لكنّ الأشقر تعتبر أنّ القطاع المسرحي لا يمكنه الاستمرار بالشكل الحالي: «المسرح في العالم جزء من متطلّبات الحياة والمجتمع، وهو مدعوم كلياً في أوروبا. يهتمون جداً لاستمرارية المسرح ويريدون أن يكتب المبدعون ويعمل المخرجون ويعبّر الفنانون، وأن تبقى حريّة التعبير بواسطة هذا الفن الرائد القديم، لكن هناك مَن اعتقد أنّ «زووم» وفايسبوك وإنستغرام تشعرك بالاستغناء عن المسرح، ولكن التجمّع في المسرح لا يغني عنه شيء آخر، فهو تجمّع حميم بين الفنان وجمهوره، وهذا اللقاء المستمر عبر العصور يجب أن يبقى».
تعتبر الأشقر أنّ الدولة اللبنانية لا تولي أي أهمية للثقافة والفنون «بل تعتبرها تهريجاً ولا تحدّد موازنة كبيرة للثقافة كما يحصل في العالم. لقد جعلت الدولة هنا الثقافة والفنون مشاريع فردية في حين أنّ سبل صمود المسرح هو دعم توفّره دولة مستقلة تحترم التعبير وحقوق الإنسان. ومنذ أسّست «مسرح المدينة» حتى يومنا هذا، لم نرفع أسعار تذاكرنا، لأنّ المسرح للشعب». إذاً من أين ستصل المساعدات؟ تجيب الأشقر أنّ أكبر مساعدة وصلت إلى المسرح هي 30000 دولار، ومصاريف المسرح السنوية هي تقريباً 300000 دولار (إيجار وكهرباء وماء وموتور وصيانة). إنّ ثمن مصباح واحد في المسرح خمسون دولاراً، هذا الفن باهظ الثمن، ويجب الأخذ في الاعتبار أنّ لبنان لن يستطيع لعشرات السنين المقبلة الوقوف على رجليه إلا إذا غيّر نظامه وتركيبته السياسية».
ورداً على ما يقوله بعضهم عن وجوب إعلان موت المسرح بشكله التقليدي وضرورة استخدام وسائط متعدّدة، تجيب الأشقر: «فليعبّر كلّ شخص بالطريقة التي يريدها، هناك أنواع عدّة من المسرح ويجب أن تكون موجودة. المسرح لا يموت على الإطلاق، والبرهان أنّه رغم كلّ ما حصل من تنكيل للمسرح في العالم العربي على مرّ الأزمنة، ما زال المخرجون يجدون طرقاً عدّة للتعبير عن أنفسهم. التعبير عن النفس وتخيّل حياة أفضل والتعبير عن هذا التخيّل هو طلب إنساني اجتماعي ضروري».
«مش من زمان» يخبر قصتي بطريقة مختلفة جداً ومن دون حزن (ن. أ)
وعن مبادرة «حسن الجوار» التي تقدّم مع «مسرح المدينة» عدداً من العروض الفنية في فترة الميلاد ورأس السنة، تقول الأشقر: «المبادرة مميّزة جداً ومنى حلاق قامت بمجهود كبير لنعمل معاً. والعمل المشترك مهم جداً في المرحلة الحالية. كثيرون شاركوا في مبادرة «حسن الجوار» في شارع الحمرا من تجّار وعمّال وناس عاديين. إذا تكاتفنا أكثر، نصل إلى حسن جوار وإلى حياة أفضل». وعن السيرة الذاتية المغناة «مش من زمان» التي كتبتها وأخرجتها، وستقدّمها مساء 27 من الشهر الحالي، بمشاركة خالد العبدلله (تأليف موسيقى، عود وغناء) ومحمد عقيل (عود وغناء) وإبراهيم عقيل (ناي) ونبيل الأحمر (إيقاع)، تقول الأشقر: «كتبتُ النّص في العام 2016 ثمّ حوّلته إلى عمل مختلف. يحكي العرض عن طفولتي وحياتي في قريتي، وعن أمي وأبي، ولماذا أصبحتُ امرأة مسرح. هذه الطفولة المختلفة تحوي الكثير من الشجاعة في ظلّ أبوين مغامرين ووطنيين ومندفعين لتغيير الحياة إلى الأفضل. كنّا كأطفال ندفع الثمن في غياب أهلنا. غيابهم في السجون أو حين كانوا يختبئون. «مش من زمان» يخبر قصتي بطريقة مختلفة جداً ومن دون حزن. لقد جعل من حياتي الصعبة مغنّاة أروي فيها حياتي ونغنّيها مع موسيقيين رائعين. نخبر ونغنّي قصّتي إلى حين وصولي إلى عالم المسرح على مدى ساعة وخمس دقائق». وتعلّق الأشقر هنا: «إنّ تذاكر الحفلة غالية الثمن (نصف مليون ليرة لبنانية ومليون ليرة لبنانية) لأنّها ستكون دعماً لـ «مسرح المدينة». من خلال هذه التذاكر، سندفع كلّ المستحقات المترتّبة على المسرح. وأقدّم اعتذاراً من الجمهور لأنّ المواطن لا يستطيع تحمّل هذه الكلفة في ظلّ هذه الظروف، لكنّ الأسعار هي لمَن يستطيع الدفع لدعم المسرح، وسنقدّم حفلة أخرى بالأسعار العادية». تتمنى الأشقر في الختام «أن نبدأ حياة جديدة العام المقبل بطريقة أفضل مع العلم أنّني لا أعرف كيف السبيل إلى ذلك».
* «مش من زمان»: الاثنين 27 كانون الأول (ديسمبر) ــ «مسرح المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 01/753010