دمشق | لم يكن أداء الحكومات السورية متناسباً مع حجم التضحيات والخسائر التي تكبّدتها بعض العائلات السورية، ولا سيما تلك التي فقدت أحد أبنائها، أو أكثر في بعض الحالات، خلال أدائهم خدمة العلم في صفوف الجيش. وتتدرج معاناة أهالي الشهداء، من البيروقراطية في عملية تسجيل الشهيد في مكتب شؤون الشهداء، والمماطلة في تقديم المساعدات والمعونات، وصولاً إلى إغراقهم في دوامة مهرجانات التكريم التي يؤكد فايز، والد أحد الشهداء المدنيين، أنها ليست سوى «ترويج بأن الحكومة تقوم بكامل واجباتها.
فمنذ استشهاد ابني الوحيد (باسل) دُعيت أسرتي إلى سبع حفلات تكريم، من دون أن يفكر أحد بتقديم الدعم المادي المعلن عنه». ويتساءل فايز: «في كل مهرجان يخرج أحد المسؤولين ليقول إنّ هناك دعماً مقدماً لنا، فأين يذهب هذا الدعم؟».
في السياق نفسه، تروي «أم ثائر»، العاملة الإدارية في وزارة الاقتصاد، تجربتها مع الروتين الإداري والتسويف في أداء مكتب شؤون الشهداء في دمشق: «استشهد ابني الأكبر في إحدى عمليات الجيش، وبعد انتهاء مراسم العزاء قرر والده الذهاب إلى مكتب الشهداء لإصدار وثيقة إثبات شهادة بحثاً عن المساعدة، غير أنه اصطدم بعشرات الأوراق الثبوتية المطلوبة التي يصعب علينا الإتيان بها من قريتنا». وتضيف: «قررت أن أتولى المهمة وأتحمل أعباء السفر. بعد أسابيع من العناء والشقاء لاستكمال الأوراق، قال لنا الموظف إن علينا التوجه إلى مكتب جديد لشؤون الشهداء خاص بوزارة الدفاع لتنظيم معاملة جديدة، وعندها قررنا تدبير أمورنا بأنفسنا».
شركة «سيرياتيل» كانت سباقةً إلى اقتناص الفرصة، فأعلنت عن «برنامج سيرياتيل لدعم أسر شهداء الجيش والقوات المسلحة». في الشكل، يضم البرنامج «فرصاً» لتوظيف فرد من كل عائلة شهيد في الشركة، ودورات مهنية، وماكينات خياطة للسيدات، ومنحاً دراسية في الجامعات السورية الخاصة لعشرة من المتفوقين في الشهادة الثانوية... إلخ. إلا أن الشكاوى لا تنتهي من إهمال الطلبات المقدّمة للاستفادة من إحدى هذه «المبادرات».
لا يهتم أحد المحللين الاقتصاديين، سواء وفت «سيرياتيل» بتعهدها أو لا، فـ«عندما تقول الشركة إننا قررنا ملء شواغر شركتنا من طريق أبناء الشهداء، بدلاً من كافة الناس، فما هي الهبة العظيمة التي تكون قد منحت للشعب السوري إذا كان سيدفع لهؤلاء أجوراً لقاء جهدهم كموظفين وعمال؟!». ويؤكد أنّ «الأمر بالنسبة إلى الشركة هو عملية دعاية وتسويق ذكية، فمن جهة لا يكلف ما ستقدمه سيرياتيل في برنامجها هذا ربع ما ستدفعه لقاء دعاية كبيرة تؤمن لها الهدف نفسه: تلميع صورة سيرياتيل».
يُذكر أنّ العديد من التظاهرات السلمية كانت قد جرت، في بداية الأحداث، بالقرب من فروع «سيرياتيل» في المحافظات، تعبيراً عن رفض الأرباح الهائلة التي تجنيها الشركة لقاء التعرفة المرتفعة للخدمات التي تقدمها، حيث تقدَّر أرباحها بـ14 مليار ليرة سورية خلال عام 2013، مقابل 7.5 مليارات ليرة عام 2012، أي إن أرباح الشركة آخذة بالتضاعف حتى في أحلك ظروف الحرب.
4 تعليق
التعليقات
-
هناك معاناة لذوي الشهاداءهناك معاناة لذوي الشهاداء بالفعل ولا يمكن لأي أحد نكرانها.. ولكن ما هذا الربط العجيب بين هذا وبين ما تقوم به سيريتل؟؟ فإذا استفادت أسر الشهداء من برنامج سيريتل ما المشكلة في القضية؟ وإعطاء الأولوية لابن الشهيد في الحصول على وظيفة أو تدريب أو أو هو بحد ذاته تكريم لابن الشهيد على قدر استطاعة الشركة.
-
للأسف هناك فرق أن تضحي من أجلللأسف هناك فرق أن تضحي من أجل الوطن وبين أن تكون عضو في نظام لتقل أبناء وطنكم لكي يستمر!! الكثير يخلط بين سوريا كوطن وبين الرئيس، فالوطن هو الثابت وكل شيء آخر هو متغير، فالوطن مقدم على مصلحة الأشخاص والاحزاب والطوائف والتحالفات وكل تلك المتغيرات، لذلك نتمنى أن تنتهي معاناة السوريين قريباً بحل يرضي الجميع، فالتعنت والحل الأمني والتأخر في الأستجابة للمطالب أوصلنا لما نحن عليه اليوم، ولا أرى حل إلا بإحداث تغيير حقيقي يعيد سوريا للسوريين مرة آخرى ويخرجها من الصراع العربي الإيراني، فلقد عان الشعب بما فيه الكفاية قتلا وتشريداً وحصاراً، والوطني الحق هو من يقدم مصلحة سوريا وشعبها على مصلحته وبقائه، فالحرب ستطول ولا نهاية قريبة لها تلوح في الآفق ،،، وداعش اليوم تتمدد بشكل قوي وستقضم سوريا كلها، فهاهو النظام عاجز عن حماية قواعده أمام شراستها في القتال، فليتنازل النظام عن كبريائه فهو يقتل ابناء الشعب بأيدي بعضهم البعض، وليجلس مع المعارضة للوصول لحل يرضي الجميع، فهذا التعنت هو تكرار لقصة خلصت وها نحن في السنة الرابعة والجيش والشعب لا يزيد قوة بل ضعف تمزق،، وفي النهاية سيرغم على الجلوس أو سيهرب ولكن بعد دمار سوريا.
-
رحم الله حافظ الأسد والد الشهداء الحقيقينعم هو الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي قدم لمن بذل روحه ودمه على مذبح الشهادة كل التقديمات التي مكنت عائلته وذويه من العيش الحر ... أفهم أن الأعداد كبيرة وهي في تزايد ,, وأفهم أن الضغوط كبيرة على الدولة السورية ...ولكن الذي لاأفهمه هو وجود البيروقراطية في التعامل مع والد مفجوع ووالدة ثكلى أو زوجة فقدت رجلها ودعامتها أو أولاد فقدوا معيلهم !!!! معيب ذلك والله ...حتى في ظل أزمة كبيرة كالتي تعيشها سورية ..ومن يقاوم فليصحح مسيرته أو يعتذر علناإن لم يستطع !!!
-
الحرب لم تعلمنا شيئاً!كنا في أوقات السلم الطويلة في العقود الماضية، ولدى سماع أخبار عن الفساد والبيرقراطية، كنا نتذمر ونقول: "والله هالشعب بدّو حرق كله واستبداله بشعب تاني نظيف لحتى نخلص"! أخيراً، استجاب الله لدعوات الشعب على مدار عقود. فقد تم حرق مدن وقرى وبلدات سوريا بالحديد والنار، وتم تهجير الشعب السوري واستبداله بشذاذ الآفاق الذين جاؤونا من كل بقاع الدنيا... ولكن كل هذا الدمار لم يعلمنا شيئاً. فـ"تمسيح الجوخ" و"الزعبرة" و"حلال ع الشاطر"، كلها مفردات مقدسة في قاموس السوري لا يبدو أنه مستعد للتخلص منها بعد. بدل التعاضد والتكاتف ومساعدة أحدنا الآخر، ظهر تجار الأزمات، وكثر المنافقون. وكما ظهرت مهنة جديدة في بداية الأحداث وهي "ناشط معارض"، تظهر اليوم مهنة مقابلة وهي "ناشط مؤيد"، نيشان استحقاق يعلقه صاحبه على صدره، يعتبر جواز سفر لفعل كل موبقات زمان السلم وزيادة دون رادع ولا أخلاق ولا دين. وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله!