رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قال لـ«الأخبار»، ردّاً على سؤال عن تغطيته ضابطاً يُشتبه في فساده ومنع محاسبته: «أتمنى على فرع المعلومات أن يتوقفوا عن تسريب معلومات مغلوطة إلى الصحف. وإن كانوا يُريدون فتح معركة مفتوحة فأنا جاهز لها». وجواباً على أنّ هذه المعلومات يتداولها ضباط وعناصر في قوى الأمن الداخلي جرى توقيفهم من قبل فرع المعلومات وأنّه بهذه الخطوة يُطيح بـ«حملة مكافحة الفساد» في المديرية، قال جنبلاط: «ليتفضلوا ويفتحوا جميع ملفات الفساد إن تجرّأوا». وردّاً على أن التحقيقات واعترافات الموقوفين تُوجب توقيف الضابط، قال: «لم أعد أثق بشيء، وخاصة بعد فضيحة المطار (أول من) أمس. وإن كان أحدٌ منهم يريد أن يلعب دور «القاهرون» (فيلم أُنتج في ستينيات القرن الماضي)، لا أعتقد أن أحداً منهم قادر على ذلك».
عندما وصلت حملة ملاحقة الضباط المشتبه فيهم إلى ضابط جنبلاطي، شكّك نائب الشوف السابق بأداء فرع المعلومات، رغم أنه سبق أن وجّه له تحية عبر حسابه في موقع تويتر قائلاً: «وسط هذه الفوضى السياسية والإدارية والأخبار بأن داتا الاتصالات بيعت لشركة مشبوهة، ووسط هذا التلوث العام من الليطاني إلى الشواطئ، التحية لفرع المعلومات الذي يقوم بعملية تطهير الفاسدين داخلياً وملاحقة المجرمين خارجياً. ليت يتعلم الغير». كذلك فإن جنبلاط نفسه يحاضر في مكافحة الفساد. في نيسان الماضي، وفي حوار مع مغتربين، قال إن «معركتنا في مرحلة ما بعد الانتخابات هي مواجهة الفساد المستشري في الدولة من خلال تحالفات وطنية تواجه أيضاً النظام الطائفي». وفي أحد مواقفه لجريدة الأنباء، اكد انه «لا بدّ من انطلاق معركة مكافحة الفساد وضبط الهدر في مختلف المرافق العامة والإدارات الحكومية والمؤسسات الرسمية».
الرجل نفسه أطلق لاءات ثلاثاً أمام محاسبة الضابط المشتبه فيه: «ممنوع أن تنقلوه من مركزه. ممنوع توقيفه. وممنوع إنزال أي عقوبة بحقّه. وهذا الملف يجب أن يُقفل». وحتى الآن لم يعاقب الضابط. لا يزال يمارس مهامه رئيساً لفرع في المديرية، وهو المنصب الذي يشغله منذ عام 2012، وتطال سلطته كل قطعات الشرطة القضائية.
بدأت القضية، قبل أكثر من شهر، بتوقيف قوى الأمن الشقيقين إيلي وجوزيف ب، المشتبه في كونهما من أبرز «مسهّلي الدعارة» في لبنان. وأوقف معهما عدد كبير من المدنيين والعسكريين، فكشفت إفادات الموقوفين والتحقيقات التقنية وجود قرائن تسمح بالاشتباه في تورط عدد كبير من الضباط والعسكريين في قبض رشى. واعترف موقوفون بأنّهم كانوا يسلّمون مبالغ مالية للعقيد الجنبلاطي، وبأنّهم كانوا ينقلون له مبالغ مالية من مسهّلي الدعارة.
المدير العام لقوى الامن الداخلي يبدو اليوم في موقف حرج للغاية. قبل أشهر، جمع كل العمداء والعقداء في المديرية، وهدد الفاسدين منهم بالقول: «أنا باقٍ في المديرية ست سنوات. الفاسد امامه خياران: إما الرحيل، او أن يخضع للمحاسبة». وحراجة موقفه تنبع من كونه يتباهى بـ«حملة مكافحة الفساد» التي انطلقت قبل أكثر من عام، وادت إلى توقيف عشرات الضباط والأفراد؛ بعضهم ضُبط بمخالفات إدارية ومسلكية، فعاقبته المديرية. أما من اشتبه في ارتكابهم جنحاً وجنايات، فأحيلوا على القضاء. عدم اتخاذ أي اجراء بحق العقيد الجنبلاطي سينسف هذه الحملة من أساسها، وسيسمح لأي كان بأن يقول إن جميع الذين أوقِفوا سابقاً هم الفاسدون الضعفاء، اما المدعومون، فلن يمس بهم أحد. كما أن عدم استكمال الإجراءات مع الضابط المشتبه فيه، سيؤكد مجدداً أن حملات مكافحة الفساد في المؤسسات الرسمية لا تعدو كونها فولكلوراً يُستخدم لإخفاء واقع أن الأجهزة، امنية وإدارية وقضائية، ليست سوى أذرع للسلطة السياسية، ولزعماء الطوائف، يحدّدون لها دورها وسقفها.
رفع جنبلاط 3 لاءات لحماية المشتبه فيه: لا لتوقيفه، لا لمعاقبته، لا لنقله من مركزه
موقف جنبلاط الذي جمّد أي إجراء بحق المشتبه فيه أتى نافراً، بعدما بدا أن القوى السياسية الأخرى توافقت على السماح للمديرية بتنظيف جسمها من الفاسدين. فقد جرى في الأشهر الماضية توقيف ضباط محسوبين على كل من حركة أمل وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وفيما تدخلت قوى سياسية لحماية ضباط في القضاء، بقيت الإجراءات المسلكية التي اتخذتها المديرية بحق ضباطها وعناصرها خارج نطاق التدخل السياسي الفج. جنبلاط خرج عن سرب زملائه. لكن، لا بد من الإشارة إلى أن «قرار» جنبلاط بعدم المس بالرجل المحسوب عليه، لا يمكن أن يدخل حيّز التنفيذ في المديرية، إلا إذا اقترن بدعم الرئيس سعد الحريري. فعثمان لن يُقفل ملفاً بهذه الخطورة، إلا إذا طلب منه الحريري ذلك. فهل يرضخ المدير العام لقوى الامن الداخلي لضغط جنبلاط - الحريري،ويجهز على الحملة التي يفاخر بها؟ ام انه سيفاجئ مرؤوسيه بقرار يعيد الحملة إلى مسارها؟ الأيام المقبلة تحمل الإجابة.