يسعى باشاغا إلى إظهار قدرته على تحقيق الاستقرار من خلال طرحه مبادرة لبدء حوار وطني
وتُعدّ دعوة باشاغا إلى الحوار جزءاً من مخطّط أوسع يهدف من ورائه إلى التفاوض مع قبائل وعائلات ليبية للحصول على دعمها لخطّته إجراء الانتخابات نهاية العام المقبل بشكل متزامن في مختلف المناطق الليبية، في مقابل وعود بالاهتمام بالبنية التحتية والخدمات المختلفة التي سيجري ضخّ استثمارات حكومية فيها من عائدات بيع النفط. وهي خطّة تهدف إلى مواجهة مخطّطات حكومة الدبيبة، عبر استرضاء الليبيين بالقرارات الشعبوبية التي أعلنها قبل أسابيع وتضمّنت زيادة في الرواتب ومكافآت.
وفيما تتجدّد الاشتباكات المسلّحة في إطار المناورات بين القوات الداعمة لفتحي باشاغا والقوات المساندة لحكومة الدبيبة، سواء على أطراف العاصمة طرابلس أو خارجها، يبقى أن الجزء الأهمّ في هذه المناوشات مرتبط بمدى استمرار تقديم الدعم المالي لهذه القوات على الجبهتَين. ويعمل باشاغا من جهته، على تجفيف منابع الأموال التي تصل إلى حكومة منافسه، ما من شأنه أن يساعده في ممارسة مزيد من الضغوط السياسية عليه، خاصّة بعد استقالة عدد من وزراء حكومته في وقت سابق. لكنّ الدبيبة يدرك طبيعة التحرّكات التي يقوم فيها باشاغا ومن خلفه المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وهو ما دفعه إلى تعزيز تواجد القوات الموالية له في قلْب طرابلس، في الحيّ الحكومي وبالقرب من المصرف المركزي الذي يواجه ضغوطاً من مختلف الأطراف.
وبالعودة إلى مسألة الخلافات السياسية الداخلية وانعكاساتها على الأزمة الليبية، ينتظر فتحي باشاغا الردّ على طلب قدّمه لإجراء زيارة لتركيا ولقاء الرئيس رجب طيب إردوغان الذي رفض الاعتراف بحكومته في وقت سابق. كذلك، ألقت الانقسامات بظلالها على العلاقات المصرية - الجزائرية، في ظلّ اختلاف توجّهات البلدَين. ففي الوقت الذي انحازت فيه القاهرة إلى فتحي باشاغا منذ اللحظة الأولى ودعمت حكومته التي جرى اختيار وزرائها خلال إقامته في العاصمة المصرية، استقبلت الجزائر عبد الحميد الدبيبة ودعمته باعتباره رئيساً معترفاً به للحكومة الليبية. هذه الخلافات بين الأطراف المعنيّة بالملفّ الليبي وانشغال الدول الأوروبية بالأزمة الأوكرانية، جمّدت الضغوط الخارجية على الأطراف المختلفة، في حين يُنظر إلى اجتماعات القاهرة المرتقبة في شأن المسار الدستوري، باعتبارها اجتماعات مفصلية، وأهمّ بكثير من الحديث عن مصير أيّ حكومة.