الحسكة | بعد أيام قليلة من إعلانها تعليقها، استأنفت المقاومة الإسلامية في العراق عملياتها العسكرية ضدّ الوجود الأميركي في كلّ من سوريا والعراق، ردّاً على العدوان الأميركي الذي طاول مواقع لها في محافظة دير الزور في سوريا، ومنطقتَي القائم وعكاشات في العراق. جاء ذلك من خلال ست عمليات استهدفت فيها «قاعدة حقل كونيكو» شمال دير الزور ثلاث مرات، و»قاعدة العمر» شرقها، و»قاعدة مطار خراب الجير» في ريف الحسكة الشمالي، و»قاعدة حرير» في العراق. وكانت الهجمات الأميركية قد طاولت، وفق بيان القيادة المركزية، «85 هدفاً، عبر قاذفات استخدمت 125 ذخيرة دقيقة التوجيه».ووفق مصادر ميدانية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «العدوان في سوريا تركّز بشكل رئيسيّ على محافظة دير الزور، مستهدفاً مواقع في المدينة وريفها، والميادين والبوكمال وريفيهما، بالإضافة إلى القائم وعكاشات في العراق». وبيّنت المصادر أن الغارات «طاولت مبنى الكتب المدرسية القديم ومحيط المخبز الآلي في مدينة دير الزور، والجفرة وهرابش في ريفها الشرقي، وبلدة عياش في ريفها الغربي»، وأيضاً «حيَّي الحيدرية والشبلي ومحيط قلعة الرحبة ومحيط مزار عين علي في الميادين، ومواقع في الهري ومحيطها في بادية البوكمال». وأكدت أن «الخسائر البشرية محدودة في سوريا، فيما أدّت الضربات إلى استشهاد 17 شخصاً وإصابة 35 في العراق»، لافتةً إلى أنها «وقعت في مناطق تشهد نشاطاً ملحوظاً لخلايا تنظيم داعش، الذي أخذ جرعة معنوية دفعته إلى شنّ هجمات واسعة يومَي السبت والأحد على مواقع للجيش السوري بين باديتَي دير الزور والسخنة». كذلك، أشارت إلى أن «معظم المواقع المستهدَفة أُخليت في وقت سابق»، نافيةً، في الوقت ذاته، أن يكون القصف قد طاول «عناصر أو مقارّ تابعة لفيلق القدس أو المستشارين الإيرانيين»، علماً أن البيانات الرسمية الأميركية أكدت أن العمليات «موجّهة ضدّ فيلق القدس». وفي هذا الإطار، نفى السفير الإيراني في دمشق، حسين أكبري، أن «يكون العدوان الأميركي قد استهدف قواعد مستشارين إيرانيين في سوريا»، معتبراً أن «هذا العدوان يهدف إلى التعويض عن هزائم الكيان الصهيوني في غزة».
معظم المواقع المستهدفة في سوريا والعراق أُخليت في وقت سابق


من جهتها، حرصت فصائل المقاومة على الردّ الفوري على هذه الغارات، من خلال تجديد استهدافها للقواعد الأميركية في سوريا والعراق ليلة العدوان وفي اليوم التالي له، وذلك بهدف البعث برسائل ميدانية مفادها بأن قدراتها العسكرية لم تتأثّر بالعدوان، وأن أثر الغارات الأميركية محدود جدّاً. كما أنها أرادت القول إن موقفها الداخلي بات أقوى بعدما أكدت الحكومة العراقية، في بيان رسمي، أن «الضربة الأميركية ستضع الأمن في العراق والمنطقة على حافة الهاوية»، وأنها «تتعارض مع جهود الاستقرار»، لافتةً إلى أن «التحالف الدولي خرج عن المهام الموكلة إليه، وصار سبباً في تهديد الأمن والاستقرار». ولعلّ المقاومة ستستفيد من هذا البيان، لمواصلة التصعيد ضدّ الوجود الأميركي، الذي لم يَعُد مرغوباً فيه لا عسكرياً ولا سياسياً في البلاد، ما من شأنه أن يدفعها تالياً إلى إطلاق مراحل جديدة من العمل ضدّ هذا الوجود.
وظهر هذا التوجّه من خلال تأكيد رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، فالح الفياض، خلال حضوره مراسم تشييع شهداء العدوان في العراق، أن «الهجوم الأميركي كان استهدافاً مباشراً لقوات الحشد، ولن يمرّ مرور الكرام»، إذ رأى أن «الحادثة تمثّل استهدافاً وقحاً، فيما دماء شهداء الحشد تمثّل مكانة العراق وكرامته». وطالب الفياض «البرلمان العراقي والقوى السياسية باتّخاذ موقف واضح من العدوان الأميركي لأنه يمثّل تجاوزاً للخطوط الحمر»، مشدّداً على ضرورة «تطهير أرض العراق من الوجود الأجنبي». وفي هذا الإطار، توقّعت المصادر الميدانية أن «تمضي المقاومة في حرب مفتوحة مع الأميركيين، مستندة إلى حقّها كقوّة وطنية عراقية، في طرد الأميركيين الذي يقتلون أبناء سوريا والعراق المدافعين عن استقلال بلدانهم»، مرجّحة أن «تُظهر قدرتها على الوصول إلى كل القواعد الأميركية، وإلحاق خسائر بها». ورأت المصادر أن «المناخ السياسي والميداني بات مهيّأً لتسريع خروج القوات الأميركية من العراق، ما يعني ضمناً خروجها من شرق سوريا على الأقل»، متوقعةً أن «تضغط المقاومة عبر تياراتها السياسية والعسكرية لتحقيق هذا الهدف في أقصى وقت ممكن».