ويعتقد المسؤولون الأمنيون في إسرائيل أن حركة «حماس» وفصائل المقاومة قد تجد في شهر رمضان فرصةً حقيقية لإشعال الضفة والقدس والداخل المحتلّ، وخلق مواجهة شاملة. ولذلك، يقولون إن تنفيذ تلك التوصيات، إضافةً إلى إنجاز صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة في غزة يؤديان إلى وقف لإطلاق النار لأسابيع، «سيسهّلان أيضاً الحفاظ على الهدوء والسلام في الضفة الغربية خلال الشهر الأكثر انفجاراً في العام (رمضان)».
يعتقد المسؤولون الأمنيون في إسرائيل أن فصائل المقاومة قد تجد في شهر رمضان فرصةً حقيقية لإشعال الضفة والقدس والداخل المحتلّ
لكن هذه التوجّهات لا تعني أبداً تخفيف حدّة القبضة الأمنية والاقتحامات والاعتداءات في الضفة، وخاصة في المرحلة المقبلة (مرحلة ما بعد الحرب على غزة). وفي هذا الإطار، يرى مدير مركز «يبوس» للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، سليمان بشارات، في حديث إلى «الأخبار»، أن الرؤية الإسرائيلية للضفة الغربية تقوم على مقاربتَين: الأولى أمنية، بدأت منذ احتلال الضفة، وتتعامل مع الأخيرة بصفتها تهديداً أمنياً دائماً، ولذلك فهي تقدم البعد الأمني، وهو ما يترجم بعمليات القتل والاغتيال والاعتقالات وإقامة الحواجز وعزل مدن الضفة وفصل بعضها عن بعض. ويلفت بشارات إلى أن «الاحتلال يدرك أن الضفة بمخزونها البشري، وقربها الجغرافي من المستوطنات والمواقع العسكرية، والأرض المحتلّة عام 48، تمثل خطراً أمنياً أساسياً، ولذا، أقامت جدار الفصل العنصري في الانتفاضة الثانية للحدّ من الخطر الأمني، وهذا ما يفسر السلوك الإسرائيلي أخيراً أيضاً».
أمّا المقاربة الثانية، فهي تلك السياسية؛ «فالضفة الغربية حتى مع توقيع اتفاق أوسلو بقيت محلّ أطماع المشروع الصهيوني. ولهذا السبب، قسّمت إلى مناطق، ولم يكن غريباً أن 60% بقيت تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل، ولذلك رأينا التجذّر والتوسّع الاستيطاني خلال السنوات الماضية، والذي يُعدّ ترجمة لتلك الأطماع، وهو ما سيستمر في المرحلة المقبلة». ووفق بشارات، فإن «استمرار الاحتلال في هذه السياسة هدفه تحقيق مفهوم الدولة اليهودية المستقبلية، التي أعلن عنها نتنياهو وحدّدها سموتريتش تحت عنوان حسم الصراع، أي ضمّ الضفة وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، وعدم منح هؤلاء أيّ أمل في مسار سياسي يفضي إلى دولة أو كيان سياسي». ويرجح أن «تستمرّ إسرائيل في هاتَين المقاربتَين خلال السنوات المقبلة، كونهما ركيزة الفكر الإسرائيلي إزاء الضفة، التي ستبقى بالنسبة إلى إسرائيل الجبهة الأكثر خطورة».
من جانبة، يقول المختصّ في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش، لـ»الأخبار»، إن «التعامل الإسرائيلي مع الضفة يرتكز على المعاملة الأمنية، وحالياً هناك توجّه قويّ عنوانه أن الفترة الحالية مناسبة لتصفية الحساب مع الضفة، وإنجاز أجندات ومشاريع مؤجلة، أهمّها المشروع الاستيطاني الذي يدفع به اليمين الإسرائيلي مستغلّاً الحرب على غزة. والمسألة الأخرى هي أن إسرائيل تخشى من انفتاح جبهة عريضة في الضفة تشكّل جبهة ثالثة إلى جانب جبهتَي غزة ولبنان، ولذلك هم يقمعون بقوّة أيّ حالة مقاومة أو نضال وطني، وهذا ما رأيناه في مخيمات الضفة». ويشير أبو غوش إلى أن «الحرب والتصعيد في الضفة تترتّب عليهما خشية لدى إسرائيل من تداعياتهما الإقليمية. من هنا، جاءت التحذيرات من أنّ انفجار الضفة ليس في مصلحة إسرائيل، توازياً مع تحذيرات أميركية ودولية، لكن اليمين المتطرّف برئاسة نتنياهو الذي يدعو إلى حسم الصراع في الضفة يبدو أنه يسير في تنفيذ تلك الرؤية».