أحمد واحد من بين آلاف من النازحين الذين اضطروا مع بداية الأحداث في الجنوب إلى ترك قراهم وبيوتهم وأرزاقهم بعد زيادة الاستهداف الصهيوني. وأشار تقرير للمنظمة الدولية للهجرة (IOM) صدر قبل أيام إلى زيادة أعداد النازحين بنسبة 8% بين الثاني والتاسع من كانون الثاني الجاري. وأضاف أن نحو 80% من النازحين يقيمون لدى عائلات مضيفة، و17% استأجروا منازل، وانتقل 1% إلى مساكنهم الثانوية فيما يعيش نحو 2% منهم في مراكز إيواء جماعية.
وقد ألقت الأوضاع السياسية والاقتصادية بثقلها على ملف النازحين. فرغم إصدار حكومة تصريف الأعمال «خطة الطوارئ الوطنية» لحماية المواطنين من تداعيات العدوان الإسرائيلي، الا أن تنفيذها اصطدم بكثير من المعوقات. فاقتصرت المساعدات على بعض المواد الغذائية والطبية بالتعاون مع بعض الجمعيات الأممية، وشكّلت وحدة إدارة الكوارث مركزاً لإدارة شؤون النازحين في مدينة صور، حيث استقبلت بعض المدارس الرسمية عدداً من النازحين وتمّ تأمين المستلزمات الضرورية لهم.
زاد عدد النازحين بنسبة 8% بين الثاني والتاسع من كانون الثاني الجاري
وفي محافظة النبطية، قال عضو المجلس البلدي في المدينة خضر قديح لـ«القوس» إنه «منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني، شكّلنا في النبطية خلية أزمة ضمّت هيئة إدارة الكوارث وفريق التدخل السريع. وبالتعاون مع مجلس الجنوب والأحزاب بدأنا بتأمين وصول النازحين عن قراهم، ومتابعة أمورهم من تأمين بيوت سكنية مجانية وحصص غذائية وأدوات نظافة». وأوضح أن النبطية وجوارها استقبلا 724 عائلة. وأضاف أن الحركة الاجتماعية، بالتعاون مع اليونيسف، عملت على تأمين مقاعد دراسية للطلاب النازحين في المدارس الرسمية ضمن المناطق الآمنة لتأمين استمرارية العام الدراسي. وفي ما خصّ الطبابة، عملت بعض المستشفيات والمراكز الطبية في المنطقة على تأمين طبابة مجانية وبونات صحية وتوزيع بعض الأدوية مجاناً. وفي إطار الدعم النفسي الاجتماعي، «استقبلنا 200 حالة في تشرين الثاني، و211 حالة في كانون الأول».
التضامن والتكافل الجنوبيان انعكسا على الأرض اهتماماً شعبياً بتأمين احتياجات النازحين، فقدّمت عائلات كثيرة منازلها لاستقبال النازحين عن مختلف القرى الحدودية، وتخلّى البعض الآخر عن سكنه وانتقل للعيش مع أقاربه. وتحوّلت اللجان الشعبية في القرى والبلدات في نطاق صور والنبطية إلى خلية نحل تحت إشراف البلديات والأحزاب لمتابعة تأمين الاحتياجات اليومية الضرورية، خصوصاً المواد الغذائية ووسائل التدفئة. كما تولّت جمعيات محلية، من بينها «وتعاونوا» على توزيع مساعدات من حصص غذائية، وفرش، وأدوية.
هذا التكافل أسهم في تخفيف عبء النزوح ومرارته، وساعد النازحين على التأقلم السريع مع الحياة المستجدّة. الحاجّة أم علي الخمسينية والتي نزحت برفقة زوجها إلى إحدى القرى البعيدة نسبياً عن الحدود، تشير إلى أنه رغم مرارة البعد إلا «أنني أشعر وكأنّي بين أهلي وناسي».