تُحجز هوية الناخب أو تُتلف حيناً وحيناً آخر يُقسِم الناخب على القرآن أو الإنجيل بأنه سيُعطي صوته لمن دفع له
قد يكون غياب العنوان الواضح للتنافس السياسي سبباً أساسياً، يعززه تراجع حدة الانقسام السياسي عمّا كان عليه عام ٢٠٠٩ جراء أحداث السابع من أيار وقبلها اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وربما أيضاً يأس الناس من الطبقة السياسية الموجودة. كذلك يلعب حجم المال الانتخابي الذي صُرِف آنذاك دوراً رئيسياً في تحفيز الناخب يضاف إلى التحشيد المذهبي. وفيما تحدثت التقديرات آنذاك عن تجاوز المبالغ المالية التي دُفعت لشراء الأصوات سقف المليار دولار، تكشف التقديرات الأمنية اليوم أن الرقم المدفوع خلال هذه الانتخابات أقل من ذلك بكثير. جولة على الماكينات الانتخابية وبحث في التقارير الأمنية التي ترصد عمليات البيع والشراء يكشفان عن تراجع سعر الصوت، إذ إنّ سعر الصوت لم يتجاوز ألف دولار على أكثر المقاعد حساسية. في زحلة، كانت حصة الأسد. وفي كسروان ـــ جبيل وبيروت الثانية والبقاع الغربي أيضاً. وبالطبع في دوائر أخرى، لكن هذه الدوائر الأربع كانت الأكثر نفوراً. التسعيرة بدأت من ٢٠٠ دولار لتصل في أقصاها إلى ألف دولار. هكذا كانت الماكينات الانتخابية و"مفاتيح المرشحين" يطلقون المزايدات. أما الضمانات، فكانت على طريقتين؛ الأولى، تُحجز هوية الناخب أو "تُفرَم" إذا ما ثبُت للمرشح أنّ بائع الصوت هذا من حصة غريمه. لذلك يلجأ إلى هذه الطريقة لحجب الأصوات عنه. أما إذا كان هذا الناخب من الفئة الرمادية بالنسبة إلى المرشح الذي استماله، يُدفع له ليدلي بصوته على أن يحلف اليمين أو يقسِم على القرآن والإنجيل بأنه سيُعطي صوته لمن دفع له.
المعلومات تحدثت عن أسماء برزت مثل عبد الرحيم مراد ومحمد قرعاوي وميشال ضاهر وجورج عقيص ونقولا فتوش وميريام سكاف ونعمة افرام وسركيس سركيس وفريد هيكل الخازن. تردد أنّ سعر الصوت وصل الى ثلاثة آلاف دولار في كسروان، لكن المعلومات الأمنية نفت ذلك، مؤكدة أنّ سعر الصوت لم يتخطّ عتبة الألف. وحصل في إحدى البلدات البقاعية أن أصدر أحد المشايخ فتوى تبيح بيع الصوت للناخب مقابل مبلغ مالي يقي من الجوع.
لكن، أمام ضخ الأموال، لم تجد القوى الأمنية في جميع الأراضي اللبنانية سوى شابين في البقاع الاوسط، أوقفتهما قبل أيام، بتهمة شراء أصوات الناخبين وحجز الهويات.