في فضاء مسرحي محشو بالسينوغرافيا، من قطع ديكور، وأثاث، وإضاءة، وتقنيات بصرية، تقدّم المخرجة والممثلة والكاتبة بيتي توتل مسرحية Mono- Pause التي تتناول موضوعاً نسوياً في حبكة كوميدية خفيفة. تسرد الأحداث حياة امرأة تدخل «سنّ اليأس»، وتعاني ضيق الحياة، والأطفال، والزوج، والمجتمع، فتقرّر الاختفاء عمداً في بيت جبلي في منطقة «بحمدون». أثناء إقامتها وحيدةً هناك، تتعرض لمواقف تعقّد سير الأحداث، وتزيد التصاعد الدرامي، وخصوصاً بعد معرفة «أبو خالد» (جاك مخباط)، صاحب أحد المطاعم في المنطقة، بقصتها الحقيقية.على مستوى الإخراج، أفرطت مخرجة العرض في ملء الخشبة بالفرش وقطع الأثاث، حتى إنّه لم تكد تخلو زاوية من الديكور. كان ممكناً استعمال «اللاديكور» كديكور، أو الاقتضاب، أو التقشّف، لجعل المشاهد يحفّز خياله. يبدو أنّ توتل قطعت شوطاً في Mono - Pause لناحية استخدام التقنيات الحديثة في المسرح، من إضاءة، وشاشات، وتقنيات حديثة. كل هذه العناصر خلقت جواً مسرحياً لباطن وأحلام وأفكار الشخصية، لكنها بدت غير متجانسة مع المونولوجات التي سردتها توتل بحيث كانت النصوص فضفاضة ومباشرة من قبيل «10452 نجمة» وغيرها من الصور الشعرية الواضحة للعيان. على صعيد التمثيل، لبيتي توتل قدرة كبيرة على جعل الجمهور يضحك، بفعل إيماءاتها، حركاتها، وانفعالاتها. يبدو واضحاً أنّها ممثلة محبوبة لدى جمهور واسع، وتجيد التخاطب معه. اللحظات الصادقة، كانت حاضرة في أدائها التمثيلي وأداء جاك مخباط، والعلاقة بينهما فكاهية. توتل الآتية من خبرة وكفاءة عاليتين، وجاك الآتي من عالم الطب، شكّلا ثنائياً متجانساً، ليس فيه أي لبس على مستوى القدرات التمثيلية، لكن لم يساعدهما النص في تخطّي عتبة الوضوح والمباشرة والذهاب نحو مرحلة إبداعية أعمق. قدمت المخرجة كل التسهيلات ليفهم الجمهور كل ما يدور في النفس الداخلية للشخصية، ما حصر بنائها في شكليات محددة.
جعلت المخرجة النص يتماشى مع جمهور «مسرح الصالونات»


على الأغلب جعلت المخرجة، النص المسرحي، يتماشى مع جمهور محدد، يُعرف بجمهور «مسرح الصالونات». العرض سهل التلقّي، وقد يكون ممتعاً لفئة كبيرة من الناس، ويبعث على الضحك، وفيه إبهار بصري، ونية صادقة لتناول موضوع المرأة، لكنه لم يحمل أي تأويلات، أو أفكار، تلامس موضوع المرأة المعقّد. بدا العرض كأنّه يخاطب جمهوراً محدداً دون آخر. يمكن لفئة أن تتفاعل معه، دون أخرى. نساء الطبقة الوسطى قادرات على هجر المنزل، في حين تعيش غالبية النساء في مرحلة اليأس، والفقر المدقع، والتهميش، والتعذيب، فلماذا أعارت بيتي توتل، نساء الطبقة الوسطى، أهمية على حساب الأخريات. هنا، تطرح التساؤلات عن دور المسرح في محاكاة أوجاع النساء، من دون تحديد للطبقة. كان ممكناً أن يكون الموضوع أوسع، يحاكي النساء وعذاباتهن من دون أن نرى شخصية واحدة تعيش الترف، بينما تعيش أخريات في مستوى آخر. أصلاً، اكتفت توتل بإظهار المرأة تتصبب عرقاً، من دون إظهار الظلم، وانعدام العدالة بين الجنسين، وشرح أسباب وأشكال الظلم وغياب العدالة تلك. قد تختلف معايير الحكم، بحسب الأوضاع الأيديولوجية لجمهور محدد، ونستطيع أن نسجل تفهّماً لأهمية المخرجة وخياراتها وحريتها في اختيار الموضوعات، ولبيتي الحق الكامل في فعل ما تريد، لكن النساء يتصببن عذابات أعمق بكثير مما رأيناه في Mono - Pause. المسرحية التي تشهد إقبالاً كبيراً من الجمهور لأنها خفيفة، وطريفة وسهلة قد تكون مساحة للضحك والتسلية، في عالم ملؤه الفوضى والخراب على المستويات كافة.

* Mono- Pause: س:20:30 مساء حتى 31 آذار (مارس) ــــ «دوّار الشمس» (الطيونة ـ بيروت)