ألمحت واشنطن إلى أن لا أمل لأي حركة داخلية أو خارجية تتعلق بملف الرئاسة في الوقت الراهن
يربط الأميركيون موقفهم من دور إيران في الرئاسيات، في ما أصبح عليه وضع حزب الله، على أساس أن الحزب قد يقوم بمراجعة للتطورات التي لحقت به بعد 7 تشرين الأول. فوضع الحزب بين عامي 2006 و2024 لم يكن مطروحاً على بساط البحث الموسّع كما هو حاله اليوم بالنسبة إلى وجوده في الجنوب. ما حصل في السنتين الأخيرتين أثناء التجديد للقوات الدولية فتح باب الإشكالات، لكنه لم يتحوّل إلى قضية قائمة بذاتها، إلى أن وقع حدث 7 تشرين الأول. أما اليوم، فأي كلام عن مفاوضات إقليمية ودولية سيأخذ حكماً في الاعتبار التحولات الأخيرة ودخول حزب الله على خط الإسناد، واستطراداً ما سيكون عليه وضعه وانتشاره جنوباً، ولا سيما أن الأميركيين لا يرون في دخول حزب الله على خط الصراع بين إسرائيل وحماس أي تحول استراتيجي في حرب غزة، بقدر ما أنه ساهم في وضع حزب الله في مواجهة التحديات مع إسرائيل، التي باتت تصر على إبعاده عن حدودها الشمالية. لذا فأي محاولة للتعامل مع هذا الانتشار بما يتلاءم مع المفاوضات الجارية لن تكون بلا تداعيات وأثمان داخلية. هذا تماماً ما لا ترغب به واشنطن حالياً، لأن الثمن المطلوب إيرانياً قد لا يتوافق مع الرؤية الأميركية حتى الآن. ومن هنا لن يُكتب النجاح لكل حركة داخلية أو خارجية على تماس مع ملف الرئاسة في الوقت الراهن، وقد ألمحت واشنطن ذلك إلى كل من يعنيهم الأمر. علماً أن أحد المؤشرات الواضحة هو أن حركة الموفدين الفرنسيين جُمدت إلى حين اتضاح احتمالات تغيّر الموقف الأميركي. كما أن دخول باريس على خط الرئاسيات سيخفّ تدريجاً، بعد كل تجاربها الفاشلة في لبنان منذ انفجار الرابع من آب، وبعدما بدأت تدخل في اهتمامات أخرى تتعلق بأوكرانيا وبتحقيق إجماع أوروبي على مقترحات الرئيس إيمانويل ماكرون وبأمنها الذاتي في الأشهر التي تسبق الألعاب الأولمبية. أما في لبنان، فإن ما يجري مجرد زوبعة في فنجان وحركة بلا بركة لتمرير الوقت ما دامت القوى الأساسية لا تملك فعلياً ورقة الرئاسيات، قبل تبلّغها إما من واشنطن أو من إيران، إلا إذا تكرّر ما حصل عام 2016، بتفاهم غير متوقّع للأضداد، ما يسمح بسحب ملف الرئاسة من الخارج إلى الداخل، وهذا غير واضح أنه سيحصل بعد فشل نتائج تلك التجربة.