تداعيات قرار قيادة العدو مواصلة الحرب وتوسيع نطاقها البري إلى رفح، انعكست على الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، حيث تواصل تساقط الصواريخ على المستوطنات رداً على الاعتداءات الإسرائيلية، وتواصل معها استهداف تجمّعات الجنود الذين لم يحل تخفّيهم دون اكتشافهم من قبل أجهزة الرصد والمراقبة التابعة للمقاومة.كما واصل حزب الله تطبيق المعادلات التي يفرضها على هذه الجبهة للجم محاولات العدو التفلّت من «هوامش» المواجهة. لذلك، لم تأتِ الحرائق الواسعة التي اندلعت في كريات شمونة ليل أمس من قبيل الصدفة، إذ إن حزب الله ردّ بالمثل على استخدام إسرائيل القنابل الفوسفورية في اعتداءاتها على القرى اللبنانية، ليطرح معادلة «الحريق بالحريق» بعد «التدمير بالتدمير» و«التهجير بالتهجير». وأعلن المتحدّث باسم جيش الاحتلال أن 20 صاروخاً سقطت في المستوطنة، فيما بثّت وسائل إعلام إسرائيلية مشاهد للحرائق، وتحدّثت القناة 14 عن تسجيل أضرار جسيمة في البنى التحتية والمباني.
وواصل حزب الله أمس عملياته النوعية ضد مواقع وثكنات وتجمعات جنود العدو على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، من بينها قصف قوة للعدو في موقع المالكية بالمدفعية، أدى إلى «إصاباتٍ مؤكدة»، وتدمير التجهيزات ‏التجسسية المستحدثة في موقع مسكفعام، واستهداف موقع ‏السماقة في تلال كفرشوبا، وقصف قاعدة ‏خربة ماعر ومرابض مدفعيتها بصلية من صواريخ الكاتيوشا، وإعادة قصفها بعشرات صواريخ الكاتيوشا أثناء تجمّع الجنود لرفع الأضرار، إضافة إلى قصف ثكنة يفتاح بالأسلحة الصاروخية وراجمة «فلق».
وعلى وقع هذه العمليات يتعزّز الأفق المسدود أمام المستوطنين الذين يواصلون رفع الصوت من دون أي قناعة بإمكانية أن يلقوا نتائج في المرحلة الحالية، بعدما بات الجميع مدركين بأن خيارات إسرائيل محدودة ومليئة بالمخاطر، وأن لا إمكانية لوقف القتال على جبهة لبنان قبل وقف الحرب على غزة. ويزيد من منسوب التشاؤم ما كشفته تقارير إسرائيلية عن إقرار مندوب الاستخبارات العسكرية (أمان) خلال نقاش سري في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بأن أي اتفاق ضمن القرار 1701، قد يؤثّر على وجود علنيّ عسكري لقوات حزب الله التي تعمل في المنطقة الحدودية، لكنه لن يزيل بشكل تام «التواجد المدني» لمقاتلي «قوة الرضوان»، مشيراً إلى أن حزب الله حرص لدى إنشاء هذه القوة على أن تضم سكان القرى، ليكونوا قريبين دائماً من الحدود مع إسرائيل.
خبراء العدو: أي اتفاق لن ينهي «الوجود المدني» لـ«قوة الرضوان»، وحزب الله مستعدّ لكل السيناريوهات


كذلك خلص مؤتمر أكاديمي - أمني عُقد في الجليل الغربي إلى أنه بعد 7 أشهر على الحرب، فإن القدرة العملانية لـ«قوة الرضوان» لم تتضرّر. وحذّر رئيس قسم الأبحاث في معهد «ألما»، المتخصص بالساحة الشمالية، طال باري، في المؤتمر من أنه «إذا قرّرت قيادة حزب الله احتلال منطقة صغيرة من إسرائيل بواسطة 100 أو 200 مخرّب، فإن الحزب قادر على تنفيذ ذلك»، مشيراً إلى أن حزب الله مستعد للحرب، ومهيّأ لمواجهة كل السيناريوهات. وأنهى مداخلته بأن «أيّ اتفاق سياسي مع حزب الله لن يمنع الحرب في الشمال. وكل ما يمكن أن يحقّقه هذا الاتفاق هو كسب الوقت إلى أن يحين موعد المواجهة الشاملة عام 2026 في أبعد تقدير، أو في المدى القريب».
هذا الواقع الأمني والسياسي المتفاقم على كل الجبهات بما فيها جبهة لبنان، انعكس خيبة في مواقف الجمهور كما جاء في استطلاعات للرأي نشرتها صحف عبرية، أظهرت تراجع نسبة المتفائلين بمستقبل «دولة إسرائيل» وسط اليهود إلى 37%، وأن 70% من الإسرائيليين لديهم درجة منخفضة أو منخفضة جداً من الثقة بالحكومة. إلا أن اللافت هو تراجع الثقة أيضاً بشكل ملحوظ بقادة الجيش من 75% في آذار الماضي إلى 59%.
إلى ذلك، أعلن حزب الله استشهاد الجريح حسن علي كريّم من بلدة دير سريان وأحمد علي مهدي (زين) من بلدة عدشيت. ونعت جمعية كشافة الرسالة الإسلامية المسعف في الدفاع المدني غالب حسين الحاج من بلدة شيحين. فيما أعلنت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، استشهاد محمد قاسم السمنة «على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان».