يأتي الجدال حول المسائل الأمنية والقضائية ليُشوّش على ذلك المتّصل بمسار إقرار الدستور
والظاهر أن «النهضة» ستحاول، بأقصى ما تملك، استثمار هذا التطوّر في حشد التعاطف معها؛ إذ اعتبرت إيقاف الجبالي اختطافاً، ثمّ أعلنت دخوله في إضراب عن الطعام. وكانت الحركة سلكت المسار نفسه لدى اعتقال رئيس كتلتها النيابية، نور الدين البحيري، وإخضاعه للإقامة الجبرية، حيث اتّهمت السلطات بتعذيبه وتعريضه لخطر الموت. على أن الجبالي والبحيري ليسا وحدهما مَن تعرّضا للتوقيف؛ إذ يَجري أيضاً التحقيق مع قيادات من أحزاب أخرى على غرار حزب «تحيا تونس» الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، فضلاً عن شخصيات رافقت رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد، في قضايا ظلّت كلّها مفتوحة منذ سنوات، من دون الحسم فيها.
ويأتي الجدال حول المسائل الأمنية والقضائية ليُشوّش على ذلك المتّصل بمسار إقرار الدستور، الذي صاغته اللجنة المُشكَّلة من قِبَل سعيد. وفي آخر تطوّرات هذا المسار، حدّد الرئيس، عبر هيئة الانتخابات، حدود النقاش حول الدستور، وهويّة من يحقّ لهم الانخراط فيه، في ما يمثّل «بدعة» تونسية خالصة. ويشترط سعيد على الراغبين في المناقشة التقدُّم إلى الهيئة وإبداء رغبتهم هذه، ومن ثمّ جمع تواقيع مسانديهم في كلّ منطقة، وفي حال لم يتمّ لهم المطلوب، فسيتعرّض مَن يخوض منهم في هذا الحديث، لعقوبات يصل بعضها إلى السجن. وهكذا، يجري تقييد الحوار العام حول مسألة مفصلية في تقرير مصير البلاد، ليُدعى التونسيون، بعد بضعة أسابيع، إلى التصويت على دستور جديد يكادون لا يعملون منه إلّا بعض الخطوط العريضة.