الحسكة | صعّد «مقاتلو العشائر» في دير الزور من عملياتهم العسكرية ضد «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، في أقصى الريف الشرقي للمحافظة، المقابل لمدينة البوكمال على الحدود مع العراق، وذلك للمرة الأولى منذ بدء التصعيد بين الطرفين، على خلفية شن «قسد» حملة أمنية في الريف الشرقي، بعد حادثة اعتقالها قيادات «مجلس دير الزور العسكري»، واتهامها إياهم بارتكاب انتهاكات بحق النساء والأطفال هناك. إذ هاجم مسلحون يُعتقد أنهم تابعون لفصيل «جيش القبائل والعشائر»، الذي أعلن عن تشكيله شيخ مشايخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل قبل ستة أشهر، مقارّ لـ«قسد»، على سرير نهر الفرات، في قرى وبلدات الباغوز والشعفة والسفافنة والسوسة والبوبدران، ما أسفر عن سقوط قتلى ومصابين في صفوف الطرفين، بالإضافة إلى وقوع خسائر مادية في عدد من مقارّ «قسد» و«الإدارة الذاتية» في المنطقة، مع احتجاز العشائر عدداً من عناصر «قسد»، ونقلهم إلى أماكن مجهولة. أما الريف الغربي لدير الزور، الذي ينتشر في أغلبه أبناء قبيلة البكارة، فشهد مطلع الأسبوع الحالي، توتراً غير مسبوق بين أحد شيوخ القبيلة، وهو راغب دحام البشير، وكوادر من «قسد». وأتت هذه المناوشات على خلفية استنجاد أحد الأشخاص بالشيخ البشير، والطلب منه رفع الظلم عنه، نتيجة مصادرة سيارته من دون وجه حق من قبل قوات «الأسايش» (الشرطة المحلية). على إثر ذلك، شن الشيخ البشير مع عدد من أفراد قبيلته هجوماً مسلحاً على مقر لـ«قسد» في بلدة محيميدة، التي تعدّ معقل «البكارة» في دير الزور، وفك احتجاز الآلية، بعد رفض قيادة «قسد» في المنطقة وساطته، رغم تأكيده استجارة الشاب به كأحد شيوخ المنطقة ووجهائها، علماً أنه لم تندلع أي مواجهات مسلحة، وسط توقعات بوجود توجيهات من قادة «قسد» باستيعاب الخلاف، وعدم توسيعه، وخاصة أنه انتهى من دون وقوع قتلى ومصابين.
من جهته، سارع شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، إلى إصدار بيان أكد فيه «وقوف مقاتلي القبائل والعشائر العربية في دير الزور إلى جانب قبيلة البكارة الهاشمية ضد ميليشيا قسد الإرهابية»، متهماً الأخيرة بـ«عدم احترام العشائر، والعادات والتقاليد العربية». وإذ شدّد، مجدداً، على «رفض استمرار التهميش للعشائر العربية في المنطقة»، قال إن «أرض الجزيرة السورية ودير الزور هي لأبناء العشائر، ولا مكان فيها لقسد أو كوادرها»، مؤكداً أن أبناء العشائر «على أهبة الاستعداد لمواصلة القتال في ريف دير الزور ضد قسد». وتزامناً مع دعوة الهفل الأهالي إلى مساندة «قوات العشائر» ضد «قسد»، قام مجهولون بلصق بياناته مرفقةً بصورته، على عدد من أبواب المحال التجارية في بلدة ذيبان، فاستنفرت «قسد» قواتها واستقدمت تعزيزات عسكرية إلى البلدة. كما أعلنت حظر التجوال في بلدة إبريهة في ريف دير الزور، بعد تصاعد الهجمات ضد قواتها في البلدة، في محاولة لقمع هذه الهجمات، وشن اعتقالات ضد أشخاص يعتقد أنهم يشاركون فيها. وهنا، تؤكد مصادر عشائرية، لـ«الأخبار»، أن «بيان القائد العام لقوات العشائر، الشيخ إبراهيم الهفل، كان واضحاً بأن القتال مستمر ضد قسد، والأمور العسكرية تتصاعد يوماً بعد آخر»، مشيرة إلى أن «كل محاولات قسد لإنهاء الهجمات ضدها لن تنجح لأن أبناء المنطقة جميعهم يدعمون ما يقوم به مقاتلو العشائر، ومطلبهم الوحيد أن تدير العشائر مناطقها من دون أي وجود لقسد».
في المقابل، حاولت «الإدارة الذاتية» الكردية، استرضاء أبناء العشائر في المنطقة، من خلال القيام بعدة خطوات لتعزيز الخدمات في المنطقة، من بينها افتتاح عدد من المخابز لتأمين حاجة السكان من مادة الخبز، وتوزيع دفعة ثانية من الوقود الزراعي الخاص بسقاية المزروعات، وإبداء الاستعداد لإخلاء عدد إضافي من المدارس وتسليمها لإعادة افتتاحها كمدارس لأبناء المنطقة. كذلك، قامت ببناء عدد كبير من نقاط الحراسة على امتداد سرير نهر الفرات الذي يفصل مناطق سيطرتها عن مناطق سيطرة الحكومة السورية، وبمسافة أقلّ من 1 كلم بين نقطة الحراسة والأخرى، لضبط عمليات التسلل بين المنطقتين. وفي السياق، توضح مصادر مقربة من «قسد»، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «خطوة بناء نقاط الحراسة تهدف إلى وضع حدّ لعمليات التسلل اليومية لعناصر مسلحة من مناطق سيطرة الحكومة في اتجاه مناطق سيطرة قسد»، مبيّنة أن «كل المعطيات تشير إلى أن هذه العناصر المسلحة تتلقى دعماً مفتوحاً من الحكومة السورية وحلفائها في دير الزور، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في أرياف دير الزور الخاضعة لسيطرة قسد». وتقلّل المصادر من «تأثير هذه الهجمات»، مؤكدة أنها «تحت السيطرة، ويتم ردّها من دون وقوع خسائر كبيرة».