النظام الإماراتي لا يفعل سوى إظهار وجهه الحقيقي، حينما يؤبّن الجنود الإسرائيليين القتلى
مستوى الأسرلة الإماراتية استفزّ بعض الجيران الذين وجدوا أدوارهم تُسرق من أمامهم، وتحديداً السعودية التي ثبت حتى الآن أنها لا تستطيع التطبيع بسبب عدم إمكانية تقبُّل الشعب السعودي لإسرائيل، ولا يمكنها في الوقت نفسه ترك نظام الإمارات يحصد «مزايا» التطبيع التي تعطيه أدواراً تفوق حجمه. فكلام تركي الفيصل الذي اعتبر فيه أنه «لا يوجد أيّ دليل على الإطلاق على أن استرضاء إسرائيل سيغيّر موقفها»، بدا أنه ينطبق على أبو ظبي تحديداً، ولا سيما أن الدولة الخليجية الصغيرة سبق أن برّرت توقيع «اتفاقات أبراهام» مع العدو، بالقول إنها «تصبّ في مصلحة الفلسطينيين». والأمير السعودي الآتي من عالم المخابرات لا يعبّر عن حرص مبدئي على رفض التطبيع، فهو نفسه من أوائل المطبّعين مع العدو على المستوى الشخصي، وإنّما عن خشية من السبق الإماراتي للاستفادة من «المزايا» التي تتيحها العلاقة مع إسرائيل.
وإذ ستسجّل الإمارات سابقة أخرى بمشاركتها، بطائرات عسكرية هذه المرّة، في العرض الجوّي الذي يقيمه العدو في ذكرى تأسيس الكيان - في وقت يتعرّض فيه المسجد الأقصى في القدس للاستباحة يومياً من قِبَل الإسرائيليين -، بعدما شاركت بطائرات مدنية في عرض أقيم عام 2021، لا يبقى إلّا أن تنخرط عسكرياً في الحرب ضدّ الفلسطينيين حتى تتماهى كلّياً مع الاحتلال. فمن يجرؤ، في ضوء سرعة مسار التطبيع الإماراتي، على استبعاد احتمال كهذا؟ إذ بالنظر إلى الطبيعة الوظيفية للدولة منذ التأسيس، يصبح كلّ شيء مباحاً، سواءً كان مشاركة في العدوان على اليمن الذي استدعت إليه أبو ظبي الطيران الإسرائيلي المسيّر الذي مكّنها من تحقيق الاختراق في شبوة في الأشهر الماضية قبل أن يعيدها القصف اليمني للعمق الإماراتي إلى عقلها، أو بوضع أصبعها في كلّ ساحة من الساحات العربية المشتعلة، من ليبيا إلى العراق، أو حتى الاستثمار مالياً هنا أو حجب الاستثمار هناك.
الإمارات تساهم في استعادة التاريخ الصهيوني كلّه، وكما كان تأسيس ذلك الحيّ في القدس عام 1860، فاتحة المسار الذي مزّق العالم العربي، يريد حكام أبو ظبي أن يكون بناء أوّل حيّ يهودي في الإمارات، فاتحة مرحلة جديدة تسعى إسرائيل خلالها للسيطرة على الجزيرة العربية، بما فيها من ثروات، بحجّة أن اليهود كان لهم وجود وممتلكات في الخليج يريدون استعادتها.