من كان يفكّر قبل سنة من الآن أن تقنية فيديو الحكم المساعد VAR قد تكون حاضرة في ملاعب كرة القدم اللبنانية، وتحديداً في دوري الدرجة الأولى فيها؟كيف يعقل أن تمتلك كرة القدم اللبنانية تقنية «VAR» وهي تعاني ما تعانيه من إهمال الدولة والصعوبات الكبيرة التي تواجه جميع المعنيين فيها للبقاء على قيد الحياة والاستمرار حتى بـ«اللحم الحي»؟ كيف يمكن تخيّل وجود «VAR» في بلد لا يملك ملاعب حقيقية قادرة على استضافة مباريات جماهيرية كبيرة، سواء آسيوية، عربية أو حتى محلية، فيجد اتحاد اللعبة والقيّمون على اللعبة أنفسهم مجبرين على القيام بدور ليس دورهم عبر تأهيل الملاعب ودعم من الاتحادَين الدولي والآسيوي... فقط للاستمرارية.
لكن اليوم أصبح «ضرب الجنون» حقيقة واقعة، وأصبح مشهد شاشة الفيديو الخاصة بالـ«VAR» والحكم الرئيسي يراجع اللقطات لاتخاذ القرار المناسب أقرب من أي وقت مضى. وبالتالي، فإن ما يشاهده الجمهور اللبناني على شاشات التلفزيون في البطولات الكبيرة سيكون حاضراً في الملاعب اللبنانية، بدءاً من المرحلة السداسية الثانية لدوري الدرجة الأولى، من دون تحديد الموعد النهائي سواء يوم غد الأربعاء أو الانتظار للأسبوع الثاني من السداسية، بعد عودة المنتخب من استحقاقه الخارجي في أستراليا ضمن تصفيات كأس العالم 2026 في 21 و26 آذار الجاري.

يعمل الاتحاد اللبناني على تطبيق النظام في أول أسبوع من السداسية الثانية (طلال سلمان)

المشوار الذي بدأ في الصيف الماضي، والذي يصنّف مراحله الفيفا بأنه يحتاج إلى سنة على الأقل، تم إنجازه خلال أشهر رغم كل الصعوبات التي تواجهها اللعبة خصوصاً على صعيد عدم وجود ملاعب يمتلكها الاتحاد لاقامة التمارين والمباريات التجريبية المفروضة في بروتكول الـ«VAR».
أنهى القيمون على المشروع تدريب وتأهيل 24 حكماً كي يكونوا حكام «VAR» وهم: الحكام والحكمات الرئيسيون، دموع البقار، حنين مرعي، محمد عيسى، علي رضا، ماهر العلي، أحمد علاء الدين، علي الأشقر، محمد حداد، هادي سلامة، كاظم الخنسا، علي شمس، وائل حيدر. وضاف إليهم الحكم حسين أبو يحي الحاصل على رخصة حكم «VAR» من قبل.
أما الحكام المساعدون فهم: ربيع عميرات، سامر بدر، علي المقداد، أحمد الحسيني، محمد الحاج، علي فقيه، علي بري، بلال عرفي، محمد رمال، هشام قانصوه، عدنان عبد الله وسليم سراج.
هؤلاء الحكام خضعوا لدورات تدريب عديدة وعدد ساعات كبير من التمرين تطبيقاً لبروتوكول الـ«VAR» تحت إشراف محاضرَين من الفيفا هما: المصري تامر درّي والصربي إيغور يوريغيتش، قبل أن يتعاقد الاتحاد اللبناني مع المحاضر دري الذي حضر قبل شهر وقام بتدريب الحكام وإجراء المباريات المطلوبة من قبل الفيفا بدعم ومساعدة من الدائرة الفنية في الاتحاد التي قامت بتأمين لاعبين ومباريات على ملاعب بحمدون والصفاء وجونية.
كل هذا العمل كان لاجتياز اختبارين أساسيين يفرضهما الفيفا قبل منح الرخصة للاتحاد اللبناني لتطبيق الـ«VAR» ومنح الحكام اللبنانيين الـ 24 رخصة حكام «VAR».

أشكال الاختبارات
الاختبار أو التقييم الأول هو تقني، حيث حضر الى بيروت مندوب من الفيفا في 23 شباط الماضي، وهو باهافشان مورغين من جزر الموريشيوس، المسؤول عن مشروع تطبيق الـ«VAR» في لبنان، وأجرى تقييماً تقنياً للنظام الذي سيتم اعتماده من قبل الاتحاد اللبناني والمصنّع من شركة «VOGO» الفرنسية والمشغَّل من قبل شركة «TALRNT SPORTS» ومركزها في الإمارات.
وصلت عربات النقل التي ستكون غرفاً للـ«VAR» إلى بيروت وتسلّمها الاتحاد اللبناني


وأجري التقييم على ملعب جونية، حيث أقيمت مباراة كاملة من ثلاثة أشواط، مدة كل شوط 30 دقيقة، اطّلع مندوب الفيفا على سير العمل بشكل كامل تقنياً قبل أن يقدم تقريره إلى الفيفا والذي جاء إيجابياً، مع اجتياز الاتحاد اللبناني الاختبار بنجاح.
بعد ذلك، بدأ التحضير للتقييم الثاني المتعلّق بالحكام ومدى جهوزيتهم الفنية ومعرفتهم بقوانين الـ«VAR»، وكيفية تطبيقه داخل غرفة الـ«VAR» وعلى أرض الملعب، فعيّن الفيفا المحاضر يوريغيتش كي يجري التقييم والذي حضر يوم السبت الماضي إلى جونية، حيث أقيمت مباراتان مقسّمتان على ستة أجزاء (30 دقيقة لكل جزء) بحضور الحكام الـ 24، إضافة إلى ستّة حكام من خارج مجموعة حكّام الـ«VAR» وهم: علي بركات، محمد قندولي، محمد علاء الدين، حمزة قاسم، سليمان الخطيب وأحمد المولى.
انتهى التقييم الفني وكان إيجابياً جداً من المحاضر الدولي، ما فتح الباب على التفكير بتطبيق الـ«VAR» غداً الأربعاء في حال موافقة الفيفا، وخصوصاً أن عربات النقل التي ستكون غرفاً للـ«VAR» وصلت إلى بيروت وتسلّمها الاتحاد اللبناني، حيث سيتم تركيب المعدات المتبقية للأجهزة اليوم كي تكون جاهزة غداً في حال سماح الفيفا للاتحاد اللبناني بتطبيق التقنية الأربعاء في لقاء الأنصار والعهد. أما إذا لم تصل موافقة الفيفا، فحينها سيتم تطبيق النظام في أول مباراة تقام بعد وصول الموافقة، سواء كانت في سداسية الأندية الأوائل أو في سداسية الأواخر.