وفي هذا السياق، يقول قيادي في «التيار الصدري» إنّ الصدر بات يهتم بالقواعد الشعبية أكثر من ذي قبل، من نواحي التعليم والتثقيف والتعبئة الفكرية على مسارين ديني وسياسي. ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «زيارة الصدر إلى النجف كانت مغايرة للزيارات السابقة، من ناحيتَي الاستقبال والتوقيت، فكل الذين يستقبلهم السيستاني في البراني هم من السياسيين والضيوف الأجانب، إلا السيد الصدر كان استثنائياً باللقاء الذي عُقد هناك». ويلفت إلى أن «بوادر العودة موجودة، لكن متى وكيف تكون؟ أعتقد أنه لا أحد يعرف ذلك سوى السيد الصدر. أما ما يثار عن وجود تواصل بين المالكي والصدر بشأن التحالف ضد رئيس الحكومة في الانتخابات، فهذا محض هراء، والكل يعرف أن السوداني أقرب إلى الصدر من غيره». ويتابع أن «هناك رسائل كثيرة ووفوداً وصلت إلى السيد الصدر وتحديداً من الإطار التنسيقي، بما في ذلك ائتلاف دولة القانون، بشأن العودة والمشاركة، إلا أنّ هذا كله لم يقتنع به السيد، ولا يقتنع أصلاً بحكومة الإطار التنسيقي».
ستكون هناك انطلاقة لمشروع صدري جديد لن يعود إلى خلطة العطّار ولكنه لن يترك الساحة للفاسدين والتدخل الخارجي
وعلى المستوى نفسه، تفيد مصادر من «التيار الصدري» بأن «هناك توجيهاً من الصدر بتنظيم القواعد الشعبية وتوزيعها على الرقعة الجغرافية، فضلاً عن جمع بياناتها من نواحي العمر والمستوى التعليمي والتوزيع المناطقي». وتضيف المصادر أن «التركيز حالياً ينصبّ على تطوير الإعلام الخاص بالتيار الصدري وسرايا السلام لجهة نشر تدريبات الذراع العسكرية وتجهيزاتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وأيضاً، هناك فرق إعلامية تردّ على الشائعات التي تصدر من أطراف مناهضة للصدر».
في المقابل، يرى القيادي في «الإطار التنسيقي»، عائد الهلالي، أن «التحركات الأخيرة للصدر أثارت الكثير من التساؤلات، فالبعض أرعبته هذه التحركات، والبعض الآخر فرح كثيراً بها، لكن هذا لا يؤشر إلى عودة التيار إلى العملية السياسية»، معتبراً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «ما يجري الآن هو فقط ترميم البيت الداخلي للتيار». ويلفت إلى أن «المطالب التي وضعها الصدر من أجل البقاء في العملية السياسية قبل اعتزاله لم تتحقّق بعد، والأسباب التي دفعته إلى الابتعاد ما زالت قائمة، وبالتالي لا يمكن التكهّن بعودته»، مضيفاً أن «الحديث عن انتخابات مبكرة مجرد تسويق إعلامي له غايات محددة ومدلولات»، مشيراً إلى أنه يمتلك «معلومات مؤكدة جداً حول عدم إجراء انتخابات مبكرة في ظل الظروف السياسية الحالية». ويستبعد الهلالي وجود تواصل بين التيار و«دولة القانون» من جهة، وبين الأخير و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» من جهة ثانية، «لأنّ هناك خلافات سياسية بين تلك الأطراف ولا يمكن توحيد خطابها».
من جهته، يعتقد المحلل السياسي، رافد العطواني، القريب من «التيار الصدري»، أن ما يجري «بداية لإنهاء الاعتكاف. ويسبق هذه الخطوة ترتيب أوراق البيت الصدري. وستكون هناك انطلاقة لمشروع صدري جديد لن يعود إلى خلطة العطار، وفي الوقت نفسه لن يترك الساحة السياسية للفاسدين والتدخل الخارجي». ويؤكد العطواني، لـ«الأخبار»، أنه «لن تكون هناك عودة إلى فكرة المحاصصة، وكذلك يجب أن يكون هناك حل لجميع المشكلات الموجودة، ومنها الملف الاقتصادي، وتواجد القوات الأميركية والتدخل الخارجي... هذه ملفات تجب إعادة صياغتها مرة أخرى بمشروع جديد. إذا اتفقوا معه سيعود في الانتخابات بتحالف، وإن لم يتفقوا معه، سيدخل في العملية الانتخابية بفكرة المعارضة داخل قبة البرلمان». ويشير إلى أن ثمة وساطات للتقارب مع «دول القانون»، مستدركاً بأن «الأمور لم تنضج بعد»، مشدداً على أن «التقارب يمكن أن يكون حاضراً في رؤية وطنية، بوثيقة، بإعلان لتغيير سياسة دولة القانون. أما غزل السيد المالكي عبر وسائل الإعلام، فهو نوع من أنواع الضغط على الإطار التنسيقي». ويرى أن «غياب التيار الصدري أضعف المفاوض الشيعي والمفاوض العراقي مع الجانب الأميركي. هذا الملف أحرج الإطار التنسيقي».