تعتقد إسرائيل أن من شأن الهجمات السيبرانية أن تثير الطبقة الوسطى الإيرانية ضدّ النظام
في حالة العداوة بين إيران وإسرائيل، ينشط الهاكرز الهواة في موازاة الأنشطة الاستخبارية المؤسّساتية لدى الجانبين، إلى حدّ أن الخروق «الإزعاجية» باتت جزءاً لا يتجزّأ من سيبرانية خوادم الطرفَين ومواقعهما. على أن اللافت أخيراً، هو بدء المؤسّسات الاستخبارية الإسرائيلية، قبل أشهر، في منافسة الهواة الهاكرز في الكيان في عمليات الإزعاج تلك. ولعلّ هذا هو أبرز ما يميّز الفصول المتجدّدة من الحرب السيبرانية، والتي تستبطن دلالات عدّة في شأن تموضع طرفَي المواجهة واقتدارهما الفعلي. والحقيقة أن تراجع إسرائيل إلى مستوى الهواة الهاكرز، لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج فذلكة جديدة صادرة عن دوائر القرار في تل أبيب، تشير، بحسب ما سرّبته جهات استخبارية حديثاً، إلى أن «من شأن الهجمات السيبرانية على إيران، ومنها الهجمات ضدّ محطات الوقود، أن تُثير الرأي العام الإيراني، وتحديداً الطبقة الوسطى التي ستهتزّ لديها الثقة بالنظام وتثور ضدّه، وهو أقصر طريق للتخلّص من هذا النظام».
هل وصلت إسرائيل فعلاً إلى اتّخاذ قرار كهذا؟ جميع المؤشّرات إلى الآن تؤكد ذلك، مُظهّرة في السياق عدّة دلالات أبرزها ما يلي:
1- فقدان إسرائيل الأدوات والوسائل العنفية التي تمكّنها من تحييد مواضع التهديد الإيراني المتشكّل، أو ذلك الذي يبدو في طور التشكّل.
2- فقدانها، أيضاً، القدرة على تفعيل خيارات بديلة، من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي كانت تأمل بها، لو كان لديها خيار عسكري ذاتي ناجع.
3- فقدان القدرة، وإن بعد محاولة ودفع تحريضي كبيرَين، على التأثير في قرار الإدارة الأميركية المنكفئة عن تفعيل الخيارات العسكرية ضدّ إيران أو حتى التهديد بها، لأسباب ودوافع ذاتية واستراتيجية يصغر في موازاتها أيّ تحريض إسرائيلي.
من هنا، تلهف القيادتان السياسية والأمنية في تل أبيب إلى تحقيق «شيء ما»، في سياق العجز عن تحييد التهديد الإيراني المتعاظم، والذي يكتسب أبعاداً وجودية بالنسبة إلى إسرائيل. وفي سبيل إنجاز هذا التطلّع، يجري توسيع مهمّة الاستخبارات الإسرائيلية، كي تُسجّل إنجازات، ولو بحدود العلاقات العامة، ضدّ الإيرانيين، بما يؤدّي، ربّما، إلى التخفيف من وطأة الفشل وتأثيره داخل الكيان العبري نفسه، قبل أعدائه.