هكذا، حضر عدد محدود من الشباب وغابت رموز الثقافة الوطنية التي لطالما وقفت في صف المقاومة ضد العدو والتطبيع معه، باستثناء الروائيين وحيد الطويلة وطارق إمام والشاعر زين العابدين فؤاد. في هذا السياق، فسّر بعض المشاركين غياب المثقفين بأنّ أغلبهم وقع في أسر مقولات النظام وأجهزة إعلامه التي رفعت شعار «الحرب على الإرهاب» منذ 30 حزيران (يونيو) 2013 وسقوط حكم الإخوان. واتهمت سلطة الجنرال عبد الفتاح السيسي جماعة الإخوان وفصائلها في بعض الدول العربية، بخاصة «حماس» بالوقوف وراء أعمال العنف التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية. الفلسطيني كان أكثر المتهمين بممارسة الإرهاب، عززت ذلك عشرات البيانات من وزارة الداخلية المصرية التي تتهم فلسطينيين (لم تسمهم ولم تكشف عن أكثرهم حتى الآن) بالضلوع في أعمال إرهابية، بخاصة في شمال سيناء، ما دفع المثقفين إلى اعتبار الوقوف بجانب المقاومة في معركتها ضد الكيان الصهيوني اصطفافاً بجانب «الإرهاب المتأسلم» أو الإسلام السياسي في بعده الإرهابي.
فعلياً، لم يسقط المثقفون في مدح الكيان أو تأييد جرائم الاحتلال مثلما فعل بعض الإعلاميين كتوفيق عكاشة والمذيعة أماني الخياط والراحلة عزة سامي نائبة رئيس تحرير صحيفة «الأهرام». إلا أنّ بعض الأكاديميين لم ينج من ترديد الرواية الصهيونية عن فصائل المقاومة على رأسها «حماس». كتب أستاذ الفلسفة في «جامعة القاهرة» علي مبروك على الفايسبوك «حان الوقت لنعترف أنّ «حماس» أصبحت عبئاً على القضية الفلسطينية».
مشاركة وحيد الطويلة وطارق
إمام والشاعر زين العابدين فؤاد
على الضفة الأخرى، أوضح المشاركون في الوقفة أن الظرف الراهن مفصلي وفاضح للخطابات الادعائية ولأصحابها أيضاً، فالمثقفون الذين هبوا في أواخر السبعينيات لتأسيس اللجنة الوطنية للدفاع عن الثقافة القومية ومقاومة التطبيع عقب توقيع معاهدة كامب ديفيد، اكتفوا بتسجيل حضورهم بالاحتجاج ضد العدوان على مواقع التواصل، ما يعني أن النخبة الحالية ترى في التضامن الافتراضي مع القضايا العربية السبيل الأول والأوحد، وهو ما أكّده وحيد الطويلة الذي طالب بفض الوقفة بسبب قلّة العدد. ورأى أنّ القيمة الرمزية هي الأهم، مشدداً على نشر الصور على شبكات التواصل لحفظ ماء الوجه المصري وإعلان تضامن كتاب مصر «الغائبين» مع الشعب الفلسطيني!