لا تعود اللوحة فناً خالصاً، ولا يعود الزائر متلقياً حيادياً. كأن الفنان يرسم ما يحيط بنا وما يتنفس في غفلة عنا. إنها تفاصيل صغيرة ومهملة تشبه تلك التي تُمتدح في الشعر اليومي وقصيدة التفاصيل. لا تطمح اللوحات إلى أن تكون قصائد، ولكنها لا تنجو من شعرية خافتة تتدخل في صياغتها. بهذه النظرة، نتأمل لوحة لملاقط غسيل، وامرأة جالسة على كرسي، وإبريق شاي محاطاً بفناجين، وبورتريه لصديق، وامرأة قرب حوض سباحة، وأصيصاً لنبة، وقططاً حول حاوية قمامة.
ثم ننتقل إلى سلسلة لوحات لعصافير سبق للفنان أن راقبها من شرفة منزله، والتقط لها صوراً كثيرة. العصافير المنجزة بأقل ما يمكن من الرسم، تزيّن مجسمات على شكل مزهرية أو آنية يمكن استخدامها في سينوغرافيا منزلية أو مكتبية. إلى جانب ذلك، يجرب الفنان العمل على فكرة الخطوط المنحنية اللامتناهية في رسم متاهة من دوائر وأشكال متداخلة تفوح منها مذاقات تجريدية. التجريب يظهر على شكل ساعات حائط، وفي تجريدات صافية زرقاء وصفراء، وفي تحية لبيروت التي يُستثمر اسمها في صنع مجسمات حروفية. في كل ذلك، يبدو كميل حوا مفتوناً بفن اللوحة الصغيرة، وبالحضور الحميمي للأشياء والموجودات، بينما نوستالجيا بيروتية تصنع له صلة وصل بين عوالم لوحاته، وحياته الموزعة بين الذاكرة والحاضر.
دوائر وأشكال متداخلة تفوح منها مذاقات تجريدية
Drawing the line: حتى مساء غد الأحد ــ «غاليري 169» (الصيفي). للاستعلام: 01/980650