أسبوع واحد يفصل عن تصويت الحكومة الإسرائيلية على الخطة الحكوميّة «الضخمة» لإعادة تأهيل الجليل، فيما تكشف مسوّدتها أن المضامين التي صاغها يوسي شيلي، المدير العام لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لا تلبّي مطالب رؤساء المجالس الإقليمية لمستوطنات المنطقة التي تئنّ تحت وطأة ضربات حزب الله منذ أشهر طويلة، والتي هُجّر أكثر من 80 ألفاً من مستوطنيها.ولأن خطة «إعادة التأهيل» لم تتطرّق إلى مطالبهم بشأن مستقبل المنطقة والاستيطان فيها، طالب رؤساء المجالس الاستيطانية حكومتهم بعدم إقرارها قبل التنسيق معهم، مهدّدين بـ«الانفصال» وإعلان «استقلال»« ما سمّوه «دولة الجليل»، وعدم التعاون مع الحكومة الإسرائيلية.
ويتوقع أن يُعلن هؤلاء «الاستقلال»، بالتزامن مع ما يُسمى «يوم استقلال إسرائيل» (النكبة الفلسطينية) في 14 الجاري، بالتزامن مع تصعيد في الشارع، عبر تنظيم تظاهرات واحتجاجات في مدينتَي حيفا والقدس المحتلّتين للضغط على حكومة نتنياهو - الغارقة من رأس الناقورة إلى البحر الأحمر - بتلبية مطالبهم بحلّ عسكري يبعد حزب الله عن الحدود، لتمكينهم من العودة إلى مستوطنات الشمال قبل بدء العام الدراسي المقبل.
وفي مقابلة له مع «القناة 13»، سخر رئيس المجلس الإقليمي لـ«مطية آشر»، موشيه دافيدوفيتش، من وزير الأمن يوآف غالانت الذي توعّد بأن يكون «الصيف ساخناً» على الحدود مع لبنان، وعبّر عن تنامي الشعور بالإحباط في صفوف «الشماليين»، إذ «نشعر بأنه تمّ التخلّي عنّا، وتُركنا لمواجهة مصيرنا بأنفسنا. الحكومة لا تفعل ما يكفي لحمايتنا، لذلك نفكّر بجديّة في الانفصال عن الدولة. لا نريد أن نكون جزءاً من دولة لا تعبأ بأمن مواطنيها. وإذا لم تتمكّن الحكومة من حمايتنا فسنحمي أنفسنا». فيما قال رئيس المجلس الإقليمي للجليل الأعلى، غيورا زالتس، في مقابلة مع «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، أمس، إن «رؤساء مستوطنات الشمال ليسوا هم من قرروا الانفصال، بل الحكومة هي التي انفصلت عنّا منذ سبعة أشهر».
وقبل أيام قليلة فقط، أرسل مدير مكتب نتنياهو الصيغة النهائية لخطّة إعادة التأهيل إلى المكاتب الوزارية لوضع اللمسات الأخيرة عليها. وعلى الفور، ردّ دافيدوفيتش، الذي يرأس أيضاً منتدى «مستوطنات خط المواجهة»، برسالة وجّهها إلى شيلي، متهماً إيّاه بإدارة «حوار طرشان»، لعدم أخذه الملاحظات التي قدّمت إليه. ولفت إلى أن الخطة، المعدّة لإعادة تأهيل الشمال في المدى المنظور، تشير إلى الميزانية التي ستحصل عليها كل سلطة محلية من دون آلية لتوزيعها بشكل موحّد، ما يعني عملياً أن كل وزارة حكومية قادرة على وضع معايير مختلفة لتوزيع الميزانيات، كحجم المدينة ونطاقها، ونوع المستوطنة (زراعية، تعاونية...)، وقربها من الحدود، ووضعها الاجتماعي - الاقتصادي. ورأى أن «الحكومة عملياً ترغب في دفع رؤساء المجالس إلى الاقتتال بين بعضهم البعض» على الميزانيات.
فعلى سبيل المثال، أقرّت الخطط المعدّة لـ«تحصين الشمال» ميزانية قيمتها 1.4 مليار شيكل لجميع المستوطنات، فيما «كريات شمونة» وحدها بحاجة إلى مليارَي شيكل، وفقاً لموقع «واينت»، الذي أشار إلى أن «المدينة (كريات شمونة) التي تضررت مئات المنازل فيها بسبب ضربات حزب الله، لا تحصل مثلاً على نفقات الحراسة المُعدّة لحماية الشقق الخالية من السرقة، وتصرف من ميزانيتها مليون شيكل شهرياً لتمويل هذه النفقات».
ووفقاً لرؤساء المجالس المحلية، لا تحاول الخطة خلق «محرّكات نموّ»، إذ تساوي بين مستوطنة «يوكونعام» جنوبيّ حيفا، و«كريات شمونة» الواقعة على خط المواجهة، على مستوى الضرائب المفروضة. كما أنها لا تتطرق إلى كيفية إعادة المؤسسات التجارية والشركات الناشئة للعمل في الشمال، ما يؤثر عملياً على مستقبل الاستيطان هناك.
وأشار دافيدوفيش في مقابلة مع «واينت» إلى أنه «في 23 كانون الثاني، اجتمع نتنياهو معنا، وتعهّد بأنه خلال عشرة أيام ستُمرّر خطة للشمال ميزانيتها 3.5 مليارات شيكل. مرّت خمسة أشهر من دون أن نحصل على أيّ ميزانيات، فيما الأعمال في الشمال انهارت، والسكان المهجّرون محبطون، ولا أحد يسمع صوتهم في القدس». وأضاف: «سيتّحد رؤساء المجالس في خطّ المواجهة مع السكان للانفصال عن الحكومة، إذ لم يعد بوسعنا سماع الوعود الفارغة من أعضاء الحكومة الفاقدة للمسؤولية، التي تنازلت عن أجمل منطقة في البلاد. سنصعّد قريباً».