غزة | لم تسمح الثلاثون يوماً التي مضت على بدء السماح بدخول شاحنات المساعدات والبضائع إلى مناطق شمال وادي غزة، بالوصول إلى حالة من التشبّع، بل يمكن القول إن تلك المدة ساهمت فقط في كسر حالة المجاعة، إثر دخول أصناف من البضائع والسلع انحصرت بالطحين والمعلبات، فيما لم يشاهد الأهالي اللحوم والخضر والفواكه إلا بضعة أيام، نزلت خلالها إلى الأسواق بأسعار فلكية، قبل أن تختفي مجدداً على وقع إغلاق معبري كرم أبو سالم ورفح، عقب بداية العملية البرية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.أما في شمال القطاع، الذي لم ينسَ 700 ألف نازح فيه ما فعله بهم الجوع خلال الستة أشهر الماضية، فيعيش الأهالي هاجس عودة أيام القحط مجدداً، إذ إنه لم يدخل بعد من المواد التموينية الأساسية كمية تكفي لأن تُسمى مخزوناً، فضلاً عن اشتعال أسعار السلع واختفاء بعضها على نحو سريع من السوق، وسط ما يتردّد عن إمكانية تمدّد العملية في رفح لعدة شهور، الأمر الذي ساهم في زيادة حالة الاضطراب.
ووفقاً لمصدر في لجنة الطوارئ العشائرية، فإن إغلاق المعابر الحدودية لأربعة أيام، بما فيه وقف حركة عبور البضائع التجارية عبر حاجز الزيتون، ثم توقّف عمل معبر «إيرز» بسبب التوغل البري المحيط، «انعكست آثاره سريعاً على الأسواق التي لم تستفق بعد من حالة الجفاف التي ضربتها طوال سبعة أشهر». ويتابع المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «المساعدات تُوزّع بحسب عدد أفراد الأسرة. وحتى اللحظة، حصلت العائلات المكوّنة من سبعة أفراد وأكثر، على كيس طحين واحد وطرد غذائي، فيما تبقّت عشرات الآلاف من العائلات التي لم يصل إليها الدور بعد».
في مدينة رفح يبدو الأمر أكثر تعقيداً، حيث جفّت البضائع من الأسواق منذ أسابيع، وساهم التوتر الميداني ثم بدء التوغل البري في زيادة الاحتكار والاستغلال. وفي هذا السياق، يوضح مصدر حكومي أنه «في أوقات التوتر، يمارس بعض المحتكرين دوراً سلبياً في التلاعب في السوق»، لافتاً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «ما يحدث الآن هو أن استمرار إغلاق المعابر وحالة الفراغ، سيفضيان إن استمرا طويلاً، إلى استنساخ مجاعة شمال القطاع في جنوبه»، مضيفاً بأن «أعداد النازحين كبيرة جداً، والاستهلاك مهول، لذا الواقع حساس جداً لأي تغيّر في مستوى دخول السلع والبضائع».
إلى جانب ذلك، دقّت المستشفيات في شمال وادي غزة ناقوس الخطر، حيث ينذر استمرار توقف دخول شحنات الوقود، بتوقف المستشفيات في غضون 48 ساعة.