في 19 نيسان / أبريل، اجتمع مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في المنظمة. صوّت لمصلحة القرار 12 من أعضاء المجلس الـ 15، وعارضته الولايات المتحدة، فيما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، وبررتا ذلك بأن حصول فلسطين على العضوية الكاملة يجب أن يأتي في وقت تتناسب فيه هذه الخطوة مع منطق السلام الناشئ، وبأن الاولوية الآن هي لإنهاء الأزمة في غزة، وهو ما يتفق تماماً مع التبرير الأميركي لرفض طلب العضوية بحجة أن الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يكون نتيجة مفاوضات ثنائية حول كل جوانب التسوية السلمية في الشرق الأوسط.
الاعتراف بالدول وعضويتها في الأمم المتحدة
ووفقاً للمادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن العضوية مفتوحة لجميع الدول المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في ميثاق المنظمة وتكون قادرة على تنفيذها. يتم قبول الدول في عضوية الأمم المتحدة بموجب قرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن. ويحتاج قرار الجمعية العامة إلى غالبية الثلثين في التصويت، وبمجرد اعتماده يتم قبول العضو الجديد رسمياً، وتستلزم العضوية الكاملة المشاركة في الاجتماعات ودفع الاشتراكات السنوية والتصويت على كل القضايا التي تعرض على المنظمة. وبناء على نص المادة الرابعة المذكورة، هناك خمسة شروط موضوعية يجب ان تتوفر لاكتساب العضوية، إذ يجب على الدولة مقدمة الطلب (1) أن تكون دولة، (2) أن تكون محبة للسلام، (3) تقبل الالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، (4) أن تكون قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات، و(5) على استعداد للقيام بذلك. جميع هذه الشروط تخضع لحكم المنظمة، أي الشروط الشكلية/الاجرائية. وبناء على الشروط الموضحة أعلاه، فإن اهم الشروط الواجب توافرها في مقدم الطلب أن يكون دولة. ومسألة الاعتراف بالدولة منفصلة تماما عن قبولها أو عدم قبولها كعضو في الأمم المتحدة، وهي ليست مسألة قانونية، بل مسألة واقعية وسياسية محضة، وإن ترسخت في القانون الدولي وفق اتفاقية «مونتيفيديو» لعام 1933 حول المعايير الواجب توافرها في أي كيان سياسي ليصبح دولة، وهي: وجود إقليم بحدود معروفة، وسكان مستقرين فيه، وسلطة سياسية تفرض هيمنتها على الإقليم والسكان وتحافظ على الامن والاستقرار. وبحسب الاتفاقية، فإن وجود الدولة مسألة واقعية، في حين أن اعتراف الدول الأخرى بها هو اعتراف اعلاني وليس عاملاً حاسماً في إنشائها أو تأسيسها. فهل تعتبر فلسطين دولة في نظر المجتمع الدولي؟
سعت السلطة الفلسطينية منذ ثمانينات القرن الماضي إلى اثبات حقها في الوجود في المجتمع الدولي من خلال اتباع خطوات تدريجية:
• حصول منظمة التحرير الفلسطينية على صفة مراقب في الأمم المتحدة في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974‏ بموجب القرار رقم 3237 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
• اعلان منظمة التحرير الفلسطينية في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 دولة فلسطين التي اعترف بها بحلول نهاية 78 دولة.
• في أيلول/ سبتمبر 2011، تقدمت فلسطين بطلب الانضمام للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة عبر رسالة رفعت إلى الأمين العام آنذاك بان كي مون، وأحالها الأخير إلى مجلس الأمن وفقا للمادة الرابعة لكي يصدر توصية بشأنها. أحيل الطلب إلى اللجنة المعنية بقبول أعضاء جدد، غير أنها على مدى شهرين من الانعقاد، لم تتمكن من تقديم المشورة بالإجماع، وانقسمت الآراء بين من يؤيد ومن اقترح حلولا أخرى واتخاذ خطوة وسطية، لعلمهم بأن الطلب سيُسقط بموجب حق النقض من قبل الولايات المتحدة.
• أحيل الموضوع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 قراراً أهم ما جاء فيه إقرار الجمعية العامة « بـأن فلـسطين تتمتـع بعـضوية كاملـة في منظمـة الأمـم المتحـدة للتربيـة والعلـم والثقافة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسـيا ومجموعـة دول آسـيا والمحـيط الهـادئ، وأن فلـسطين عـضو كامـل العـضوية أيـضاً في جامعـة الـدول العربيـة وحركـة بلـدان عـدم الانحيـاز ومنظمة التعاون الإسلامي ومجموعة الـ 77 والصين، وإذ تقــر أيــضاً بــأن دولــة فلــسطين حظيــت بــاعتراف 132 دولــة عــضواً في الأمــم المتحدة حتى الآن (...) وإذ تؤكـد أن الأمـم المتحـدة عليهـا مـسؤولية دائمـة إزاء قـضية فلـسطين إلى أن تحـل القضية بجميع جوانبها على نحو مرض، وإذ تعيد تأكيد مبدأ عالمية العضوية في الأمم المتحدة،1 - تعيـد تأكيـد حـق الـشعب الفلـسطيني في تقريـر المـصير والاسـتقلال في دولتـه فلسطين على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967؛ 2 - تقـرر مـنح فلـسطين مركـز دولـة غـير عـضو لهـا صـفة المراقـب في الأمـم المتحدة، من دون المساس بحقوق منظمة التحرير الفلسطينية المكتسبة وامتيازاتها ودورهـا في الأمـم المتحـدة بـصفتها ممثـل الـشعب الفلـسطيني، وفقـا للقـرارات ذات الـصلة بالموضـوع والممارسـة المعمول بها في هذا الشأن».
وجود أو عدم وجود دولة لا تقرره الأمم المتحدة بل سلوك الدول عقب ترفيع مكانتها في الجمعية العامة إلى دولة مراقب، استطاعت فلسطين أن تستثمر قبولها وتحظى بعضوية في العديد من المنظمات الدولية والمعاهدات الدولية


• منذ العام 2012، وعقب ترفيع مكانتها في الجمعية العامة إلى دولة مراقب، استطاعت فلسطين أن تستثمر قبولها وتحظى بعضوية في العديد من المنظمات الدولية والمعاهدات الدولية، أبرزها منظمة الجمارك العالمية ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، وحصلت على العضوية الكاملة في محكمة التحكيم الدائمة. ووقعت دولة فلسطين 55 اتفاقية دولية تم ابرامها تحت رعاية الأمم المتحدة، بما فيها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية، اتفاقية مناهضة التمييز في التعليم، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتعديلاته بشأن جريمة العدوان والعهدين الدوليين بشأن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، اتفاقية حقوق الطفل، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي إنتاج المواد الإباحية، البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، البروتوكول المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق، اتفاقية لاهاي الرابعة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية ومرفقها: اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. (عن موقع وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية وفا).

الاعتراف سيد الأدلة.. على أن فلسطين دولة
في الوقت الحالي، تتمتع فلسطين بمركز قانوني في الأمم المتحدة يسمح لها بالمشاركة في جميع أعمال المنظمة في أجهزتها وهيئاتها الرئيسية والجمعية العامة ولجانها الست ومجلس الأمن، باستثناء التصويت على مشاريع القرارات والمقررات. وبصفتها دولة غير عضو فإن علم فلسطين يرفرف خارج مبنى الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لكنه ليس جزءاً من الترتيب الابجدي لأعلام الدول الأعضاء. أما عضوية فلسطين في المعاهدات الدولية فتعكس وضعها كدولة ذات سيادة في القانون الدولي، وما يترتب على ذلك من حقوق وموجبات. والاعتراف بدولة أو حكومة جديدة هو عمل سيادي سياسي مستقل تقوم به الدول أو الحكومات الأخرى، والأمم المتحدة لا تملك أي سلطة للاعتراف بأي دولة أو حكومة جديدة، وصلاحيتها تنحصر فقط في قبول الأعضاء الجدد أو أن تقبل وثائق تفويض ممثلي الحكومة الجديدة. لذا فإن وجود أو عدم وجود دولة، لا تقرره الأمم المتحدة بل سلوك الدول.
حالياً تعترف 140 من أصل 193 بالدولة الفلسطينية، وكان آخرها باربادوس في 20 نيسان/ ابريل، أي بعد يوم من استخدام الولايات المتحدة لحق النقض. وانتقد وزير خارجية باربادوس تأخر بلاده بالاعتراف بدولة فلسطين حتى الآن، وأكد أن «الوقت حان لتصحيح هذا الخطأ». كما أعلنت اسبانيا وسلوفينيا وايرلندا عن توجهها باتخاذ خطوات نحو الاعتراف بفلسطين.
ماذا بعد رفض طلب عضوية فلسطين الكاملة؟ إذا لم يوص مجلس الامن بقبول الدولة صاحبة الطلب في العضوية أو اجّل النظر في طلبها، عليه أن يقدم إلى الجمعية العامة تقريراً خاصاً مشفوعاً بمحضر كامل لمناقشاته، وللجمعية العامة بعد ان تدرس التقرير دراسة وافية أن تعيد الطلب إلى المجلس، ومعه محضر كامل لمناقشات الجمعية للنظر فيه من جديد وتقديم توصية او تقرير بشأنه.