الحسكة | لم تتأخّر «المقاومة الإسلامية في العراق»، في تصعيد عملياتها ضدّ القوات الأميركية في سوريا والعراق، مع اقتراب حرب غزة من دخول شهرها الخامس، واستمرار واشنطن في تقديم دعم مفتوح للعدو الإسرائيلي. واختارت المقاومة توقيتاً استراتيجياً للتصعيد، تزامن مع إعلان وزارة الخارجية العراقية بدء الاجتماعات التمهيدية للاتفاق على جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من البلاد. كما جاء بعد مئة يوم كاملة من بدء الهجمات ضدّ الوجود الأميركي في هذين البلدَين، وأيضاً انتقاماً لِمَن قضوا في تسعة اعتداءات نفّذها الأميركيون ضد أهداف في كليهما.وأظهرت المقاومة رغبتها في الانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة، من خلال تنفيذ أكثر من 25 استهدافاً للقواعد الأميركية في كلّ من سوريا والعراق، خلال يوم ضرب «قاعدة التنف» وقبلها بيومين، لتصل العمليات خلال 101 يوم، إلى قرابة 180، أوقعت 3 قتلى وأكثر من 115 مصاباً، بينهم إصابات متوسطة وحرجة. وكشفت مصادر ميدانية، لـ»الأخبار»، تفاصيل الهجوم، موضحة أنه «نُفّذ بواسطة طائرة مُسيّرة فجر الأحد، ضمن سلسلة من الهجمات التي طاولت القواعد الأميركية غير الشرعية في التنف والركبان جنوب سوريا والشدادي في شرقها»، مبيّنةً أن «مُسيّرات المقاومة نجحت في تعطيل أجهزة الرصد والرادار ونظام الدفاع الجوّي المتطوّر الموجود في القاعدة، ونجحت في الوصول إلى مساكن الجنود الأميركيين داخل قاعدة التنف، وإيقاع قتلى ومصابين في صفوفهم». وأشارت إلى أن «الهجمات جاءت رداً على إصرار الاحتلال الأميركي على تقديم الدعم المفتوح للعدو الإسرائيلي، وللتأكيد على جدية المقاومة في هجماتها وقدرتها على إحداث الفعّالية المطلوبة لافتتاح مرحلة جديدة من المواجهة»، لافتةً إلى أن «وقوع قتلى في صفوف الأميركيين، يُعدّ رسالة إلى الداخل الأميركي، للشعور بمئة ألف شهيد ومصاب في غزة، يعانون من مذبحة مفتوحة منذ أربعة أشهر، بأسلحة أميركية».
ويُعدّ إعلان الولايات المتحدة عن سقوط قتلى في صفوف جنودها، نقطة تحوّل في عمليات المقاومة، تثبت مضيّ الأخيرة في إيذاء المصالح الأميركية. ولعلّ فصائل المقاومة اختارت «قاعدة التنف» تحديداً، لرفع مستوى الإيذاء من خلالها، لإدراكها أهمية هذه القاعدة بالتحديد بالنسبة إلى الأميركيين، وذلك لوقوعها في منطقة استراتيجية على مثلّث الحدود بين سوريا والعراق والأردن، ولكونها أصلاً قاعدة استخباراتية وعسكرية، مسؤولة بشكل مباشر عن مراقبة طريق دمشق - بغداد، وعن تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي والتسليحي لخلايا تنظيم «داعش».
ويوفّر الاحتلال الأميركي إمداداً لقواعده الموجودة في مناطق سيطرة «قسد» في الحسكة ودير الزور، انطلاقاً من العراق، فيما يوفّر إمدادات «التنف» من داخل الأردن. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة إذا ما أُجبرت على الانسحاب من العراق، ستنسحب حكماً من قواعدها في شمال شرق سوريا، مع ترجيح الحفاظ على «التنف» لوقوعها في الجنوب الغربي من البلاد، واستقلاليتها عن نظيراتها في العراق وسوريا. وعليه، فالمرجّح أن اختيار «التنف» للتصعيد، أريد منه تحقيق جملة أهداف مرتبطة بمستقبل الوجود الأميركي في المنطقة، والتأكيد أن المطلوب هو انسحاب أميركي من كلا البلدين، وليس فقط من القواعد الواقعة في مناطق سيطرة «قسد» شمال شرقي سوريا.