مقالات مرتبطة
يبدو بكاري مشغولاً بالأمازيغية، الحاضر الغائب في المشهد المغربي. إذا كانت الأمازيغية الرافد الأول للعديد من الكتاب المغاربة، كلغة أم وهوية ومعيش، إلا أنّها تتوارى إلى الخلف في أعمال كثيرين، بخاصة ممن يكتبون بالعربية. هنا يستعيدها بكاري بقوة من خلال العنوان «نوميديا»، في استعارة لاسم المملكة الأمازيغية لشمال افريقيا، والعودة الى قرية اغرم، مهد صبا البطل، وقصة عشقه للمرأة التي تستطيع وحدها تحقيق خلاصه، إلى جانب اسمه الأصلي «اوداد». بهذا يحقق السرد شكلاً من الاستعادة لهذا الارث التاريخي والهوياتي، لكنه يسقط أحياناً في نوع من الخطابة التي تتجاوز السرد، إلى اطلاق احكام عامة على المكان. ولولا بضعة تفاصيل، لاعتقدنا أننا أمام أي قرية من قرى المغرب. خاصية تتجاوز رواية بكاري إلى بعض الأعمال الأخرى المشاركة في «بوكر» هذه السنة. المكان في الكثير من هذه الكتابات، يظل حيادياً، ولا ينفذ السرد إلى عمقه إلا نادراً. تغيب الكتابة البصرية لصالح وصف جواني يجعل المكان مجرد تأثيث لمعاناة السارد. رغم الملاحظات التي قد نعيبها على الرواية، إلا أنها لا تنتقص من قيمتها. بكاري كاتب موهوب يمكن أن يضع قدمه بقوة في الكتابة المغربية والعربية المعاصرة.
«نوميديا» ـ دار الآداب