ليال حداد
دفعةً واحدة، وفي أقلّ من أسبوع، خرج رجال الدين من مختلف الطوائف ليدينوا البرامج التلفزيونية التي تروّج «للفسق والفحش والبذاءة». ولم تتأخّر بعض الأصوات الإعلامية في ملاقاة هؤلاء، مهاجمة البرامج التي تُفسد «أخلاق المجتمع اللبناني» (القاصر؟). إذاً، تكتّل الجميع ضدّ بعض البرامج (المقصود هنا مباشرة هو برنامج LOL على OTV)، في وضع يذكّر بما كانت عليه الحال في القرون الوسطى، حين كان رجال الدين سيفاً مصلتاً على أعناق شعوبهم، يُفتون في كل شاردة وواردة ويحذّرون رعاياهم من مغبّة الخروج من «الحظيرة».
وسط تصاعد الأصوات والجدل ـــــ وبعد غياب طويل ــــــ يعقد «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» جلسة لمناقشة هذا الملفّ عند الحادية عشرة من صباح اليوم، على أن يلي الجلسة اجتماع مع ممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة عند الظهر، في مقر المجلس في وزارة الإعلام (الحمرا ـــــ بيروت).
ما هو القرار الذي سيصدر عن الجلسة؟ وهل يمكن المجلس أن يطالب بإيقاف هذه البرامج (البرنامج المعني أساساً هو «لول» على OTV)؟ وهل يتضامن ممثلو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة مع زملائهم «المستهدفين»؟ أم يتّخذ «المجلس الوطني...» موقفاً مدافعاً عن كل المحطات في وجه الهجمة الدينية الشرسة التي تتعرّض لها؟
طبعاً لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة قبل انعقاد الجلسة، إلا أنّ دفاع المجلس عن هذه البرامج يبدو مستبعداً. بل إنّ رئيسه عبد الهادي محفوظ لم يتردّد في توجيه نداء إلى رجال الدين بهدف وضع حدّ لهذا النمط من البرامج، «يا ليت رجال الدين يتدخّلون أقلّه في هذه الحالة، لمنع الترويج وانتشار هذا النوع من البرامج» يقول عبد الهادي محفوظ في حديث لـ«الأخبار». ولا حاجة هنا للتذكير بالبيان الصادر عن عضوة المجلس ريتا شرارة منتصف الأسبوع الماضي (راجع «الأخبار» عدد 1011) الذي تبيّن لاحقاً أنها أصدرته، على أثر مناشدات من كهنة ورجال دين ـــــ تحديداً على شاشة «تيلي لوميار» ـــــ كما أوضح الأب جوزيف سويد في حلقة برنامج «للنشر» مع طوني خليفة على «الجديد» أول من أمس السبت.
كذلك يُستبعد صدور قرار بوقف البرنامج، وخصوصاً أنّ المجلس يتمتّع بصفة استشارية فقط لا غير، بينما القرار النهائي يبقى في يد وزارة الإعلام. وبغضّ النظر عن الموقف الذي سيصدر اليوم، فإنّ هذه الأزمة فضحت الكثير من العورات التي تشوب «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» وطرحت علامات استفهام عدّة حول دوره: هل هو إطار مؤسساتي لحماية الإعلاميين والدفاع عنهم، أم وسيلة للضغط والحدّ من الحريّات؟
من جهة أخرى، يبدو أن المجلس وجد في هذه الحملة فرصةً لإثبات وجوده، ويجتمع من جديد بعدما كان عمله معطّلاً، إثر الانقسام السياسي الحاد في السنوات الأربع الأخيرة، إذ عجز المجلس عن إصدار أي قرار يتعلّق بالتحريض السياسي والطائفي المخيف الذي كانت التلفزيونات تبثّه في تلك الفترة... ولم نسمعه يُطلق موقفاً إزاء موجات الصرف الجماعي التي شهدها عدد من التلفزيونات والصحف اللبنانية في الآونة الأخيرة.
لكن موقف المجلس «المنزعج» من البرامج «الفاسقة»، لم يكن يتيماً. بل إنّ حملة إعلامية انهالت بالنقد على هذه البرامج. هكذا، خصص طوني خليفة إحدى فقرات حلقة أول من أمس من برنامج «للنشر» لمناقشة الموضوع.
عبد الهادي محفوظ دعا رجال الدين إلى التدخّل لوقف هذه البرامج
هل هي إذاً الخلفية السياسية التي تقف خلف هذه الحملة؟ «لا أظنّ ذلك، بل الأرجح أنها خلفية عملية وتنافسية» يقول مدير البرامج في المحطة البرتقالية، باتريك باسيل لـ«الأخبار». ويؤكّد أن المحطة تحت القانون في أي قرار يصدر، مستبعداً وقف البرنامج.
«كلمجني» وين؟
تزامناً مع انطلاق الحملات الدينية والإعلامية المحرّضة ضدّ «البرامج المخلة بالآداب العامة»، توقّفت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عن عرض برنامج النكات «كلمنجي»، وعرضت الأسبوع الماضي إحدى الحلقات القديمة، فيما تعرض هذا الأربعاء (20:45) best of البرنامج. وفيما نفى المكتب الإعلامي في المحطة أن يكون لتوقّف البرنامج علاقة بهذه الحملة، تردّدت أنباء عن خلاف بين مخرج البرنامج بيتر خوري (الصورة) وإدارة المحطة، من دون تعلن هذه الأخيرة أي معلومة متعلقة بالموضوع.