تصرّ «دار قنبز» على تسمية موعدها اليومي على فيسبوك لقاءً، رغم غياب العيون والحضور البشري عن الجلسة الحكائية التي تقدّمها الكاتبة ندين توما، بخلاف ما جرت عليه العادة خلال مواعيدها في بيروت والقرى اللبنانية. وفي حين قضى الوباء على أي احتمال للقاء الآن، إلا أن «دار قنبز» وجدت سبيلاً لنقل الحكايات والقصص التي نشرتها في السابق، إلى القرّاء والمستمعين ضمن موعد ثابت عند السابعة مساء كل ليلة على صفحتها على فيسبوك عبر خدمة البثّ المباشر (live). برفقة موسيقى شريكتها في الدار سيفين عريس التي ترافقها أحياناً، دشّنت توما الحلقة الأولى قبل يومين مع حكاية «نقطة ورا نقطة» (كتابة ندين توما، ورسومات لين شرف الدين) التي تقدّم قصّة الخلق وبداية الزمان والمكان والنجوم والكواكب والبحار بمنحها صفات بشريّة شاعريّة وحلميّة. باللغة المحكيّة، وبقدرتها على التنقّل الغزير بين قصّة وأخرى، واستنطاق الأشياء والكائنات المحيطة بها، تستعيد توما طقساً مندثراً من جلسات قصّ الحكايات المحليّة ودفئها التي تدعو كلّ الفئات العمريّة لا الأطفال وحدهم.
تستعين بالكثير من أدوات الحكاية الشفهية في أسلوبها السردي، وفي تذكيرها بعناصر وأشكال هذه القصص من العديّات والمفردات التي كان يخبرها الأجداد والجدّات لأحفادهن. أمس، كان هناك موعد آخر. قصّت توما حكاية «أين أصابعي» التي تركّز على الأيدي والأصابع انطلاقاً من بعض العديات التي كان يتم تناقلها في القرى، وإن بطرق مختلفة. في هذه القصّة كانت اليدان البطلتين. مرّت توما على دورهما في الخياطة، والتطريز والتعبير عن الحب، والعزف على الآلة، وقدرتهما على الكلام عبر لغة الإشارة التي تعدّ لغة من لا يستطيع بلوغ التعبير الشفهي. كما طلبت من المشاهدين مشاركة تسجيلات للعديّات التي يحفظونها. على أن تتواصل هذه الحكايات كلّ ليلة مع كتب وقصص مختلفة من مجموعة الدار.