مقالات مرتبطة
رافقت انطلاق ليندركينغ إلى المنطقة حملةٌ إعلامية واسعة تُروّج لمبادرة سياسية لوقف الحرب
الطرح الأميركي الذي قُدّم إلى وفد صنعاء من خلال الوسيط العماني لم يقدّم جديداً عن المرّات السابقة، وهذا ما عبّر عنه عضو الوفد، عبد الملك العجري، بالقول إن المبعوثَين الأميركي والأممي «عادا من مسقط بخُفَّي حُنين، والأصحّ أنهما جاءا بخُفَّي حُنين». والجدير ذكره أن المبادرات المقدَّمة سابقاً وحالياً من قِبَل المبعوثَين الأميركي والأممي ترتكز إلى الموافقات المشروطة على فتح مطار صنعاء برحلات محدّدة إلى عواصم إقليمية مشاركة في العدوان، وكذلك السماح بتدفّق البضائع والمشتقّات النفطية إلى ميناء الحديدة بعد نيل التصاريح الخاصة من الأمم المتحدة والخضوع لآلية التفتيش المعمول بها راهناً. أمّا في المضمون السياسي لتلك المبادرات، فيمكن الحديث عن ثلاث ركائز رئيسة:
1- نقل السعودية من كونها قائدة للحرب إلى وسيط سلام بين الأطراف المحلية، مع ما في ذلك من تجاوز لوقائع الجرائم المرتكبة بحق اليمن وشعبه.
2- منع اليمن من استثمار مصادر قوته وموارده وتوظيفها في تنمية البلد وازدهاره؛ إذ إن المبادرات الحالية أو القرارات الدولية اللاحقة إن صدرت، ستُركّز على تحكّم دول العدوان، ومن ورائها واشنطن، بقرار السلم والحرب (أي البقاء في مرحلة اللاحرب واللاسلم)، وتقويض السيادة الوطنية للبلد من خلال السيطرة على المرافق الجوّية والبحرية والبرّية.
3- اعتبار تحرير مأرب من قِبَل قوات صنعاء دفناً للعملية السياسية، وتعقيداً لأيّ حلول مستقبلية في اليمن، بالنظر إلى ما سيعنيه تحريرها من انعكاس على مستقبل الحرب برمّتها، وسقوط ورقة ما يُسمّى «الشرعية» التي تتّخذ من مأرب مركزاً عسكرياً واقتصادياً رئيساً.
وعقب فشل المباحثات في مسقط، ومغادرة المبعوثَين الأميركي والأممي إلى الرياض مجدّداً مساء أمس، غرّد رئيس وفد صنعاء التفاوضي، محمد عبد السلام، على «تويتر» بالقول: «يتحدّثون عن معركة جزئية ويتركون اليمن محاصَراً، هذا اختزال للصراع لا يعالج مشكلة بل يفاقمها، ولا يفيد في تحقيق السلام بل يطيل أمد الحرب، وأيّ نشاط مستجدّ لمجلس الأمن لن يكون قابلاً للتحقُّق إلّا ما يلبّي مصلحة اليمن ويراعي حقّه في الأمن والسيادة».
بالتوازي مع ذلك، ذكرت أوساط إعلامية قريبة من التحالف السعودي - الإماراتي أن وفد صنعاء رفض بند وقف إطلاق النار الشامل الذي تشترطه المبادرة السعودية. كما رفض الإعلان الأممي المشترك. وجدّد، في المقابل، مطالبته بوقف الغارات الجوية نظير وقف الهجمات بالطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية في العمق السعودي فقط، رافضاً في الوقت نفسه الحديث عن الهجوم على مدينة مأرب. وما تجدر الإشارة إليه، هنا، هو أن السياسة التفاوضية اليمنية قائمة على فصل المسار الإنساني عن بقية المسارات، ولذا فمن غير الوارد أبداً المقايضة على رفع الحصار كاملاً، بل إن الوفد اليمني ليس مُخوَّلاً الدخول في الحديث عن الجانب السياسي أو العسكري قبل الانتهاء من مسألة رفع الحصار من دون شروط.
يُذكر أن الجهود الرامية إلى وقف الحرب تكثّفت منذ ما قبل وصول ليندركينع إلى المنطقة، حيث قدّم في خضمّها السعوديون تنازلات وصلت إلى حدّ موافقتهم الكاملة على مبادرة رئيس «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، مهدي المشاط، والتي طُرحت في خريف العام الماضي، في شأن مأرب (راجع «الأخبار»، عدد السبت 10 نيسان 2021). على أن السعودية، ومن خلفها الولايات المتحدة وبريطانيا، لم تُقدّم بعد الضمانات اللازمة للسير في مبادرة المشاط أو أيّ مبادرة أخرى، الأمر الذي يثير الشكوك لدى صنعاء في صدقية نيّات التحالف السعودي - الإماراتي، وخصوصاً أن التجارب السابقة أظهرت تملّص الأخير من تعهّداته عندما تتحقّق مآربه.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا