الرسالتان سلمهما ولايتي، أمس، لبوتين في اجتماع حضره مسؤولون من البلدين، ليخرج الوفد الإيراني من الكرملين بتصريحات متفائلة، بعد لقاء استمر نحو ساعتين «وكان بناءً جداً وودّياً وواضحاً»، وفق الانطباع الذي سجله ولايتي. الأخير قال عقب اللقاء إن «العلاقات بين إيران وروسيا قد ترسخت، وستشهد المزيد من التطور مستقبلاً أيضاً». أما المؤشر الأبرز على نجاح اللقاء، وما قد يفضي إليه من تصاعد في التنسيق بين طهران وموسكو، فهو إشارة المسؤول الإيراني إلى أن المحادثات تطرقت إلى إمكان رفع التعاون النفطي، حيث استعرض بوتين أمام الضيف الإيراني إحصائيات تقول إن التعاون في مجال النفط يمكن رفعه «إلى 50 مليار دولار» على شكل استثمارات روسية جديدة، وهو رقم اعتبر المسؤول الإيراني أن بإمكانه «تعويض نشاط الشركات التي غادرت البلاد (هرباً من العقوبات الأميركية)».
جددت واشنطن دعوة حلفائها إلى الانضمام لحملة الضغط على إيران
الصفقة الإيرانية - الروسية، التي عقدها بوتين مع ولايتي، ستشكل مفصلاً بين ما سبقها وما سيلي. وإلى جانب تأثير لقاءات موسكو على العلاقات الثنائية بين البلدين، تخلق الاتفاقيات المرتقب توقيعها وضعية إيرانية أقوى في اتجاهات ثلاثة: مسار المفاوضات مع الأوروبيين، والضغوط الأميركية وفي سياقها ما قد يتبادله طرفا قمة هلسنكي من رسائل، وثالثاً الوضع الاقتصادي الداخلي الذي يسمح تحصينه بالتفاوض من موقع أصلب. وقد بدا لافتاً توقيت الاجتماع، حيث جاء بعد اجتماع فيينا الأخير لوزراء خارجية الدول الموقعة على الاتفاق، وهو ما لا يمكن تفسيره بأن فيينا كانت فاشلة من وجهة النظر الإيرانية، ولم تخرج بضمانات أوروبية كافية. الأرجح أن المقصود إيرانياً كان تأخير اللقاء لعدم استفزاز الأوروبيين، ومن ناحية أخرى حثهم على ترجمة الضمانات الـ11 المعلنة في فيينا إلى أطر عملية، بما يحفظ مكتسباتهم التجارية من الاتفاق النووي.
بيان الكرملين في شأن اللقاء ذكر أن الجانبين ناقشا الوضع في سوريا والعلاقات الثنائية ورسالتَي خامنئي وروحاني. ونقل ولايتي عن بوتين رفض روسيا قرار أميركا فرض عقوبات على إيران، وتشديده على أنها ستقف مع إيران «وستدافع عن حقوق طهران». كما نقل الموفد الإيراني عن خامنئي إشادته بالعلاقات مع روسيا، وتحسنها «باعتبارها شريكاً استراتيجياً»، وتطلعه إلى استمرار هذا المسار.
عملية التحشيد الإيراني للأصدقاء والحلفاء، التي توّجتها مهمة ولايتي، والتي من المرتقب استكمالها في بكين، تقابلها عملية تحشيد أميركية ضد طهران. إذ جدد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، دعوته حلفاء الولايات المتحدة إلى الانضمام إلى حملة الضغوط الاقتصادية على إيران. وفق منظور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فإن المسار المتبع يؤتي ثماره، و«إيران تتعامل مع الولايات المتحدة بقدر أكبر بكثير من الاحترام مما كانت عليه الحال في السابق». ترامب رأى، على هامش مشاركته في قمة «الناتو» في بروكسيل، أمس، أن استمرار هذه الضغوط سيجبر طهران «على السعي لاتفاق أمني مع واشنطن». وبدا الرئيس الأميركي في غاية التفاؤل بنجاح خطته حين قال للصحافيين: «أعلم أن لديهم الكثير من المشاكل، وأن اقتصادهم ينهار. لكن سأقول لكم هذا: في مرحلة ما سيتصلون بي وسيقولون: فلنبرم اتفاقاً. إنهم يشعرون بألم كبير الآن»!