الهدف من الوثيقة «التركيز على رمزية قوة العلاقة الثنائية بين البلدين»
ومن هذا المنطلق، رأى بعض المتابعين أن الهدف من الوثيقة «التركيز على رمزية قوة العلاقة الثنائية بين البلدين»، في وقت لفت آخرون إلى أن محتوى الوثيقة غامض نسبياً. وتنصّ المعاهدة على تطابق في السياسات الاقتصادية والخارجية والدفاعية للبلدين، وتعاون في المناطق الحدودية، وتشكيل «جمعية برلمانية مشتركة» من مئة نائب فرنسي وألماني. وأقرّ البلدان «بند دفاع متبادل» في حال التعرّض لعدوان، على غرار البند المنصوص عليه في نظام «الحلف الأطلسي». وسيكون بوسعهما بموجب هذا البند نشر وسائل عسكرية مشتركة في حال التعرّض لهجوم إرهابي، أو التعاون في شأن برامج عسكرية كبرى مثل مشروعَي الدبابات والطائرات المقاتلة.
غير أن «الرمزية» المذكورة آنفاً لم تكن موضع إجماع في فرنسا وألمانيا، بل على العكس. إذ شدّد أقصى اليمين في فرنسا، وأيضاً أقصى اليسار، انتقاداتهما للمعاهدة الجديدة في الأيام الأخيرة، ملوّحَين بشبح فقدان السيادة الوطنية. ورأت زعيمة «التجمع الوطني» الفرنسية (يمين متطرف)، مارين لوبن، أن المعاهدة الجديدة هي «ضربة خبيثة» من الرئيس الذي «يقوم بهدم قوة بلدنا». وقالت إن الأمر «على غرار ميثاق مراكش (حول الهجرة): نعلم بذلك قبل ثلاثة أيام من توقيعه، حتى لا يتمكن أحد من نقض محتوى هذه المعاهدة». واتهمت ماكرون بالسعي إلى تقاسم عضوية فرنسا الدائمة في مجلس الأمن الدولي مع ألمانيا، وهو أمر لا تنص عليه المعاهدة ونفاه قصر الإليزيه، مؤكداً أن باريس تسعى للاستحصال على عضوية دائمة لألمانيا.
كذلك، ندّد زعيم «فرنسا المتمردة»، جان لوك ميلانشون، بـ«تراجع سيادتنا»، الذي يترافق بنظره مع «التراجع الاجتماعي والبيئي». ورأى أن هدف المعاهدة «ليس التقدم الاجتماعي أو الانتقال البيئي بل التنافسية»، مع توفير «قدر أقل من الخدمات العامة والاستثمارات، وتراجع الأجور، ومطاردة العاطلين من العمل». وأبدى ميلانشون مخاوفه من أن تلزم هذه الاتفاقية فرنسا وألمانيا بـ«اعتماد مواقف مشتركة في الهيئات الأوروبية»، محذراً من «الالتصاق بألمانيا في مطلق الظروف، هذا ما يقوم به ماكرون منذ بداية ولايته».
وفي ألمانيا، أثارت بعض المخاوف التي تم التعبير عنها في فرنسا الذهول، لا سيما حين نقلت صحيفة «فاز» هواجس فرنسيين تساءلوا في الأسابيع الماضية: «هل تكون الألزاس قريباً ألمانية؟». كذلك، اتهم القيادي في أقصى اليمين، ألكسندر غولاند، باريس وبرلين، بالسعي من خلال المعاهدة إلى إقامة «اتحاد أوروبي ممتاز» داخل الاتحاد الأوروبي.