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مطلع نيسان 2022، وأن حرس الحدود السعودي يتعمّد استهداف سكان القرى الحدودية في مناطق شدا ورازح ومنبه وقطابر بعشرات الهجمات المدفعية بشكل يومي من دون مبرّر. واعتبرت المصادر أن أي رد فعل من قبل القبائل المتضرّرة من القصف المدفعي الذي أودى بحياة العشرات من المدنيين العزّل أمر طبيعي ويأتي في إطار الدفاع عن النفس. وذكرت مصادر محلية في المحافظة الحدودية أن قوات حرس الحدود السعودي كثّفت هجماتها ضد القرى الحدودية في  خلال اليومين الماضيين. وأكد مصدر طبي في صعدة لـ«الأخبار» أن مستشفى رازح الحدودي استقبل عدداً من المدنيين الذين أصيبوا بنيران ذلك الحرس في مديريتي شدا ومنبة الحدوديتَين.وكانت وزارة الصحة في صنعاء قد أكدت في تموز الماضي، مقتل 307 أشخاص وإصابة 2021 آخرين، جلّهم من المدنيين اليمنيين واللاجئين الأفارقة الذين يتخذون محافظة صعدة محطة عبور للوصول إلى الأراضي السعودية، جراء قصف قوات التحالف المناطق الحدودية في صعدة، منذ بداية الهدنة. ويرى مراقبون أن الهجوم الذي استهدف وحدة المدفعية البحرينية المتهمة بالضلوع في القصف اليومي الذي طاول القرى الحدودية اليمنية في محافظة صعدة، قد يكون ناتجاً عن ردة فعل قبلية لسكان القرى الحدودية. وتعزِّز هوية القتلى وطبيعة عملهم هذه الفرضية، وخاصة أن وسائل إعلام سعودية أكدت أن الضابط البحريني، فهد الكبيسي، الذي قُتل في العملية كان يقود وحدة للمدفعية الثقيلة على الحدود.
وفيما حاولت الإمارات التي فشلت في تفجير الوضع في عدد من جبهات التماس في محافظات الضالع ولحج رداً على استبعادها من المفاوضات، جرّ الرياض إلى التصعيد العسكري مع صنعاء، من خلال دعوة وزارة الخارجية الإماراتية في بيان إلى رد رادع على الهجوم، جاء الرد السعودي على لسان الناطق باسم التحالف، تركي المالكي، أقل حدّة، إذ وصفه بالعمل الفردي، متحدثاً عن ضلوع «بعض العناصر التابعة لحكومة صنعاء بالهجوم»، وهو ما عكس رغبة سعودية بتفويت الفرصة على الإمارات والدول التي تحاول تقويض عملية السلام في اليمن.